طفت على المشهد المسرحي العربي والجزائري منذ نشأتهما إلى يومنا هذا، ظواهر الاقتباس والترجمة والإعداد. والملاحَظ أن جل النصوص المسرحية المقدَّمة هي فعل اقتباسي وترجمي أكثر مما هو فعل تأليفي مسرحي أصيل. وخلال المهرجان الوطني للمسرح المحترف في دورة 2013 ستناقَش إشكالية الاقتباس والترجمة كبديلين عن الكتابة المسرحية، في ملتقى علمي ينشطه مجموعة من الباحثين الأكاديميين والمتخصصين بداية من هذا السبت بفندق السفير بالجزائر العاصمة. تأتي هذه الإشكالية من منطلق أن الجهد الإبداعي هو انفتاح على التراث المحلي والعالمي، واغتراف من روافد فنية وأدبية أخرى أثرت التجربة المسرحية العربية فنيا وموضوعاتيا، إلا أن ذلك يبقى يثير عديد التساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء هذا الإصرار على مثل هذا التناول، فإذا كان الاقتباس والترجمة عند الرواد ضرورة أملاها الظرف التأسيسي للمسرح في الوطن العربي، فما مبررات الاستمرار فيه بعد قرابة القرنين من لحظة التأسيس؟ ويسعى الملتقى العلمي للمهرجان الوطني للمسرح المحترف، إلى فتح نقاش حول هذه الإشكاليات، ويوسّع النقاش حول أشكال الكتابة الحديثة، على سبيل المثال الارتجال والكتابة الجماعية والكتابة الإخراجية والسينوغرافية وما بعد الدراما، من خلال المحاور التالية: واقع التأليف المسرحي في وطننا العربي، ظاهرة الاقتباس والإعداد في المسرح دراسات تطبيقية، حركة الترجمة في المسرح العربي راهنا وتحدياتها وآليات الكتابة المعاصرة. فإذا كان المسرحيون في اقتباساتهم وترجماتهم قد راعوا الواقع السياسي والثقافي للوطن العربي في مقاربة قضاياه ومشكلاته، فهل يُعتبر ذلك تهميشا وتغييبا عن قصد أو بدون قصد - للتأليف المسرحي؛ باعتباره رؤية خاصة للواقع تمتلك أدواتها النصية الخاصة في الرصد والتحليل بدل رؤية هذا الواقع بنظارات مستعارة من أجناس أدبية أخرى (رواية، قصة، شعر...) أو وافدة من سياقات مغايرة. وإذا كانت كل لغات العرض المسرحي قد تمّ الالتفات إليها وتطويرها (إخراج، تمثيل، سينوغرافيا...) ما عدا التأليف المسرحي الذي ظل يراوح مكانه، فهل هذا يُعتبر تحجيما وحصرا له في دائرة العرض؟ وسيشتغل الملتقى على تقييم تجربة الاقتباس والترجمة باعتبارهما إبداعا على مستوى الوطن العربي، وهل اكتفت بمسرحة النصوص داخل العلبة الإيطالية عبر عمل تقني بحت، أم كانت إضافة فنية وموضوعاتية لها؟ وما مدى أمانة الفعل الاقتباسي والترجمي في اشتغاله على النصوص الأصلية؟ هل نجح في ذلك أم قدَّم صورة مشوّهة له ونسخة رديئة عنه؟ ويرأس الملتقى العلمي الأستاذ الدكتور الرشيد بوالشعير، وستكون مداخلات لمجموعة من الأساتذة العرب قدموا من الأردن والإمارات والسودان وفلسطين ومصر والكويت ولبنان والعراق وتونس. وسيتم بالمناسبة تكريم الدكتور والكاتب أحمد حمومي نظير عمله الملفت في مجال المسرح الجزائري٫٫