يحاول اتحاد الكتاب الجزائريين إنقاذ ما يمكن إنقاذه من رصيده الثقافي الزاخر، باعتباره من المؤسسات الثقافية العتيدة في الجزائر، الاتحاد الذي مر بفترات عاصفة أتت على خصوبته، يبحث عن خارطة طريق تقوده إلى تصدر الواجهة الثقافية في الجزائر. عن مكانته وطموحاته وإخفاقاته، رصدت ”المساء” جملة من آراء وانطباعات بعض مثقفينا... الروائي والمترجم محمد ساري:لا بد من حل الاتحاد أرى أن اتحاد الكتاب اندثر وأصبح مجرد ذكرى، فهو من المفترض أن يمثل جميع الكتاب الجزائريين لا أن يكون مثل أية جمعية أو تعاونية، رغم أن صفة الجمعية تنطبق عليه حاليا. أشدد على ضرورة حل هذا الاتحاد وأن يسارع من به الآن إلى تشكيل جمعية، حينها لن يلام هذا الاتحاد. ما أراه حاليا هو أن هذا الاتحاد لم يعد يمثل الكتاب الجزائريين بعد ما قامت مجموعة بالإستيلاء عليه بطرق ملتوية أدت به إلى الموت الكلينيكي، للأسف، فإن هذه المؤسسة العتيدة الآن ميتة ثقافيا. أتعجب كيف للاتحاد أن يبرم اتفاقيات مع الدول الأجنبية آخرها مع الصين ويسافر أعضاؤه هنا وهناك، فماذا سنستفيد كمبدعين من الصين أو من دول لا تشاركنا أية لغة (عربية، فرنسية، إنكليزية) فنحن لا نكتب ولا نحسن الصينية. الحل الوحيد الآن هو حل الاتحاد، اللهم إلا إذا ظهرت صحوة تقلب الأوضاع.
عز الدين ميهوبي (رئيس اتحاد الكتاب الأسبق):فترات الفراغ تتطلب فتح النقاش اتحاد الكتاب الجزائريين مؤسسة ثقافية يجب النظر إلى تاريخها وإلى الأسماء الثقيلة التي مرت عليها كمعمري، ومالك حداد والركيبي وخمار وبوجدرة وغيرها كثير، وليس أن نقول ببساطة لابد من حله، فأية مؤسسة مهما كانت قد تمر بفترة فراغ تتطلب فتح نقاش موضوعي بعيد عن الحسابات والحزازات لنجعل هذه المؤسسة في خدمة الثقافة والإبداع الجاد، وما أنزلاق سنة 2005 إلا دليل على العواقب السيئة التي عصفت بالاتحاد وأوصلت بعض الأمور الى العدالة، وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير، كل ذلك نتاج حسابات سياسية أكثر منها ثقافية.
الروائية زهور ونيسي : لابد أن تكون الدولة الحكم في النزاعات علاقتي بالاتحاد عريقة، فأنا عضو مؤسس حضرت أول مؤتمر له عقد سنة 1964 وانتخبت لمكتبه في مؤتمره لسنة 1974. أرى أنه من المفترض أن يكون الاتحاد جامعا يلم مختلف الهيئات والمؤسسات ذات الطابع الثقافي، اتحادنا عرف هبة كبيرة في السبعينيات والثمانينيات وشهد نهضة، لكن في العشرية السوداء عرف تقهقرا وضياعا وتهاونا من طرف السلطة ومن طرف أبنائه أيضا، كما أنه في فترة الانفتاح والتعددية السياسية والإعلامية لم يجد نفسه (ما لقاش روحو) في هذا الزخم فنشبت فيه الصراعات والخلافات وسوء الفهم، ربما كان ذلك أمرا طبيعيا، خاصة مع جيل الشباب، لكن كان يفترض أن تكون الدولة الحكم والمنظم باعتباره قطبا ثقافيا له تاريخه. أنا شخصيا بقيت وفية للاتحاد على أساس أنني نلت أكبر قدر من الأصوات لترؤسه، لكنني سلمت منصبي لأخي بوعمران لتبقى صلتي حميمية بالاتحاد ولأبقى أما وراعية لجيله من الشباب الواعد.
جمال سعداوي (رئيس فرع الاتحاد بالعاصمة) : اتحاد الكتاب واجهة الجزائر الثقافية الاتحاد من بين الهيئات التي تمثل الواجهة الثقافية للبلاد، كما أنه رأس قاطرة الإبداع، يحاول أن يعطي انطباعا للمثقفين ولعموم الشعب عن مدى أهمية الكاتب المبدع في المجتمع ليصيغ الآراء والتفاعلات الاجتماعية ضمن مقومات لا يمكن تجاوزها. من جهتنا، نحاول قدر المستطاع وضع برنامج مدروس ومخطط وبصيغة علمية أكاديمية وأن نوصل هذه الرسالة، كما نحاول الاشتغال من خلال الشراكة مع مؤسسات وجمعيات أخرى للوصول الى مشروع ثقافي حقيقي لتصحيح ثقافتنا وأخطاء مجتمعنا ومشكلاته. كما أنه أداة للتعبير عن الوجه الثقافي وإبراز طاقاته الحية التي هي أفكار تتجاوب مع متغيرات العصر ومتطلبات الأجيال، فلكل جيل خصوصيته ومتطلباته وهذه قناعة في اتحاد الكتاب.
عبد العالي مزغيش :الاتحاد تعبير عن حالة التشرذم اتحاد الكتاب دخل مرحلة طبيعية وهي مرحلة السبات، لقد أصبح ميتا وعلى الكتاب الجزائريين أن ينقذوا هذه الهيئة من الحالة التي آلت إليها ويطردوا "اللصوص" منها. اتحاد الكتاب اليوم يعبر فعلا عن حالة التشرذم التي آل إليها المثقف الجزائري، خاصة المعرب، وأعتقد أن بعض الجهات الخفية التي هي مكشوفة عند البعض، يعجبها هذا الوضع. من جهتي ككاتب شاب، قمت بحركة احتجاجية رفقة مجموعة من الكتاب الشباب، دعونا إليها بعض المثقفين الناقمين على هذه الوضعية لكنهم خذلونا، فهؤلاء الذين طالما انتقدوا وقدموا آراءهم والحلول التي رأوها مناسبة، وعندما تعلق الأمر بالعمل الميداني والتحرك لم يأت أحد. في صيف 2011 عندما قمنا بهذه الحركة الاحتجاجية لبى دعوتنا أدباء شباب لم يستفيدوا من اتحاد الكتاب ولم يستغلوه ولو بطبع كتاب واحد، يبقى الأمر يتطلب أسترجاع هذه الهيئة، علما أن رئيس الاتحاد غير قانوني باعتباره لا يملك رخصة (الاتحاد)، معنى ذلك أن العمل منذ 2009 غير قانوني.
يوسف شقرة (رئيس اتحاد الكتاب الجزائريين) : الاتحاد استعاد بريقه ومفتوح للجميع اتحاد الكتاب منذ مؤتمره الأخير في 2009 استعاد مكانته وبريقه انطلاقا من ترتيب بيته بتنصيب الفروع على مستوى الولايات، واستعادة مكانته العربية والدولية، وبانتخابه نائبا للأمين العام وإمضائه لاتفاقيات متعددة مع تونس، الأردن ومصر وغيرها، آخرها الاتفاقية مع الصين التي أثمرت زيارة وفد صيني للجزائر وعن قريب سيتوجه وفد جزائري إلى الصين. إن اتحاد الكتاب هو اتحاد للجميع، لا للتشتيت والتفرقة، نطمح لأن يكون مملوءا بالمحبة والتسامح، يفتح قلبه قبل ذراعيه لضم الجميع والعمل مع الجميع دون استثناء ودون أي تحفظ إلا من أقصى نفسه، فذلك شأنه، الاتحاد الآن يتمتع بالتقدير من الجميع وينسق مع الجميع في ظل الاحترام المتبادل والنشاطات المشتركة، وهو يطمح إلى المزيد ليصبح لسان حال الكاتب المدافع عنه ثقافيا واجتماعيا، وهو الطموح الذي نسعى إلى تحقيقه إذا توفرت الإرادات الصادقة والنوايا المخلصة والثقة المتبادلة.