أكدت السيدة صورية مديون، ملحقة بالحفظ، أنّ سيادة الجزائر على غرب حوض المتوسط في العهد العثماني لم تأت بطريقة اعتباطية، بل شكلّت ثمار سياسة قيادة مركزية حكيمة وامتلاكها لمجموعة مهمة من الحصون. وأضافت صورية مديون خلال مداخلتها ”موقع الأميرالية، أول خط دفاعي لمدينة الجزائر في العهد العثماني”، التي قدمتها في إطار تظاهرة ”التراث الثقافي البحري، ذاكرة وتاريخ” التي ينظمها المتحف العمومي الوطني البحري بقصر رياس البحر، أن الأميرالية (الميناء سابقا) تضم عدة أبراج، بعضها ما يزال موجودا والبعض الآخر اندثر. وأشارت المتحدثة إلى أنّ الأميرالية تقع في خليج الجزائر الذي يبلغ 19 كلم (الجهة الغربية لحوض البحر المتوسط)، وكانت تضم منارة فقط قبل العهد العثماني، بنيت في العهد الزيري بغرض إرشاد السفن وتسهيل العلاقات التجارية، وأكدت أنه لم يكن للجزائر شأن قبل العهد العثماني لتتحول بعد دخول الأتراك إلى قوة بحرية كبيرة، طيلة ثلاث قرون من الزمن، حيث كان ميناؤها يشكل حصنا منيعا ضد الأعداء، إضافة إلى أنه كان يربط بين الجزائر ودول أخرى. وأشارت صورية إلى أن خير الدين بربروس وبعد معركة الصخرة في 23 ماي 1529، قام بتحطيم برج الصخرة والربط بين الجزر، كما شيّد رصيفا (200 متر طولا) لتتوالى التحصينات والترميمات على الميناء بقدوم كل حاكم جديد. وأضافت المتحدثة أن ميناء الجزائر (الأميرالية حاليا) يضم العديد من الحصون والأبراج، أهمها؛ ”برج المنار” الذي بني على أنقاض قلعة البينون التي احتفظ ببابها كذكرى لانتصار خير الدين في معركة الصخرة، ويبلغ طوله 96 مترا وارتفاعه 36.8 مترا، ويتشكل من أربعة طوابق، شيد في عهد عرب أحمد سنة 1572. أما برج ”راس عمار القديم” فلم يبق له أثر، إذ يقع شمال المنارة ويضم أكثر من خمسين فتحة مدفع، بني في عهد محمد باشا (1784) واستطاع أن يواجه المحتل الفرنسي يومين كاملين، مما اضطره للعودة بالمزيد من الذخيرة واحتلال الموقع. واستمرت المحاضرة في ذكر أسماء الأبراج، من بينها برج ”راس عمار الجديد” الذي بناه حسين داي ويتشكّل من 34 مدفعا، حيث أصبح مخزنا للعتاد، أما برج ”الجديد”، فبني بعد الحملة الدانماركية سنة 1774 من طرف محمد بن عثمان باشا، وله 21 فتحة مدفع، في حين تم بناء المتراس بطول 42 مترا ويحمل 18 فتحة مدفع. ويوجد أيضا ”برج ما بين” الذي يقع بين برجين هما؛ ”برج الجديد” و”برج السردين”، ويستعمل لاحتضان التشريفات والاحتفالات، حيث تطلق 21 طلقة في كل تشريف، كما تطلق منه طلقات خاصة بعيد الفطر والأضحى، إضافة إلى مواقيت الإفطار، في حين نجد ”برج السردين” الذي يعد من أقدم الحصون ولم يتبق منه إلا باب ورخامة تضم بعض المعلومات عنه، وسمي ب«باب السردين” نسبة لرسمة سردين فوق بابه، إذ بني سنة 1767 في عهد أحمد باشا، وأعيد ترميمه سنة 1777 في عهد محمد بن عثمان باشا، ويقال أن صانعه فارسي أو متأثر بالثقافة الفارسية نظرا لرسمه لطائر يقال إنه يسبح بحمد الله. واختتمت صورية مداخلتها ب”برج قمان” أو”لحبال” الذي يقع بين برج ”السردين” وبرج ”رأس المول” ويتكون من 30 مدفعا، أما برج ”رأس المول” فبني سنة 1703 وبقي منه خمس لوحات تحمل كتابات وزخرفات، من بينها عن عرب أحمد وبانيها معلم محمد.