عاد المهرجان الوطني للمسرح المحترف وفيا لرتابته المعروفة، التي ظهرت جليا أول أمس في مراسم افتتاحه الرسمي، فرغم الخبرة التي اكتسبتها محافظة المهرجان إلا أنها لم تستطع وهي في السنة الثامنة من التظاهرة، أن تصنع أجواء الفرجة أو التحكم في التنظيم، وبقيت الوجوه نفسها تتكرر على المشهد المسرحي والثقافي. أكثر ما لفت الانتباه هو عودة معظم الضيوف العرب إلى طبعة 2013 من المهرجان الوطني للمسرح المحترف، فمن كان في طبعات ماضية عضوا في لجنة التحكيم أو مشاركا بمسرحيته عاد ليكرَّم، ومن كان محاضرا أصبح اليوم عضوا في لجنة التحكيم، فبقيت الأسماء نفسها تراوح مكانها، وحصرت الجمهور المتذوق للمسرح في حيّز ضيّق، إذ كان الأجدر بمحافظة المهرجان أن تُنعش حضورها بمشاركة انتقائية من شأنها أن ترفع من مستوى المهرجان أكثر، وهو أمر ممكن بالنظر إلى الإمكانات التي توفرها الوصاية، وهو ما أكده العديد من المتتبعين والمتخصصين. بحضور وزيرة الثقافة ومحافظ مهرجان ومدير المسرح الوطني امحمد بن ڤطاف، قدّم المخرج المسرحي أحمد خودي تركيبا شعريا عنوانه ”العهد” لم يرق إلى مستوى أهم فعالية مسرحية في الجزائر، ثم تلتها سلسلة التكريمات التي ألِف المهرجان أن يقوم بها في كل طبعة، وشملت ثلاثة أسماء عربية، ويتعلق الأمر بالممثلة المصرية سوسن بدر، والأستاذة العراقية عواطف نعيم، والمخرجة المسرحية التونسية دليلة مفتاحي. وبالنسبة للمكرَّمين الجزائريين فقد شملت 13 اسما، غاب عنها اثنان لأسباب صحية، وهما حميد لوراري المعروف باسم قاسي تيزي وزو، وأحمد قادري المعروف باسم قريقش. وتذكّر المهرجان بعض الممثلين الشباب نظير أعمالهم الجيدة على غرار ريم تاكوشت، وممثلين متميزين كالفنان حسان بن زيراري ومصطفى عياد وسميرة صحراوي، وكما تم أيضا تكريم الممثل المخضرم مصطفى برور. وإلى جانب بقية الأسماء المكرَّمة، كرّمت التظاهرة لأول مرة قلما إعلاميا كبيرا، وهو الزميل الصحفي محمد كالي المعروف بكتاباته النقدية في المسرح والسينما بجريدة ”الوطن”. وأشارت وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي على هامش الحفل في تصريح للصحافة، إلى أن المهرجان وصل إلى هذه المكانة بفضل امحمد بن ڤطاف الذي يُعد فنانا ومسرحيا من الطراز الأول، مشيرة في هذا السياق، إلى أن للدولة سياستها الواضحة في تمويل الإبداع وتأسيس المهرجانات، وهدفها إبراز الإنتاج السنوي للمسرح. وكشفت السيدة تومي أن الفنانين العرب المشاركين قالوا إن الجزائر قلعة للفن، وهذه الشهادة تزيد من مسؤولية الحفاظ على هذه القلعة، وذلك بدعم إبداعات الشباب والإيمان بقدراتهم وإعطائهم الفرص المناسبة لتفتيق طاقاتهم الإبداعية. يُذكر أن المهرجان منذ الدورة السابعة أصبح له رئيس شرفي، وقد ترأّست المخرجة المسرحية والممثلة سكينة مكيو المعروفة باسم صونيا، دورة العام الماضي، ووقع الاختيار في هذه الدورة على المسرحي محمد أدار، الذي أعطى إشارة انطلاق التظاهرة الممتدة إلى غاية 2 جوان المقبل بالمسرح الوطني ”محيي الدين بشطارزي”.