بالصدفة اهتدى الشاب نور الدين شعاب إلى استغلال حرفة لم تحظ باهتمام الكثيرين، على الرغم من أنها محبوبة لدى الجنس اللطيف، سواء للإهداء أو لاستغلالها في الجانب التزييني، وهي حرفة صناعة الأزهار بالورق، التي مكنته من ولوج عالم الشغل، خاصة بعد أن استفاد من قرض بقيمة 29 بالمائة مكنه من دعم حرفته والنجاح فيها. تعتمد حرفة صناعة الزهور على مادة أولية بسيطة موجودة بكثرة في مجتمعنا تتمثل في الورق، إذ يكفي أن يتوفر الورق من النوعية الجيدة حتى لا يتمزق، ليطلق الحرفي نور الدين العنان واسعا لمخيلته ويحوله إلى أزهار يصعب التفريق بينها وبين الطبيعية منها، وفي حديثه ل «المساء»، قال؛ حرفة صناعة الأزهار من أبسط الحرف وأنبلها، غير أنها تتطلب من محترفها أن يحوز قدر واسعا من الخيال الفني ليتمكن من تجسيد زهرة مطابقة للأصلية منها بكل ما تحمله من تفاصيل، أضف إلى ذلك أنها حرفة يدوية لا تعتمد مطلقا على الآلة، الأمر الذي يتطلب بذل الكثير من الجهد والتحلي بالصبر لإتقانها». يعتبر الحرفي نور النور عصاميا لأن بدايته في الحقيقة لم تكن مع حرفة صناعة الزهور، وإنما كان يعمل على إعداد باقات زهور جاهزة للعرائس، غير أنه اهتدى في يوم وهو يعد الباقة، إلى التفكير في تغيير المادة التي تصنع منها الزهور وهي عادة القماش أو البلاستيك، فحاول الانفراد بابتكار شيء مختلف، فما كان منه إلا أن جرب صناعة وردة بالورق، فأوجد وردة فريدة من نوعها ومختلفة في طريقة تصميمها، الأمر الذي جعله يتخلى عن صنعته في تجهيز باقات الورود، والالتفات إلى صناعة ورود من الورق بأشكال، أحجام وألوان مختلفة، وكانت النتيجة أن توافدت عليه السيدات بكثرة لاقتناء هذا النوع الجديد من الأزهار، الأمر الذي دفعه، يقول، «إلى التفكير سريعا في الاستثمار في هذا المجال من خلال الاقتراب من وكالات دعم وتشغيل الشباب للحصول على قرض يمكنه من الاستثمار في هذه الحرفة الجديدة». تنتشر عادة حرفة صناعة الأزهار بالورق في الصين، غير أن الحرفي نور الدين أبى إلا أن ينافس المنتوجات الصينية بما يصنعه، لوضع حد للسلع الأجنبية التي أغرقت السوق وهمشت الإبداعات الجزائرية. لم يكتف محدثنا بإعداد باقات من الأزهار الورقية، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حيث قرر أن يعد أواني خاصة بوروده، واختار خيوط القش على اعتبار أنها مادة أولية متوفرة بكثرة، وقام بتلوينها بألوان مختلفة، ومن ثمة، شكل باقات أزهار، أكد أنها لقيت إعجاب كل من وقع بصره عليها، فيما همت بعض الزبونات لاقتنائها بغية تقديمها كهدية، لاسيما يقول وأننا في موسم الأعراس. يعمل اليوم الحرفي نور الدين رفقة زوجته التي تعلمت هي الأخرى هذه الحرفة على يدي رفيق دربها، ويتمنى حاليا أن يحوز محلا يمكنه من تعليم هذه الحرفة للشباب الباحث عن فرص تكوين، لاسيما وأننا في موسم الصيف، حيث تصبح الحاجة لتعليم الشباب ملحة لحمايتهم من الفراغ والوقوع ضحايا لبعض الآفات الاجتماعية.