أحيت العديد من المدن الجزائرية اليوم العالمي للكتاب، المصادف لتاريخ 23 أفريل من كل سنة، ونظمت مجموعة من الفعاليات التي تصب في خانة تثمين الكتاب ودوره الحيوي في تنوير العقول، بالإضافة إلى اعتبارها متعة يستلذها الشغوفون بالمطالعة، فاختارت ولاية تيزي وزو تكريم الكاتب سي أعمر سعيد بوليفة، وتم بوهران تنظيم الملتقى الوطني الثالث حول موضوع “الكتاب والمكتبات في الفضاء العمراني: تحولات وممارسات”، وأقامت ولاية تلمسان معرضا للكتاب ضم أزيد من ثلاثين دار نشر. احتضنت دار الثقافة مولود معمري بتيزي وزو، منذ أول أمس، التظاهرة للاحتفاء باليوم العالمي للكتاب، حيث كرّمت سي أعمر سعيد بوليفة، إذ سطّرت مديرية الثقافة برنامجا متنوعا، افتُتح بمعرض للكتاب، وأغلب الكتب كانت باللغة الأمازيغية، ويشارك فيه 10 دور نشر، منها “الشعب”، “نسيب”، “الأمل” وغيرها، إلى جانب عدة جمعيات منها “أذرار أنفاذ” و«نوميديا” إلى جانب المحافظة السامية للغة الأمازيغية. وعرفت التظاهرة التي تدخل في إطار الاحتفال بالذكرى ال 33 للربيع الأمازيغي كذلك، التذكير بالدور الكبير الذي لعبه سي أعمر سعيد بوليفة في الحفاظ على إرث المنطقة ولغتها. وفي البرنامج رصد لشهادات حية حول مسيرته وشخصيته، أدلى بها قريبه يوسف بوليفة، وتخلل البرنامج جملة من المحاضرات التي تم إلقاؤها بقاعة المسرح الصغير لدار الثقافة لتيزي وزو حول أعمال الراحل. وتتقاسم عدة بلديات الولاية، منها ذراع الميزان، الاحتفال بالفعالية، وتحديدا مقر جمعية “ثنفليث نتمازيغث “، حيث سيتم عرض كتب باللغة الأمازيغية ومقالات تناولت شخصيات ناضلت من أجل القضية الأمازيغية، مع عرض آخر بدار الشباب بتيزي غنيف، إضافة إلى محاضرات حول الربيع الأمازيغي والنضال من أجل الهوية، وعروض مسرحية بكل من بلدية اعزازڤة وبني دوالة، إضافة إلى البرنامج الذي تحتضنه جامعة مولود معمري. والراحل سي أعمر سعيد بوليفة الذي أنجبته قرية عدني بالأربعاء ناث إيراثن في 1861، تلقّى تعليمه الأول بمدرسة قرآنية، لينتقل فيما بعد إلى بوزريعة، حيث تحصّل على شهادة فتحت له أبواب التدريس باللغة الفرنسية، وأمضى حياته بين السفر وتدوين المعلومات والتاريخ. ويُعد الراحل أحد أعمدة الأدب وأقدم مؤرخي المنطقة الذين كانوا وراء تدوين حقب تاريخية وحمايتها من الضياع، كما إنه كان أول من كتب بالأمازيغية ودوّن التاريخ بلغة الأم، إلى جانب كونه أول كاتب جزائري كتب عن مملكة كوكو وحافظ على جزء من هذا التاريخ الذي دفنته القرون. وتوفي سي اعمر سعيد بوليفة في 1931 بالعاصمة، حيث تشير بعض المعلومات إلى أنه دُفن بالعاصمة لكن لم تتمكن عائلته من العثور على قبره. ولقد خلّف الكاتب العديد من المؤلفات السنة الأولى للغة القبائلية، الذي يُعتبر أول كتاب له، والذي أصدره في 1897، كما جمع العديد من الشعر الأمازيغي في كتاب خاص صدر في 1904، كتابة أفيغا في مجلات علم الآثار والذي كتبه في 1908، جرجرة عبر التاريخ في 1925. وفي وهران، أكد باحثون في علم المكتبات خلال الملتقى الوطني الثالث حول موضوع “الكتاب والمكتبات في الفضاء العمراني: تحولات وممارسات”، الذي انطلقت أشغاله أول أمس، على ضرورة استحداث نواديَ للمطالعة بالمدارس. وفي هذا الإطار، ذكر الأستاذ وعلي أحسن من جامعة وهران، أن إنشاء مثل هذه النوادي بالمؤسسات التربوية سيساهم في نشر حب المطالعة لدى التلاميذ، وستدعِّم المكتبات المدرسية التي تلعب دورا مهمّا في تحقيق أهداف التربية والتعليم. ويرى الأستاذ الذي قدّم محاضرة حول “دور المكتبة المدرسية في التشجيع على القراءة”، أن هذه النوادي يجب أن تكون متنوعة، وتشمل شتى التخصصات؛ سواء تاريخية أو أدبية أو علمية، لتستجيب لميولات التلميذ وتمكّنه من إبراز قدراته وإرواء نهمه إلى المعرفة. كما اقترح تنظيم، داخل هذه الفضاءات، أنشطة ثقافية حول الكتاب، ومسابقات فكرية ذات صلة بالمطالعة، وبرمجة زيارات إلى المكتبات العمومية، لتمكين التلميذ من التعرف على طرق تسييرها والاطّلاع على أحدث العناوين. وفي السياق، دعت الأستاذة بوفجين زهرة من جامعة الجزائر، العائلات إلى تخصيص ميزانية لأطفالها من أجل اقتناء الكتب وإعطائهم فرصة لتكوين مكتبة خاصة بهم. ومن جهة أخرى، قال الأستاذ مالكي زهير من جامعة وهران في محاضرته، إن القانون الخاص بالمكتبات الرئيسة للمطالعة العمومية لسنة 2007 والمعدَّل في 2012، فسح المجال للمكتبات بفتح قاعات خاصة بالأطفال؛ لتشجيعهم على المطالعة. ومن جهتها، أبرزت مديرية الثقافة لوهران، أهمية مهرجانات “القراءة في احتفال” المنظَّمة سنويا من قبل وزارة الثقافة بجميع ولايات الوطن، في نشر المطالعة وسط هذه الشريحة وتحفيزها على القراءة واقتناء الكتب، مشيرة إلى الدور التربوي للمكتبات المتنقلة المخصَّصة للمناطق النائية، والتي تلقى اهتماما كبيرا من قبل الأطفال. وتواصلت أشغال هذا الملتقى الذي يدخل في إطار إحياء اليوم العالمي للكتاب والحقوق؛ بتقديم عدة محاضرات تدور حول ستة محاور، من بينها “المكتبات والتراث والذاكرة”، و«استراتيجيات المطالعة العمومية”، و«مكتبات المطالعة العمومية في الفضاء العمراني” و«الوسائط الحديثة: الممارسات والاستعمالات”. أما تلمسان فقد أقامت معرضا للكتاب، يشارك فيه أزيد من ثلاثين دارا للنشر من الوطن في الطبعة السادسة للصالون الوطني للكتاب، افتُتح أمس بدار الثقافة عبد القادر علولة بتلمسان. وتُعتبر هذه الطبعة التي ستقام تحت شعار “الكتاب رفيق دائم” وتتواصل إلى غاية 30 أفريل الجاري، الأهم من حيث عدد الناشرين المشاركين والكتب والمؤلَّفات التي سيتم عرضها على الجمهور. وسيتم عرض وبيع كتب الأطفال والطبخ، فضلا عن المؤلَّفات الجامعية والروايات وكتب جديدة في مختلف التخصصات بأسعار مدروسة، كما أشار إليه السيد عبد الحق بن عامر مدير دار الثقافة. كما ستنشَّط بالمناسبة محاضرات متبوعة بنقاش، تتمحور أساسا حول أهمية الكتاب والمطالعة ووسائل الإعلام متعددة الوسائط، بمشاركة جامعيين ومتخصصين في الأنثربولوجيا.