انتهت اللجنة الرباعية الراعية لعملية السلام في الشرق الأوسط بعد عمليات شد وجذب دبلوماسي متواصلة منذ عدة أشهر على تحديد تاريخ الثاني من سبتمبر القادم لبدء المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في محاولة لإعادة الروح إلى مسار سلام قبر منذ عدوان إسرائيل على قطاع غزة نهاية سنة .2008 وأكدت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أن جولة المفاوضات المباشرة ستنطلق بعد عشرين شهرا من التوقف ويمكن أن تنتهي خلال عام بإعلان قيام الدولة الفلسطينية. وأضافت وزيرة الخارجية الأمريكية أنها وجهت دعوة رسمية بهذا الخصوص إلى الوزير الأول الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لعقد اول لقاء بينهما في الثاني سبتمبر القادم بهدف تفعيل مفاوضات السلام المباشرة. وقبل نتانياهو وعباس الدعوة الأمريكية حيث أكد الأول أن إسرائيل تريد الدخول في مفاوضات شاملة وجادة في نفس الوقت الذي أكد فيه الرئيس الفلسطيني ان اللجنة المركزية لمنظمة التحرير قبلت العودة إلى طاولة المفاوضات من اجل تسوية كافة قضايا الوضع النهائي العالقة''. وطمأنت وزيرة الخارجية الأمريكية طرفي الصراع في المنطقة العربية بأن الهدف من هذه الجولة من المفاوضات يبقى تسوية كل قضايا الوضع النهائي متوقعة الانتهاء منها بعد عام من الآن، في إشارة إلى ملفات الدولة الفلسطينية واللاجئين ومستقبل مدينة القدس الشريف. وينتظر أن تنطلق هذه المفاوضات برعاية من الرئيس الأمريكي باراك أوباما وبحضور الرئيس المصري حسني مبارك والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني. وكان بيان اللجنة الرباعية التي تضم بالإضافة إلى الولاياتالمتحدة وروسيا كل من الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي أكد أن المفاوضات تهدف إلى إقامة دولة فلسطينية ووضع حد للاحتلال الإسرائيلي سنة .1967 وهو التأكيد الذي جعل السلطة الفلسطينية تقبل بالعودة إلى طاولة المفاوضات المباشرة على اعتبار أن التأكيد على حدود جوان 1967 يعني أن القدسالمحتلة لن تكون عاصمة لإسرائيل ولكنها تغاضت الطرف حول مسألة الاستيطان التي رفض نتانياهو أمس وقفها وهي التي وضعتها كشرط اول قبل العودة إلى الطاولة. وينتظر أن يستبق اول جلسة مفاوضات مأدبة عشاء في الفاتح من الشهر القادم يقيمها الرئيس الأمريكي باراك أوباما بحضور الرئيس عباس ونتانياهو والرئيس حسني مبارك والعاهل الأردني عبد الله الثاني وبمشاركة طوني بلير رئيس اللجنة الرباعية. على أن تشرف وزيرة الخارجية الأمريكية في اليوم الموالي على لقاء ثلاثي يضم عباس ونتانياهو لإعطاء إشارة انطلاق المفاوضات المباشرة. وكشف جورج ميتشل موفد السلام الأمريكي إلى الشرق الأوسط أمس أن بلاده ستقوم بدور محوري في هذه المفاوضات رغم قناعتها أنها مفاوضات ثنائية. وهو ما يفسر الآمال التي تعلقها الرئاسة الأمريكية للتوصل إلى نتيجة ايجابية من خلال هذه المفاوضات. وهو تفاؤل لم يشاطرها فيه فلسطينيون وإسرائيليون الذين ابدوا تشاؤما كبيرا في إمكانية تحقيق اختراق في عملية السلام بسبب عدم تأكيد اللجنة الرباعية ولا الولاياتالمتحدة على ضرورة وقف الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربيةوالقدسالمحتلة. وقال نائب الكينيست الإسرائيلي حاييم اورون عن حزب ميرتز المعارض انه من دون تجميد نهائي للاستيطان وتحلي إسرائيل بإرادة حقيقية للانسحاب إلى ما وراء حدود جوان 67 ومادامت إسرائيل تمنح صورة كاريكاتورية للدولة الفلسطينية فإن هذه المفاوضات ستكون مجرد مضيعة للوقت. وهو الحذر الذي طبع تصريحات كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات الذي أكد من جهته أنه مادامت الحكومة الإسرائيلية ترفض كل فكرة لوقف الاستيطان وتهديم منازل الفلسطينيين في القدس الشريف فإننا لن نواصل هذه المفاوضات. وإذا سلمنا بما أكدته إذاعة الاحتلال أمس فإن هذه المفاوضات ستنتهي فعلا إلى طريق مسدود عندما أشارت إلى أن المفاوضين الإسرائيليين سيطالبون بإقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح إلا من أجهزة أمنية مزودة عناصرها بأسلحة خفيفة وان تحتفظ إسرائيل بقوة عسكرية على حدود الضفة الغربية والأردن بالإضافة إلى التزام الحكومة الفلسطينية بعدم التوقيع على أية اتفاقيات مع أية دولة معادية لإسرائيل. وربما ذلك هو الذي جعل حركة حماس تسارع إلى رفض هذه المفاوضات وأكدت أنها غير معنية بنتائجها الخادعة ولا نريد تكرار تجربة مؤتمر انابوليس الذي عقد في نوفمبر 2007 برعاية من الرئيس جورج بوش بعد ثماني سنوات من الجمود ولكن نتائجه بقيت مجرد حبر على ورق.