حث طوني بلير، مبعوث اللجنة الرباعية الدولية حول السلام في الشرق الأوسط أمس، حكومة الاحتلال الإسرائيلي على إبرام اتفاق سلام مع الفلسطينيين في أقرب الآجال و«قبل فوات الأوان". وعبر بلير عن أمله في أن تكون الأسابيع القادمة مناسبة للتوصل إلى مخطط جامع يضم المسائل السياسية والاقتصادية بما يدعم جهود وزير الخارجية الأمريكية جون كيري في مهمته، لحلحلة عملية السلام المتعثرة. وأدلى بلير بهذا التصريح خلال زيارة قام بها إلى فلسطينالمحتلة، وقال إنه يتعين على الجميع أن يدركوا أن الفرص المتاحة سوف لن تبقى كذلك لأطول مدة ممكنة، لأن الوقت لم يعد صديقا لنا. وجاءت تصريحات موفد اللجنة الرباعية الدولية في الشرق الأوسط والوزير الأول البريطاني الأسبق، في سياق التحركات الأمريكية الجديدة التي تعمل على الصعيدين السياسي والاقتصادي من أجل إزالة كل العقبات التي حالت إلى حد الآن، دون تسجيل أي تقدم على طريق تسوية الصراع في الشرق الأوسط. يذكر، أن وزير الخارجية الأمريكي الذي تبنى مقاربة اقتصادية لإنهاء هذا الصراع اعتقادا منه أن تحسين الاقتصاد الفلسطيني، سيسرع وتيرة التوصل إلى اتفاق سياسي، وهو ما جعله يؤكد تسخير قرابة أربعة ملايير دولار لتحقيق هذه المهمة. وجاءت تصريحات بلير عشية الجولة المرتقبة التي يعتزم وزير الخارجية الأمريكي القيام بها بداية الأسبوع القادم إلى المنطقة العربية ضمن خامس جولة له، في محاولة لحلحلة مسار سلام بقي جامدا منذ سبتمبر 2010. ولكن المقاربة الأمريكية التي غلبت العامل الاقتصادي على السياسي أخطأت تقدير الموقف، على اعتبار أن جوهر الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين حضاري في شقه الأول ومرتبط أيضا بالأرض المنهوبة من جهة ثانية، والتي رهنت كل فرصة لتحقيق أول مبدأ لهذا السلام المزيف "الأرض مقابل السلام". ثم أن بلير الذي يتحدث عن العامل الزمني الذي لم يعد يخدم الأوضاع العامة في منطقة متوترة، تناسى أنه بقي يشرف على لجنة بقيت جسدا دون روح، بعد أن همشت في الصراع وجعلتها الولاياتالمتحدة مجرد إطار لتمرير مخططاتها في المنطقة العربية. ثم أن بلير نفسه عندما كان وزيرا أول لحكومة بلاده لم يحرك ساكنا في هذا الاتجاه، وقد كان بين يديه ذلك الثقل الدبلوماسي الذي تمثله بريطانيا العظمى يمكنه من تحقيق بعض التقدم، عن طريق تسوية أحد أقدم النزاعات في العالم، لكنه لم يفعل شيئا. بل أنه على العكس من ذلك، كان من أشرس المدافعين عن المواقف الإسرائيلية وممارساتها التعسفية ضد السكان الفلسطينيين. وحتى حثه إسرائيل على التحرك قبل فوات الأوان، يبقى مجرد تصريح أملته الظروف، لأنه في الواقع لا يستطيع إرغام حكومة الاحتلال على فعل ذلك، رغم أنه يرأس لجنة تضم كبار العالم من الولاياتالمتحدة إلى روسيا إلى الأممالمتحدة ووصولا إلى الاتحاد الأوروبي.