ارتفعت واردات الجزائر من مادة الإسمنت بنسبة تفوق 100 بالمائة، خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، حيث بلغت الكميات المستوردة من هذه المادة 1,313 مليون طن بقيمة إجمالية مقدرة ب116,2 مليون دولار، وهو ما يعكس الحاجة الملحة لهذه المادة في الفترة الراهنة بالجزائر التي تنفق سنويا نحو 400 مليون دولار لاستيرادها. فحسب الأرقام التي نشرها مركز الإعلام الآلي والإحصائيات التابع للجمارك الجزائرية، فإن الكمية التي استوردتها الجزائر من مادة الإسمنت خلال الفترة المذكورة ارتفعت بنسبة 116,48 لتصل إلى أزيد من 1,3 مليون طن، مقابل 606 آلاف طن تم استيرادها خلال نفس الفترة من العام 2012، مما أدى إلى ارتفاع فاتورة استيراد الإسمنت خلال هذه الفترة ب117,47 بالمائة، ببلوغ قيمتها أزيد من 116 مليون دولار مقابل 53,4 مليون دولار في الأشهر الأربعة الأولى من العام الماضي. ويرجع المصدر أسباب هذه الزيادة إلى استئناف أشغال إنجاز مشاريع البرنامج العمومي الخماسي في مجالات البناء والأشغال العمومية، مع إطلاق مشاريع جديدة في القطاعات المعنية بهذه المشاريع، لاسيما مع بداية فصل الربيع، حيث تعرف هذه الفترة التي تبدأ من أفريل وتنتهي في أكتوبر من كل سنة، بالمرحلة الجافة بالنظر إلى تراجع تساقط الأمطار وانتعاش ورشات البناء سواء العمومية منها أو الخاصة. واستنادا إلى إحصائيات المركز التابع للجمارك، فقد تم استيراد، خلال الفترة المرجعية، 5 أنواع من الإسمنت تشمل الأنواع غير المدقوقة التي تسمى "كلينكرس" وإسمنت "بورتلاند" البيضاء وإسمنت "بورتلاند" غير البيضاء وأنواع الإسمنت المعدني وأنواع الإسمنت الموجه للبناء في الوسط المائي، مع الإشارة إلى أن أكثر الأنواع التي تم استيرادها خلال الفترة المذكورة هي أنواع إسمنت "بورتلاند" غير البيضاء، وذلك من حيث القيمة والحجم، حيث بلغت الكمية المستوردة من هذه الأنواع 1,053 مليون طن، بزيادة مقدرة ب112 بالمائة مقارنة بالأشهر الأربعة الاولى من 2012، وبقيمة إجمالية بلغت 96,85 مليون دولار وارتفعت ب133 بالمائة، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وتقدر قيمة الفاتورة السنوية لاستيراد الاسمنت في الجزائر ب300 مليون أورو (قرابة 400 مليون دولار)، فيما يصل العجز السنوي للسوق الجزائرية في هذه المادة الأساسية إلى 3 ملايين طن، بالرغم من تكثيف الاستثمار في مجال إنتاج هذه المادة، والمقدر حاليا ب18 مليون طن سنويا، منها قرابة 8 ملايين طن تنتجها المؤسسات الخاصة على غرار "لافارج" الفرنسية وأزيد من 11,5 مليون طن تضمن إنتاجها المجموعة العمومية الصناعية لاسمنت الجزائر "جيكا"، من خلال ال12 مصنعا التي تتوفر عليها عبر الوطن. وقد وقعت هذه المجموعة مؤخرا عقودا لإنشاء 4 مصانع جديدة لإنتاج الإسمنت، من المقرر أن ترفع طاقتها الإنتاجية إلى أكثر من 16,5 مليون طن خلال السنوات القليلة القادمة، على اعتبار أن الطاقة الإضافية المرتقب إنتاجها بهذه المصانع الأربعة التي سيتم إنجازها بولايات أم البواقي، بشار، غليزان وتمنراست ستفوق 5 ملايين طن في غضون سنة 2017، فيما وضعت هذه المجموعة العمومية مخططا تطويريا لتوسيع الطاقة الانتاجية لمصانعها عبر الوطن لبلوغ مستوى 25,7 مليون طن من الاسمنت في غضون السنوات الخمس القادمة، وذلك من خلال إعادة تهيئة وتوسيع 6 مصانع تابعة لها من أجل مواجهة الطلب الكبير على هذه المادة الأساسية. ويشمل مخطط "جيكا" لتوسيع الإنتاج كلا من مصنع وادي سلي بالشلف ب2 مليون طن، مصنع زهانة بمعسكر ب1,5 مليون طن، مصنع العين الكبيرة بسطيف ب2 مليون طن، مصنع مفتاح بالبليدة ب650 ألف طن وكذا مصنعي تبسة وبني صاف بعين تيموشنت المقرر توسيع طاقتهما الانتاجية بأزيد من مليوني طن إضافية سنويا. ويندرج مخطط تطوير مصانع المجموعة الصناعية العمومية لإنتاج الإسمنت ضمن الخطة الحكومية الرامية إلى تطوير هذه الشعبة، والتي تشمل تكفل الدولة بتمويل البرنامج الاستثماري ل«جيكا" عن طريق البنوك العمومية، مع ارتقاب نجاعة كاملة لهذا المخطط الذي سيضمن توفير 40 ألف منصب شغل جديد في القطاع الصناعي. وفضلا عن تخصصها في إنتاج هذه المادة الأساسية فإن مجموعة "جيكا" تلجأ أحيانا إلى خيار الاستيراد للتكفل بتغطية العجز المسجل في السوق الوطنية، وكانت قد أعلنت مؤخرا عن مناقصة دولية لاستيراد 450 ألف طن بشكل عاجل لسد الحاجيات المطلوبة في تموين المشاريع العمومية في مجال السكن والبنى التحتية، ومن ثمة التصدي لظاهرة المضاربة التي تفاقمت خلال السنوات الأخيرة وأدت إلى ارتفاع جنوني للأسعار بلغ مستوى 1700 دينار للكيس في صائفة 2011. وتشير معطيات الجهات المتخصصة في الإحصاء إلى أن المتعامل الجزائري يستهلك ما مقدراه 700 كلغ من الاسمنت سنويا متجاوزا بذلك المعدل العالمي الذي يقدره البعض بنحو 450 كلغ، وذلك بفعل الحركية الكبيرة التي تعرفها الجزائر في الفترة الأخيرة مع تسريعها لوتيرة إنجاز السكنات العمومية، وتطبيقها لتسهيلات إضافية لفائدة المواطنين الراغبين في بناء السكنات الريفية، فضلا عن استمرار ورشات إنجاز الطرق والبنى التحتية المسجلة بعنوان البرنامجين الخماسيين لدعم التنمية 2004 - 2009 و2010 -2014.