نصب، صباح أمس، الوزير الأول، السيد عبد المالك سلال، لجنة الخبراء المكلفة بإعداد المشروع التمهيدي للقانون المتعلق بمراجعة الدستور. وتم التنصيب بمقر رئاسة الحكومة بحضور الأعضاء الخمسة في اللجنة، وتم إثرها مباشرة بدء الأشغال في جلسة مغلقة. وفي كلمة ألقاها أمام أعضاء اللجنة بالمناسبة ووزعت مكتوبة على الصحفيين، قال سلال إنه منح من طرف رئيس الجمهورية "شرف تنصيب لجنتكم الموقرة، التي تتكون من مختصين في القانون، يشهد لهم بالكفاءة والاقتدار". وإذ هنأ الوزير الأول الخبراء، فانه أكد على "الأهمية البالغة" التي تكتسيها المهمة الموكلة إليهم. وأوضح أن المطلوب من اللجنة القيام بعدة مهام، أولها "دراسة الاقتراحات المتضمنة في الوثيقة الأولية وإبداء وجهة نظرها في محتواها ونسقها العام". للاشارة، تم إعداد هذه الوثيقة من طرف مجموعة عمل أنشئت لهذا الغرض، بعد الاستشارات التي أدارها رئيس مجلس الأمة أولا ثم الوزير الأول ثانيا، وتم جمع الاقتراحات المنبثقة من هذه المشاورات في وثيقة أولية بالاعتماد على "التوجيهات الرئاسية"، كما قال سلال، موضحا أن رئيس الجمهورية كلفه بوضعها بين أيدي أعضاء اللجنة. وخاطب هؤلاء قائلا "وبطبيعة الحال، ستقومون بدراسة هذه الوثيقة الأولية التي تشكل القاعدة الأساسية التي تنطلق منها أعمالكم بالاستقلالية والصرامة المطلوبين". وسيكون من مهام اللجنة كذلك تقديم اقتراحات تراها وجيهة "عند الاقتضاء" بغرض إثراء الوثيقة -كما أشار الوزير الأول- الذي أكد أن اللجنة ستوكل إليها مهمة "إعداد مشروع تمهيدي للقانون المتضمن التعديل الدستوري وإدراج بطبيعة الحال أحكام انتقالية عندما يتطلب ذلك تطبيق مادة من المواد، ضمانا لتطبيقها التدريجي، على أن يكون هذا المشروع التمهيدي مرفقا بمشروع تمهيدي لعرض الأسباب". وشدد الوزير الأول في كلمته على أنه "لم يتم وضع أي حد مسبق لمشروع التعديل الدستوري، باستثناء الحدود المتعلقة بالثوابت الوطنية والقيم والمبادئ المؤسسة للمجتمع الجزائري، التي تجسد تاريخه المجيد وحضارته العريقة ورؤيته المستقبلية التي تحمل في طياتها القيم والمبادئ التي يتقاسمها المواطنون الجزائريون برمتهم". وذكر بأن تنصيب هذه اللجنة يأتي في سياق الاصلاحات التي باشرها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، عندما أشار إلى أنه تم إطلاق ورشتي عمل "ذات أهمية قصوى"، تتعلق الأولى بالجانب التشريعي والثانية بالجانب الدستوري. ونبه أعضاء اللجنة إلى أن الرئيس فضل انتهاج "مقاربة تشاركية" تقوم على استشارة أكبر عدد ممكن من مختلف الفاعلين السياسيين والاجتماعيين بغرض استقاء آرائهم ومقترحاتهم حول التعديلات التشريعية والدستورية المرجوة. وإذا كانت التعديلات التشريعية التي خصت جملة من القوانين منها الاعلام وتمثيل المرأة في البرلمان وحالات التنافي مع العهدة البرلمانية... تهدف إلى "إعطاء صلابة أكبر لقواعد الممارسة الديمقراطية" كما قال سلال، فإن الانطلاق في الورشة الثانية التي تتعلق بالتعديل الدستوري تهدف إلى "تكييف القانون الأسمى للبلاد مع المتطلبات الدستورية الحديثة التي أفرزها تطور المجتمع السريع والتحولات الجارية عبر العالم". وعبر عن اقتناعه بأن تنفيذ المسعى التشاركي في جانبه الخاص بالتعديل الدستوري "أفضى إلى العديد من الاقتراحات، مما يدل على مدى ثراء الاستشارات السياسية وتنوع واختلاف آراء الفاعلين الذين شاركوا في تلك اللقاءات من جهة، وأهمية مساهماتهم، من جهة أخرى". وقال سلال إن عمل اللجنة سيعرض على رئيس الجمهورية "للنظر والتقدير" وسيقرر بمقتضى السلطات التي يخولها له الدستور الصيغة النهائية لمشروع التعديل الدستوري "الذي سيخضع لإجراء التعديل المناسب المقرر في الدستور وذلك بحسب أهمية وطبيعة التعديلات المعتمدة". للتذكير، قرر رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة تنصيب لجنة خبراء تتولى إعداد مشروع تمهيدي للقانون المتضمن التعديل الدستوري. وقال بيان لرئاسة الجمهورية بث أول أمس إن المشروع التمهيدي يستند في آن واحد إلى الاقتراحات المعتمدة التي قدمها الفاعلون السياسيون والاجتماعيون وإلى توجيهات رئيس الجمهورية في الموضوع وذلك بغرض ترجمتها إلى أحكام دستورية. وأوضح البيان أن رئيس الجمهورية كلف الوزير الأول بتنصيب هذه اللجنة التي تضم في عضويتها أساتذة جامعيين "يشهد لهم جميعا بالكفاءة العلمية والأخلاق العالية". ويتعلق الأمر بكل من السيد عزوز كردون، رئيسا للجنة، والسيدة فوزية بن باديس والسادة بوزيد لزهري وغوتي مكامشة (وزير عدل سابق) وعبد الرزاق زوينة، أعضاء في اللجنة التي من المنتظر أن تقدم نتائج أعمالها "في أقرب الآجال الممكنة".