أكدت الجزائر وأرمينيا، أمس، إرادتهما في تعزيز علاقات تعاونهما في مختلف المجالات، انطلاقا من تبادل خبراتهما في التكفل بجاليتيهما المقيمتين في المهجر، وترقية مجالات التعاون السياسي والثقافي والاجتماعي بين أفراد الجاليتين. فخلال ندوة صحفية نشطها، أمس، رفقة الوزيرة الأرمينية المكلفة بالشتات، السيدة هرانوش هاكوبيان، أوضح السيد بلقاسم ساحلي كاتب الدولة المكلف بالجالية الوطنية بالمهجر، أن لقاء العمل الذي جمعه مع المسؤولة الأرمينية يعتبر لقاء أوليا سيكون متبوعا بلقاء يجمع خبراء البلدين لضبط محاور محددة من التجربتين للاستفادة منها، مبرزا أهمية التجربة الأرمينية في هذا المجال، على اعتبار أن ثلثي الأرمن يعيشون خارج بلدهم، "وبالتالي لا توجد تجربة أفضل من التجربة الأرمينية في مجال تسيير ظروف الجالية". وأشار السيد ساحلي في نفس السياق إلى المكانة الهامة التي أصبحت تحتلها الجالية الجزائرية المقيمة بالخارج، والتي تمثل ثروة متجددة توليها السلطات العمومية كل الاهتمام اللازم، من خلال السياسات التي تضعها للحفاظ على البعد الحضاري والثقافي لرعاياها بالمهجر. وحول المجالات الرائدة التي تتميز بها تجربة أرمينيا في تسيير ظروف الجالية والتي يمكن استنساخها في الجزائر، أشار السيد ساحلي إلى اعتماد السلطات الأرمينية على وكالة عمومية تعتبر الذراع التقني للوزارة وتقوم بإعداد البرامج والسياسيات الموجهة لترقية دور الجالية والتكفل بانشغالاتها، فضلا عن عقد اجتماعات سنوية بإشراف السلطات الأرمينية العليا لمناقشة أوضاع الجالية، وتنظيم الألعاب الاولمبية الخاصة بالجالية، وكذا تظاهرات ثقافية دورية في بلدان إقامتها. وأوضح في نفس السياق، أن المحادثات الذي جمعته بالوزيرة الأرمينية تناولت كيفية ترقية إسهام الجالية في التنمية الوطنية وإشراك الكفاءات في خلق الثروة، والتنسيق فيما بين الجاليات لإنشاء لوبيات للتأثير في المسائل السياسية في دول إقامتها، وتعزيز اندماجها، خاصة في ظل تنامي ظاهرة العنصرية في بعض الدول الغربية، مضيفا بقوله بأن الجزائر المقبلة على تجسيد مشروع المجلس الاستشاري للجالية تسعى إلى الاستفادة من التجربة الأرمينية في مجال الهياكل المكلفة بالتكفل بالجالية. كما تناولت المحادثات، حسب السيد ساحلي، إمكانية خلق تعاون بين جاليتي البلدين من خلال خلق فضاءات للتبادل فيما بينهما خاصة في المناطق التي يكثر تواجدهما فيها مثلما هو الحال بالنسبة لمدينة مارسيليا الفرنسية التي تضم أعدادا كبيرة من أفراد الجالية الجزائرية، فيما يصل عدد الأرمن بها إلى 300 ألف أرميني. وفي سياق متصل، أشار كاتب الدول المكلف بالجالية الوطنية بالخارج إلى أنه بحث مع السيدة هاكوبيان التحضير للقاء سيجمع الوزراء المكلفين بالجالية بفرنسا في 17 جوان المقبل، وكذا اللقاء المقرر تنظيمه في نفس الشهر من قبل المنظمة العالمية للتجارة بجنيف والمخصص لموضوع إشراك المهاجرين في مسائل التنمية. وأشاد في الأخير بالتنسيق السياسي القائم بين الجزائر وأرمينيا في المحافل الدولية، مشيرا في هذا الصدد إلى دعم أرمينيا لترشح الجزائر في الهيئات الدولية على غرار مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة ولجنة حماية حقوق الطفل. من جانبها، أشارت الوزيرة الأرمينية للشتات أن لقاءها مع كاتب الدولة المكلف بالجالية الوطنية بالخارج سمح بتبادل التجارب والنظر في إمكانية استفادة كل طرف من خبرة الطرف الآخر، وذكرت بأن خبراء البلدين سيبحثون بشكل عميق تجربتي البلدين في مجال الاهتمام بالجالية، لتحديد المجالات الناجحة ومحاولة الاستفادة منها، ملاحظة من جانبها بأن التجربة الجزائرية لا تخلو من النقاط الجديرة بالاهتمام على غرار وجود تنظيم جيد بالنسبة لاستقبال أفراد الجالية في موسم الاصطياف بالجزائر، وكذا حسن تسيير الجزائر لأوضاع جاليتها في الدول التي تشهد التوترات والحروب. وفي حين اعتبرت أن من أهم الأهداف المرجوة من وزارتي البلدين، تشمل نسج علاقات تعاون بين جاليتي البلدين في الخارج لتقوية عملهما المشترك من أجل الدفاع عن مصالحهما وحقوقهما، خلصت السيدة هرانوش هاكوبيان إلى أن عمل خبراء البلدين سيمكن من تثمين تجربتي البلدين ومن ثمة توطيد علاقات التعاون بين الجزائر وأرمينيا، مبرزة مزايا تحسين التكفل بالجالية كعامل أساسي في دعم التنمية، حيث يُحصّل بلدها سنويا 2 مليار دولار من مداخيل أفراد الجالية، "هذا من خلال التحويلات البنكية فقط دون احتساب الاعمال الخيرية"، على حد تعبيرها.
جهود الدولة متواصلة للتكفل بالرعايا في البلدان المتوترة على صعيد آخر، جدد كاتب الدولة المكلف بالجالية الوطنية بالخارج، حرص الجزائر على حماية كل أفراد جالياتها بالخارج، ولاسيما تلك المتواجدة بالدول التي تعيش اضطرابات سياسية وأمنية مثل سوريا والعراق ومالي، مذكرا بالإجراءات التي تم اتخاذها لترحيل هذه الجالية إلى الوطن ومتابعة أوضاع من تبقوا منها بهذه البلدان عن طريق السفارات والقنصليات. وفي حين أكد بأن جهود الدولة تتواصل لمساعدة الجالية المتواجدة في المناطق المتوترة، من خلال تقديم الدعم المادي والاجتماعي وإعادة إدماج العائدين إلى أرض الوطن في الحياة الاجتماعية، أشار السيد ساحلي إلى أن الجزائر تنتظر رد السلطات العراقية بخصوص الجزائريين المتواجدين بسجون هذا البلد، معربا عن أمله في أن يتم العفو عن ال11 جزائريا المتواجدين بتلك السجون والذين يوجد منهم اثنان مدانان بتهمة الانتماء إلى مجموعة إرهابية "في غياب أدلة تثبت ذلك"، بينما تم سجن ال9 الآخرين بتهمة الدخول غير الشرعي إلى العراق.