وجدناه منهمكا في عمله وبابتسامة تنم عن حبه الكبير لحرفته، كان فؤاد يطبع أشكالا ورسوما جميلة تحمل أشكال الورود والزخارف على أيدي زبوناته، التي تمازجت مع عبق معرض الزهور، الذي تحتضنه مدينة عنابة منذ الأسبوع الماضي في إطار الاحتفالات بفصل الربيع، حيث عرفت خيمته المنصوبة في ساحة الثورة (الكور العنانبي) والمزينة بالفخار والأصداف، إقبالا واسعا من طرف الزوار، الذين دفعهم الفضول إلى معرفة عالم «التاتواج» أو الوشم واكتشاف المادة المستعملة في عملية الرسم، اقتربنا منه وسألناه عن سر تعلقه بهذه الحرفة الجديدة والدخيلة على المجتمع العنابي، وكيف استطاع الاسترزاق منها... كشف الفنان فؤاد لطرش ذو 30 سنة من العمر، عن تعلقه بالريشة والمحبرة التي تلازمه طول الوقت، لإرضاء رغبات الزبونات اللواتي يعشقن الحرقوس نظرا للأشكال الجميلة التي يتفنن في وضعها على أيديهن، حيث أكد لنا أن همه الوحيد هو تطوير هذا الفن بعد 7 سنوات من الممارسة وتعلمه من تونسيات ينشطن في هذا المجال، حيث فكر الشاب في نقل هذه الحرفة الجديدة إلى مدينته عنابة، ومن هنا بدأت حكايته في الإبداع مع الريشة. وحسب محدثنا، فإن إمكانياته البسيطة ساعدته في جلب المادة المستعملة في الحرقوس من الجارة تونس، وذلك بدفع ألف دينار ثمنا للعلبة الواحدة، ناهيك عن تكاليف النقل، وتتكون المادة المستعملة في الوشم «التاتواج» من الحديدة، العفص والقرنفل، بالإضافة إلى ماء الزهر وبعض المنكهات التي تعطي رائحة زكية للحرقوس، خاصة عند وضعه على المفصل، ويشير محدثنا إلى أن المادة تصبح جاهزة للاستعمال بعد أن توضع على طابونة الفحم لساعات طويلة حتى تتجانس المواد بها وتنضج ثم توضع في علب للحفظ وتصبح جاهزة للاستعمال. وأكد لنا فؤاد أن الحرقوس أصبح مطلوبا جدا من طرف العروس العنابية، خاصة ليلة التصديرة، حيث تطلب منه رسم أشكال مختلفة على معصمها، يدها، وزندها، بما يوافق الملابس التي سترتديها، حيث سجل إقبالا واسعا من طرف العرائس اللائي يستقبلهن، خاصة في فصل الصيف موسم الأعراس والجمال، حيث تبحث المرأة العنابية عن التميز المتماشي مع الموضة. أما فيما يخص أسعار الوشم، يضيف محدثنا، فإنها تختلف حسب الشكل المطلوب، وتتراوح بين 20 و60 دينارا. أما عن الفئات التي تحب الحرقوس، فهن المراهقات ثم الجامعيات اللائي يجدن فيه وسيلة للتباهي والتزين، كما أن الماكثات بالبيت يطلبنه أيضا، خاصة في الحفلات والمناسبات الدينية وحتى الأعراس. ينتظر فؤاد فترة الصيف بشغف، لأنها فرصة للربح والتعريف بمهنته، خاصة أن عنابة تعرف توافدا قويا للسياح من الجهات الأربع، وهذا ما يعتبره هذا المبدع مكسبا له. وعن سر نجاحه في جلب الزبائن، يقول فؤاد أن المرأة بطبعها تعشق التميز، الألوان والرائحة الزكية، وهذا يصنع جانبا من أنوثتها، وعليه، فهو يعرف جيدا كيف يستميل عاشقات الحرقوس اللواتي لا يدخلن حفلا بدونه.ويطلب الفنان فؤاد من الجهات المحلية، تدعيم نشاطه من خلال الاستفادة من محل خاص بصناعة الحرقوس لترويج منتوجه، خاصة أنه يعاني كثيرا عند تنقله إلى الفنادق وغرفة الحرف بمدينة عنابة. تجدر الإشارة إلى أن فؤاد متعدد المواهب، كونه حرفيا في الزخرفة والرسم على الزجاج وعلى الفخار وفنانا تشكيليا يرسم «البورتريات» واللوحات الزيتية وبالقلم.