كرّم أمس منتدى المجاهد الثقافي الراحل محبوب باتي من خلال استحضار تراثه الموسيقي ودوره في صناعة الأغنية الجزائرية، وكذا تَبنّيه لأجيال متعاقبة من المطربين. وحضر اللقاءَ جمع من أصدقاء الراحل ومعارفه وكذا بعض الفنانين، تَقدَّمهم العملاق محمد العماري. افتُتح اللقاء بعرض فيلم وثائقي في 50 دقيقة، أنتجه التلفزيون الجزائري خاص بالراحل محبوب باتي ، الذي ظهر فيه متحدثا عن مسيرته الفنية. كما تَضمّن الفيلم شهادات من عايشوه وكذا مقتطفات من أهم الأغاني التي لحّنها، منها ”جوهرة”، ”البارح”، ”يا الورقة”، ”ألو.. ألو”، ”خايف الله” وغيرها كثير، مما وَلّد عند الحضور مشاعر الحنين لفترة ازدهرت فيها الأغنية الجزائرية. أدار اللقاءَ عبد الكريم تازاروت، الذي أكد على ثقل هذا الفنان، الذي قدّم روائع لا تُعد باسمه الخاص وباسم الحضور. وطلب تازاروت من السلطات ضرورة إعادة الاعتبار لهذا الفنان، من خلال إطلاق اسمه على مؤسسة ثقافية ما أو على فضاء، كما كان الشأن مع فنانين آخرين؛ (العنقى، بشطرزي، التوري وغيرهم). محبوب باتي هو أسطورة الأغنية الجزائرية، ألّف ولحّن 2300 أغنية، وهو إنجاز فني لم يسبقه إليه أحد في العالم، علما أن أغلب ما ألّفه عرف النجاح ولايزال مطلوبا إلى اليوم. الفنان العماري كان شاهدا على هذه المسيرة؛ باعتبار أنه رافق الراحل وكان على علاقة وطيدة به، فلقد كان الراحل يفضّله ويعطيه أجمل الأغاني. وقال العماري: ”محبوب باتي أحدث ثورة في الأغنية الجزائرية، واستغل كل تراثها، وصنع جيلا من الفنانين، كما أن أعماله غير قابلة للتقادم؛ فهي مطلوبة حتى اليوم في الوطن وفي الخارج، ومع رحيله ”توقفت حال” الأغنية الجزائرية ولم تعد هناك أية مبادرة لإعادة بعثها؛ سواء من الناحية الفنية أو من ناحية القيم الإنسانية والاجتماعية الصادقة التي تحملها”. شارك في الندوة أيضا الملحن والمنتج مجيد الوناس، الذي تحدّث عن تجربة محبوباتي في الإنتاج؛ حيث كان يسجل باستوديو له في شارع زبانة (لاهوش سابقا)، وفيه استقبل عشرات الفنانين، علما أن العديد من أعمال محبوباتي لم يسجلها بسبب نقص في الإمكانات (خاصة في التسجيل). من جانبه، الكاتب والصحفي بلقاسم رواش تحدّث عن ميول الراحل محبوب باتي إلى الفن الحضري، لذلك طوّر الشعبي، كما أن أعماله مستمَدة من حياة وثقافة الجزائريين، لذلك بقيت مسجَّلة في الذاكرة، ولم يكن أبدا ذلك الفنان الذي يلهث وراء الكسب. خلُصت الندوة إلى أن الراحل فنان تقاسمت روائعَه كلُّ بلدان المغرب العربي، وفنان عبقري صاحب السهل الممتنع، ردَّد أغانيه ملايين الجزائريين حتى في الملاعب، وسيبقى عقدة الفنانين الفاشلين، الذين لا يهمهم الفن الجزائري بقدر ما تهمّهم المصالح الضيّقة، لذلك تنتهي مسيرتهم عند بدايتها.للإشارة، فُتح نقاش مطوّل بعد الندوة، شارك فيه صحفيون قدامى خاصة من ”المجاهد اليومي” وكذا فنانون وغيرهم، تَذكّروا أمجاد الأغنية الجزائرية وتَذكّروا أسماء كبيرة رحلت عن عالمنا، ظهرت في الفيلم الوثائقي الذي عُرض.