في إحدى الخيم المنصبة على كورنيش واجهة البحر بمدينة بومرداس، احتلت باقات الورود المكان، ألوانها الممزوجة طبيعيا والمتداخلة في بعضها البعض تريح عين الناظر إليها، وما زادها جمالا هو يد الإنسان التي أدخلت على جمالها لمسة فنية تسمح بجعل هذه النباتات تعمر طويلا، والأكثر من ذلك تشكيلها كما تشاء النفس وحسب زوايا البيت وديكوره. للفن ميادين كثيرة وخيالات واسعة تجعل كل إنسان في مكانه مبدعا، فما عليه فقط هو تحريك خياله وفق ما توفر لديه من إمكانيات لجعل خياله صورة ملموسة، وهذا هو الإبداع الحقيقي. هكذا بدأت الفكرة عند الشاب خالد مصراوي من مدينة برج منايل، الذي اكتشف أنه بإمكانه تطوير موهبته ليصنع إبداعات كثيرة، وهو الذي اشتغل صانع حلويات طويلا، وانتقل صدفة لصناعة ورود التزيين بعدما شغل تفكيره، وهو يطيل الإمعان في باقة ورد مثبتة بإحكام في دلو زيت فارغ ملفوف بشعر النخلة، ثم كانت البداية بقصده لمدينة بشار لشراء أوراق النخيل، وكذا مادة شعر النخيل وهي المواد التي سببت له ولزميله في ذات الحرفة مراد شيخ الكثير من الإصابات على مستوى اليدين، لأن أوراق النخيل حادة كثيرا، وتسبب نوعا من الخدوش عند استعمالها المتكرر، ولكن خالد الحرفي الهاوي بدأ يتأقلم مع حرفته الجديدة وكان يطيل المكوث معتكفا على صنع باقة ورد صغيرة في البداية، ولكنه الآن لا يمضي سوى دقائق بعد اكتسابه خبرة وخفة يد. الجديد في عمل خالد هو صنع باقة ورد للديكور انطلاقا من لوحة خشب سداسية الشكل، يغطيها بقطعة من "الخيشة" ثم يشكل الباقة حسب الشكل والحجم الذي يريد. يقول محدثنا إن هذه الحرفة تجعل الإنسان أكثر صبرا وتعلقا بالطبيعة، ولكنه يمكنه الإبداع فيها أكثر لو توفرت له آلة صنع الورود البلاستيكية التي يصل سعرها بالسوق المحلية إلى حوالي 600 ألف دينار، وهو حاليا يقوم بالخطوات للحصول أولا على بطاقة الحرفي ثم ينوي التقدم بطلب دعم لشراء هذه الآلة. عن المعرض المقام حاليا بواجهة البحر لبومرداس على هامش المهرجان الثقافي الافرقي قال الحرفي إن مشاركته كانت مثمرة حقا لأن الكثير من الأفارقة أعجبوا بعمله، على غرار المصطافين المحليين، ما جعله يفكر في المشاركة في كل المعارض التي قد تنظم هنا وهناك، على الأقل لكسب خبرة وتبادل الأفكار لتنمية المهارات الفنية والإبداعية.