أصبح الوسط الرياضي بالرويبة يتحسر على الوضعية المزرية التي آل إليها المركّب الرياضي الموجود في الجهة الشرقية – الجنوبية للمدينة، لا سيما أنه لم يمرّ على تدشين هذه المنشأة الرياضية الضخمة أكثر من أربعة عشرة سنة، إذ أن الجزء الكبير من مرافقها، إن لم نقل أغلبها، يعاني من تدهور كبير بسبب غياب التسيير الجدّي وضُعف الصيانة. وكان من المتوقع أن يفتح هذا المركب آفاقا جديدة للممارسة الرياضية بالرويبة وفي المناطق المجاورة لها، غير أن الذين كانت على عاتقهم مسؤولية تسييره فشلوا في مهمتهم وتركوا الأمور تتعفن إلى درجة لا يتقبلها المنطق ولا العقل بعدما تم صرف على هذه المنشأة الرياضية مبالغ مالية ضخمة. المشهد الأول الذي يشد عينيك عند اجتياز أبواب هذا المركّب هو تلك الحالة المتدهورة للمساحات المخصصة للرياضات الجماعية، مثل كرة اليد، كرة السلة، الكرة الطائرة وتنس الميدان، إذ أن الجزء الأكبر من السياج الذي كان يحيط بها تَهاوى إلى الأرض ولم يعد يفصل بين بعض هذه المساحات أي حاجز، ويخيَّل إليك أن المكان ليس له أية علاقة بممارسة الرياضة. وأَقرّ الكثير من المتعودين على ممارسة الرياضة بعين المكان بأن هذه المساحات أصبحت مع مرور الوقت تشكل خطرا حقيقيا على الرياضيين بسبب تآكل الزفت الذي يغطي أرضيتها، وأدى ذلك إلى ظهور حفر عديدة تعيق النشاط الرياضي، وتتسبب في سقوط الرياضيين وتعرضهم للإصابات. وحسب شهادات استقيناها من المتعودين على التوجه إلى المركّب الرياضي للرويبة، فإن هذا الأخير أصبح عرضة للتلف، حيث يدخله أيضا من ليست لهم علاقة بالنشاط الرياضي، ويخشى الجميع أن يتحول إلى وكر لجماعات أشرار. وربط محدثونا استمرار هذا الوضع بغياب قانون داخلي صارم يحمي المركّب من الدخلاء على الرياضة،مما أدى إلى تراجع كبير في نسبة الممارسة الرياضية، ساهم في تذبذبها عدمُ احترام مواقيت التدريبات من طرف التقنيين التابعين للجمعيات الرياضية والمتهمين من طرف أولياء الرياضيين الصغار بتقديم مصلحتهم الشخصية على حساب مصلحة أبنائهم، والخطأ الكبير الذي ترتكبه إدارة المركّب هو سماحها لأطفال صغار بممارسة الرياضة دون أن تُجبرهم على تقديمِ مسبقاً ملف إداري يحميهم من أخطار الحوادث التي قد تقع لهم داخل المركب. وما يسيئ أكثر إلى المنظر داخل هذا المركب أن كل المساحات المحيطة بمرافقه تغزوها الحشائش والأشواك،ولم تكلف إدارة المركب نفسها القيام بعملية تطهير هذه الأماكن أو صيانة الواجهات الخارجية لكل المرافق التي تضررت من الصدأ، وبدرجة أكثر القاعة متعددة الرياضات. البلدية السابقة في قفص الاتهام غير أن الوضع المتدهور لهذا المركب تتحمله بالدرجة الأولى البلدية التي تخلت عن دورها الأساسي في الاضطلاع بمسؤولياتها من أجل ضمان السير الحسن لهذه المرافق، مثلما يؤكده لنا مدير المركب أمحمد سعدون: ”تسيير المركب الرياضي كان منذ تدشينه تحت مسؤولية البلدية، التي أنجزت الجزء الكبير من مرافقه من ميزانيتها الخاصة، لكنها تراجعت في السنوات الأخيرة عن الاهتمام به، لا سيما في العهدة السابقة للمجلس الشعبي البلدي، وأكبر خطأ ارتكبه هذا الأخير هو لجوؤه إلى فسخ عقود الحرفيين المكلَّفين بصيانة المرافق التي تدهورت حالتها بنسبة كبيرة منذ أن لجأت البلدية إلى هذا الإجراء الذي فاجأنا ولم نجد له تفسيرا. وقد ظننّا في البداية أن مصالح البلدية خلال عهدة المجلس البلدي السابق كانت تريد إعادة النظر في عقود هؤلاء الحرفيين الذين كان لهم دور هام في الحفاظ على صيانة المركب، لكن للأسف الشديد، أنهت البلدية تعاونها معهم ولم تقدم أي بديل، بل تجاهلت مراسلاتنا التي طالبنا من خلالها أن تتحمل مسؤولياتها فيما آل إليه الوضع داخل المركّب”. وتُعد القاعة متعددة الرياضيات الأكثر تضررا من هذا الإجراء بسبب العطب الكبير الذي أصاب جهاز مسخّن المياه، مما حرم الرياضيين من الاستجمام بعد إجرائهم للمنافسات الرسمية الخاصة بمختلف البطولات، وقد تضرروا كثيرا من هذا الوضع، لا سيما في فصل الشتاء، فضلا عن أن بعض قنوات المياه الصالحة للشرب بهذه القاعة في حاجة إلى عملية إصلاح، وهي تشكل الآن خطرا على مستعمليها بسبب تعرضها للصدأ، حسب شهادة أحد أعوان الأمن العامل بذات القاعة التي تجري فيها المنافسات الرسمية دون الاعتماد على اللوح الإلكتروني الذي تعرّض للتلف، إذ أن القاعة تستقبل من حين لآخر دورات رياضية في كرة القدم، وانجرّ عن ذلك تضرر الكثير من أجهزتها بسبب قذف الكرة في كل الاتجاهات. ولا تُعد المرافق المذكورة الجانب الوحيد الذي يجسّد الحالة المزرية التي يتواجد عليها هذا المركب، إذ أن الملعب الرئيس يعاني من غياب صيانة لائقة به، فلم يعد العشب الطبيعي الذي يغطي أرضيته يسمح بتنظيم مباريات رسمية، مما دفع بالفريق المحلي وداد الرويبة الذي ينشط في بطولة ما بين الجهات، إلى استقبال منافسيه بملعب خميس الخشنة، وقد أثر ذلك على نتائجه في المنافسة، وكانت اتحادية كرة القدم قد نددت في السابق بهذا الوضع بعدما استحال عليها تنظيم مباريات للفريق الوطني بهذا الملعب، الذي احتضن في فترة زمنية ليست بعيدة، مباريات مثيرة في البطولة الوطنية، وكانت كثير من الفرق تحبّذ اللعب فيه، فضلا عن الراحة الكبيرة التي يشعر بها المتفرجون في المدرجات لمتابعة أطوار المباريات، حيث إن المركب يوجد في مكان يسمح بالولوج إليه ومغادرته بدون مواجهة صعوبات في السير راجلا أو على متن السيارات. واعترف مدير المركب أنه أصبح من الصعب على عماله صيانة العشب الطبيعي الذي يغطي أرضية الميدان بسبب عدم امتلاك المركب عتادا خاصا بهذه العملية، مضيفا أن استعمال الملعب من طرف الفرق المحلية لإجراء التدريبات اليومية لأكثر من اثنتي عشرة ساعة في الأسبوع، أضر كثيرا بالعشب الطبيعي ويعرّض اللاعبين لإصابات خطيرة بسبب الحدب الكثيرة الموجودة على الأرضية. ويرى السيد امحمد سعدون أن الحل الجذري في إنهاء هذه المشكلة يتطلب تغطية أرضية الميدان بالعشب الاصطناعي، الذي لا يطرح مشاكل كبيرة في صيانته ويسمح بمضاعفة ساعات التدريبات. ومن جهة أخرى، فإن البلدية لم تحترم الطابع الرياضي لهذا المركب بعدما قررت وضع حاويات مخصصة للأوساخ والنفايات في المكان الذي كان مخصصا لإنجاز مسبح نصف أولمبي، ويعكس هذا التصرف قلة اهتمام المسؤولين المحليين بتطوير الرياضة في الرويبة. غياب دراسة تقنية جيدة للمركّب ويؤكد سعدون أن المركب الرياضي لمدينة الرويبة لم يحظ بدراسة تقنية معمقة، بدليل، كما قال، أن الجهة الشمالية للملعب خالية من المدرجات، ويشكل هذا الفراغ فجوة كبيرة لمرور الرياح التي تؤثر على مجريات المباريات، لا سيما عندما تكون قوية. وكان من المفروض أن يستفيد المركب من إنجاز مسبح نصف أولمبي، إلا أن المشروع لم يتجسد بعدما تم تحويله إلى مكان آخر من المدينة، غير أنه لم ير النور إلى يومنا هذا، حيث يضطر ممارسو السباحة للتنقل إلى مسبح باب الزوار أو مركب محمد بوضياف بدالي ابراهيم لمزاولة هوايتهم المفضلة مع ما يخلق ذلك من مشاكل في النقل. وتشتكي العائلات التي يعاني أبناؤها من مرض الربو، من غياب مسبح بالمدينة، ومعروف عن هذه الرياضة أنها تساعد كثيرا ممارسيها على الشفاء من مشاكل التنفس. ويحتوي المركب على عدة قاعات خاصة لرياضات الملاكمة والجيدو والكاراتي، حيث لا تختلف وضعياتها كثيرا عن تلك التي تعرفها المرافق الأخرى من إتلاف وتوجد في حاجة إلى الخضوع لصيانة دائمة، خاصة أنها تستقبل عددا كبيرا من الرياضيين في كل الأعمار، كما أن عدم استعمال العدد الكافي من العمال في صيانة مرافق المركب كان له الأثر المباشر فيما آل إليه الوضع، وقد أكد بعض هؤلاء العمال أنهم يفضلون أن يقع تسيير المركب تحت مسؤولية مديرية الشباب والرياضة عوض البلدية، التي تأخرت عن القيام بدورها للحفاظ على مستقبل مَرافقه الرياضية. هل سيصلح المجلس البلدي الجديد الوضع؟ أن انتخاب المجلس الشعبي البلدي الجديد فتح آفاقا جديدة أمام مسؤولي المركب الرياضي، الذين يأملون في الحصول على ميزانية معتبرة تسمح بإيقاف تدهور المرافق وبعث الممارسة الرياضية بالمركب على قواعد متينة، مثلما أكده مدير المركب: ”حاليا نشعر بوجود تعامل أحسن من البلدية الجديدة التي يترأسها السيد زهير، حيث وعدت بإطلاق دراسة تقنية ترمي إلى إعادة تهيئة المركب وتخصيص ميزانية ضخمة، كفيلة بإصلاح الأضرار التي لحقت كل مرافقه الرياضية وبعث مشاريع أخرى داخل المركب، مثل إنجاز مسبح في الجهة الشمالية من المركب، وإعادة سقف القاعة متعددة الرياضات ووضع سياج جديد حول المساحات المخصصة للرياضات الجماعية وإعادة تهيئة قاعات الفنون القتالية”. وتمنى محدثنا لو تستغل البلدية نهاية النشاط الرياضي هذا الموسم للإسراع في تجسيد مشروع إعادة تهيئة المركّب الرياضي.