أعاد الاتفاق الذي تم نهاية الأسبوع بين وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ومختلف المسؤولين الروس بالعاصمة موسكو، حول سبل تسوية الأزمة السورية بالطرق السياسية، الروح إلى مهمة المبعوث الدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، في وقت كان يوشك أن يقدم استقالته بعد أن انسد الأفق أمام كل المساعي التي بذلها على أمل إيجاد مخرج تفاوضي لأزمة دامية دخلت عامها الثالث. ولأجل ذلك، أجرى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع الأخضر الإبراهيمي اتصالا هاتفيا، تناولا من خلاله آفاق هذه الأزمة بناء على ما تم التوصل إليه خلال الاتفاق الأمريكي الروسي في السابع ماي الجاري، ودعا فيه الجانبان إلى ضرورة عقد مؤتمر دولي لتطبيق إعلان جنيف المتوصل إليه في جوان من العام الماضي. وتأكد من خلال هذه الدعوة، أن موسكو وواشنطن اقتنعتا أخيرا بالمقاربة التي ما انفك يدافع عنها الإبراهيمي، الذي اقتنع من جانبه بعد جولاته الماراطونية إلى مختلف العواصم ذات التأثير على هذه الأزمة، أن باب تسويتها يمر حتما عبر اتفاق جنيف، الذي نص صراحة على إجلاس الفرقاء إلى طاولة التفاوض لإنهاء الحرب الأهلية المتأججة بينهم. وطالب لافروف والإبراهيمي لأجل ذلك، بتوحيد جميع أطياف المعارضة على أساس الاستعداد للحوار كشرط رئيسي لعقد مؤتمر دولي نهاية الشهر الجاري لإطلاق حوار سياسي جاد، والبدء في تطبيق بنود إعلان جنيف. وتأكد في نهاية الأسبوع المنقضي، أن جميع الاتصالات التي تعرفها مختلف العواصم العالمية حول الأزمة السورية تتم على ضوء الاتفاق الروسي الأمريكي الذي أعاد ترتيب الأوراق والمقاربات، وجعلها تقتنع باستحالة الحسم العسكري لصالح التسوية السياسية التفاوضية. وهو ما جعل الأمين العام الأممي بان كي مون، يؤكد في مكالمة هاتفية مع وزير الخارجية الروسي استعداده على العمل للتوصل إلى حل سياسي لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا. وتسارعت الأحداث بخصوص الشق الدبلوماسي لهذه الأزمة، بعد أن اقتنعت الإدارة الأمريكية أن الإطاحة بالنظام السوري بالقوة العسكرية بات صعب التحقيق وجعلت جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي، يؤكد أن بلاده أبدت حذرا متزايدا حول مسألة القيام بتدخل عسكري في سوريا، حتى لا تعيد تكرار الخطأ الاستراتيجي الذي وقعت فيه إدارة الرئيس جورج بوش باجتياحها للعراق قبل عشر سنوات، بعد أن افتعلت "كذبة" امتلاك نظام صدام حسين لأسلحة الدمار الشامل. وتبقى الإشكالية المطروحة إلى حد الآن قائمة بين كل الأطراف حول مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد الذي تصر المعارضة السورية على رحيله قبل الحديث عن فكرة الجلوس إلى طاولة التفاوض؟ وهي عقبة حقيقية يتعين على الدول الفاعلة إيجاد أرضية توافقية لتذليلها بما يستدعي تنازلات من كل الأطراف وإبداء حسن النية المتبادلة، على اعتبار أن الوضعية لم تعد تحتمل والدماء المراقة لابد أن تحقن وتدمير الذات السورية يجب أن يتوقف. ولكن هذه الأهداف تبقى رهينة تخلي الفرقاء عن أنانيتهم لصالح مصلحة الشعب السوري، الذي لم يعد قادرا على تحمل مزيد المعاناة.