لم يأت اجتماع اللجنة الرباعية حول الشرق الأوسط المنعقد بمنتجع شرم الشيخ المصري أمس بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأي نتيجة في اتجاه الدفع قدما بمفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين المتعثرة منذ سنوات. واكتفى ممثلو هذه اللجنة الراعية لعملية السلام في الشرق الاوسط التي تضم كلا من الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا بمطالبة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بمواصلة العملية السلمية وفق مقررات مؤتمر أنابوليس الذي أعطى الضوء الأخضر قبل عام لاستئناف مفاوضات السلام في مسعى لإخراجها من حالة الجمود التي أصابتها. وقال الأمين العام الاممي بان كي مون لدى قراءته للبيان الختامي الذي توج أشغال الاجتماع أن اللجنة الرباعية دعت إلى مواصلة عملية السلام في إطار مؤتمر أنابوليس. كما حثت طرفي الصراع على ضرورة الإيفاء بالتزاماتهما وفقا للمرحلة الأولى من خارطة الطريق التي تتضمن تجميد الأنشطة الاستيطانية بالأراضي الفلسطينية المحتلة التي طالما شكلت عقبة أمام استكمال مسار المفاوضات من جهة وتفكيك كل ما تصفها بالجماعات الإرهابية في إشارة إلى فصائل المقاومة الفلسطينية. وكانت هذه النتيجة منتظرة في ظل التغيرات السياسية التي تشهدها الساحة السياسية في منطقة الشرق الأوسط على خلفية انشغال إسرائيل بالانتخابات المسبقة لتشكيل حكومة جديدة والوضع المتأزم الذي يمر به البيت الفلسطيني بسبب استمرار حالة الانقسام الداخلي واتساع هوة الخلاف بين أهم فصيلين فلسطينيين حركتي "فتح" و"حماس" . ثم إن إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش التي اتخذت على عاتقها مسؤولية تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي قبل انتهاء عهدتها نهاية العام الجاري فشلت في الإيفاء بالتزاماتها ووجدت نفسها مضطرة لإحالة ملف القضية الفلسطينية الذي بقي عالقا على الإدارة الجديدة.وهي عوامل جعلت من اجتماع شرم الشيخ أمس مجرد اجتماع بروتوكولي لا يفيد عملية السلام في شيء. غير أن وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس التي لم تشأ الإقرار بفشلها حتى في تقريب وجهات النظر بين الفلسطينيين والإسرائيليين للتوصل إلى اتفاق سلام قبل نهاية العام الجاري أرادت أن تجعل من اجتماع شرم الشيخ فرصة لإخراج انابوليس من دائرة النسيان بعدما تأكد بعد مرور عام فشله في خلق الأجواء المناسبة لتفعيل عملية السلام. ولكن كيف تطالب رايس بالتمسك بانابوليس لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وهو الذي جعلته إدارة الاحتلال بمثابة ضوء اخضر لإسرائيل لممارسة أبشع الاعتداءات ضد الفلسطينيين سواء في قطاع غزة المحاصر أو الضفة الغربية التي تعيش يوميا على وقع اجتياحات وتوغلات لقوات الاحتلال الإسرائيلي. بل أن إسرائيل التي تسعى للظهور بمظهر الباحث عن السلام بموافقتها على استئناف مفاوضات السلام عمدت منذ مؤتمر انابوليس إلى مضاعفة أنشطتها الاستيطانية بالأراضي الفلسطينية المحتلة رغم النداءات الدولية المطالبة بوقف الاستيطان في ضربة واضحة لهذه المفاوضات. ولكن رايس التي تغاضت الطرف عن كل هذه الحقائق كثفت من مبادراتها خلال جولتها الشرق الأوسطية التي شرعت فيها الأسبوع الماضي والتي يبدو أنها ستكون الأخيرة من نوعها من اجل إقناع الإدارتين الأمريكية والإسرائيلية الجديدتين بضرورة مواصلة عملية السلام في إطار مؤتمر انابوليس حتى وان كان قد فشل في التوصل إلى اتفاق سلام خلال هذا العام. وأجرت المسؤولة الأمريكية ضمن هذه المساعي العديد من اللقاءات جمعتها بالمسؤولين الإسرائيليين ونظرائهم الفلسطينيين لتختتم زيارتها بمشاركتها أمس في اجتماع اللجنة الرباعية الدولية حول الشرق الأوسط بشرم الشيخ بمصر. ووجدت رايس خلال هذا الاجتماع من يساندها في مطالبتها بضرورة مواصلة العملية السلمية وفق إطار انابوليس رغم فشله في التوصل إلى اتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين يفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية قبل نهاية العام الجاري كما سبق والتزمت بذلك الإدارة الأمريكية المنتهية عهدتها. ودعا رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير الرئيس الأمريكي الجديد باراك اوباما إلى جعل مسار السلام في الشرق الأوسط ضمن أولويات إدارته. وقال أن ما يهم هو أن تهتم الإدارة الأمريكيةالجديدة بتسوية القضية الفلسطينية منذ الوهلة الأولى من تنصيبها ويمكن لها فعل ذلك على اعتبار أن هناك أسس يمكن الاعتماد عليها لمواصلة مسار المفاوضات في إشارة إلى مقررات انابوليس. وقررت اللجنة الرباعية الدولية في مسعى لتفادي دخول العملية السلمية في فراغ عقد لقاء دولي بعد ثلاثة أشهر في العاصمة الروسية موسكو تشارك فيه كل الإطراف المعنية بعملية السلام في الشرق الأوسط.