رسمت الجزائر ومصر آفاقا واعدة للتعاون الثنائي في ظل توفر الإرادة السياسية للبلدين، حيث أكدتا على توفر الإمكانات التي من شأنها تحقيق انطلاقة واعدة لبعث التعاون الاستراتيجي في شتى القطاعات، في إطار علاقة تكاملية أرستها العلاقات التاريخية العريقة بين البلدين. وفي هذا الصدد، أعرب وزير الخارجية السيد مراد مدلسي في ندوة صحافية عقدها أول أمس بمعية نظيره المصري السيد محمد كامل عمرو بإقامة الميثاق، عن ارتياحه للمستوى الذي بلغته العلاقات الجزائرية - المصرية والحركية التي طبعتها في مختلف الاتجاهات في "ظل الإرادة السياسية التي تحذو قائدي البلدين"، مشيرا إلى أن أشغال لجنة المتابعة الثنائية التحضيرية للدورة السابعة للجنة المشتركة الكبرى، كانت "فرصة" لتعميق التشاور وتبادل الرؤى حول مختلف المسائل على المستوى الثنائي والإقليمي والدولي وكذا القضايا ذات الاهتمام المشترك. كما أشار إلى أن اللقاء كان كذلك مناسبة لإجراء تقييم شامل لمسيرة التعاون بين البلدين منذ آخر دورة للجنة المشتركة الكبرى، التي انعقدت بالجزائر في 2008 إلى غاية اليوم، مؤكدا على وجود "إرادة سياسية مشتركة" بين البلدين لنقل علاقاتهما "من مستوى مرضٍ إلى مستويات أوسع"، مضيفا أن هذه العلاقات "لا تكتسي طابعا ثنائيا فحسب، بل تهدف أيضا إلى تنمية المنطقة العربية والإسلامية". من جهته، أبرز وزير الخارجية المصري السيد محمد كامل عمرو، أن الجزائر ومصر "تتكاملان" و«لا تتنافسان"، مشيرا في هذا الإطار إلى أن اقتصاديات البلدين مرشحة للتكامل، مؤكدا على وجود إرادة سياسية في مصر على أعلى مستوى لزيادة التعاون بين البلدين؛ باعتبار هذا الأخير "لا يصب فقط في صالح الدولتين وإنما في صالح المنطقة العربية والإفريقية". وبخصوص أشغال لجنة المتابعة الجزائرية - المصرية، أكد السيد محمد كامل عمرو أهمية اللقاء، مشيرا إلى أنه يبين "مدى عمق واتساع العلاقات" بين الجزائر ومصر، مضيفا أن مهمة الجانبين هي تطوير هذه العلاقات وتعزيزها. كما تطرق الجانبان إلى الأزمة السورية، حيث أشار السيد مدلسي إلى القاسم المشترك القوي بين البلدين، والمتمثل في الحل السلمي، مؤكدا أن البلدين كانا سبّاقين في "حمل مشعل الحل السياسي". وقال في هذا الصدد إن "الحل المرضي بالنسبة لسوريا لا يكون إلا على عاتق السوريين وليس غيرهم"، وإن الجزائر ومصر "لن تدّخرا أي جهد لطيّ صفحة الماضي الأليم بالنسبة للشعب السوري وفتح صفحة الازدهار والوحدة والتعاون ما بين الأطياف السورية؛ حتى يعود هذا البلد إلى الجامعة العربية والعائلة العربية". وكان السيد مدلسي قد أشار في تصريح صحفي أدلى به عند وصول وزير الخارجية المصري إلى الجزائر، إلى أن "الحل السلمي للأزمة السورية ليس هو الحل الأسهل ولكنه الأفضل"، معتبرا أنه "حل مركَّب جدا لتعدد الأطراف". وقال في هذا الصدد إنه رغم تعدد الأطراف المشاركة في صنع القرار النهائي بشأن عقد المؤتمر الدولي حول سوريا(جنيف2)، فإنه "لم يتقدم أي طرف ثان يعبّر عن معارضته للحل السلمي للأزمة السورية الذي يُعد الأفضل". وأضاف رئيس الدبلوماسية الجزائرية أنه تَبيّن من خلال لقاءات متعددة حول عقد هذا المؤتمر الدولي، بقاء عدة مسائل مطروحة، غير أنه أكد تمسّك الأطراف بمبدأ ضرورة اللجوء إلى عقد المؤتمر الدولي حول سوريا (جنيف2). وعن تاريخ عقد هذا المؤتمر الدولي، ذكّر السيد مدلسي بما صرح به قبل يومين المبعوث الأممي العربى المشترك للأزمة السورية الأخضر الإبراهيمي، الذي استبعد عقد المؤتمر في شهر جويلية، داعيا الأطراف لإيجاد اتفاق لعقده قريبا. وأشار السيد مدلسي إلى أنه من المتوقع أن يُعقد المؤتمر الدولي حول سوريا (جنيف2)، "في الخريف المقبل"، مضيفا أن" المبعوث الأممي والعربي المشترك الأخضر الإبراهيمي، يُعد الشخص الرئيس والمركزي في هذا الملف، وبالتالي فهو الوحيد القادر على الإعلان عن تاريخ محدد لعقد هذا المؤتمر الدولي، لكون كل المعطيات موجودة بحوزته. من جهته، أكد وزير الخارجية المصري أن موقف بلاده واضح جدا، ويتمثل في "الاستجابة للمطالب المشروعة للشعب السوري في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية"، مذكرا بأن هذه المطالب نادت بها مصر في ثورة 25 يناير". وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية المصري: "نحن مع الحل السياسي في سوريا؛ لأن أي حل عسكري لن ينجم عنه إلا المزيد من الدمار والمعاناة للشعب السوري"، مبرزا أن عدد اللاجئين السوريين يقدَّر بمليون ونصف المليون إضافة إلى أربعة ملايين نازح داخل سوريا، حسب تقديرات مفوضية الأممالمتحدة للاجئين. وعلى المستوى الإفريقي، ذكّر السيد مدلسي باحتضان الجزائر اليوم السبت لاجتماع مجلس الأمن والسلم الإفريقي، الذي سيخصَّص لمحور "المصالحة الوطنية" وعرض تجربة العديد من البلدان الإفريقية، والذي سيحضره وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو، الذي أكد، بدوره، أن البلدين من الدول التي لها علاقات "وثيقة وتاريخية في إفريقيا" منذ بداية حركات الاستقلال في هذه القارة، وأن الدولتين من المؤسسين لمنظمة الوحدة الإفريقية، التي أصبحت اليوم الاتحاد الإفريقي، وذكر أن الجزائر ومصر من "أكبر أربع دول في إفريقيا تساهم في ميزانية الاتحاد الإفريقي". وكان رئيس مجلس الأمة السيد عبد القادر بن صالح قد استقبل وزير الخارجية المصري، حيث قدّم خلال هذا اللقاء "عرضا وافيا عن تطورات الأوضاع السياسية والاقتصادية الراهنة في مصر، وكذا تطورات الأوضاع السياسية في الشرق الأوسط والعالم العربي". وقد نالت القضايا الاقتصادية والتجارية في هذا اللقاء "قسطا وافرا من التحاليل"، حيث تم التأكيد على ضرورة "رفع حجم المبادلات التجارية بين البلدين إلى مستوى الإمكانات الحقيقية لاقتصادهما، وترجمة التوافق السياسي بين الجزائر ومصر إلى تبادل تجاري واقتصادي، يعكس تطلعات البلدين والشعبين إلى علاقات أفضل". كما استقبل السيد محمد العربي ولد خليفة رئيس المجلس الشعبي الوطني، أول أمس، وزير الخارجية المصري بحضور سفير الجزائر في مصر. وأوضح بيان للمجلس أنه تم خلال هذا اللقاء استعراض "العلاقات الممتازة التي تربط بين البلدين الشقيقين وسبل ترقيتها لتشمل كافة مجالات التعاون". كما كان اللقاء مناسبة لتبادل وجهات النظر حول "مختلف القضايا الجهوية والدولية، لاسيما الملف السوري ومسار المصالحة في جمهورية مالي". وبهذه المناسبة شدّد السيد ولد خليفة على "ضرورة تطوير العلاقات الجزائرية المصرية لتكون في مستوى العلاقات التاريخية بين البلدين والشعبين، لتؤسس لعلاقات تكاملية بين بلدين محوريين في العالم العربي وإفريقيا، تنعكس إيجابا على كل المنطقة". ومن جهته، عبّر وزير الخارجية المصري عن "رغبة بلاده في تطوير التعاون مع الجزائر التي تُعتبر أكبر مستقطب للاستثمارات المصرية في الخارج"، مشددا في هذا الإطار على "تطابق وجهات النظر بين البلدين حول العديد من القضايا، وكذا أهمية دور الجزائر في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة ومكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود وتجارة المخدرات".