أبرز أساتذة جامعيون وأكاديميون أمس، الدور الريادي للجزائر في دعم ونصرة قضايا التحرر عبر العالم إبان ثورة التحرير المجيدة، مؤكّدين أن هذا المبدأ الراسخ مكّن البلد من تبؤّء مكانة استراتيجية بين دول العالم، لاسيما الالتزام بمساندة حق الشعوب في تقرير مصيرها ونيل استقلالها. وأوضح هؤلاء الأساتذة خلال تدخلهم في ندوة تاريخية بمنتدى المجاهد حول " الثورة الجزائرية وحركات التحرر، تكريما لروح المجاهد المناضل جلول ملائكة"، في إطار منتدى الذاكرة لجمعية مشعل الشهيد، أن تمسّك الجزائر بمبدأ دعم الحركات التحررية عبر العالم أثناء ثورة الفاتح نوفمبر 1954 لاسيما (القضية الفلسطينية وقضايا التحرر في إفريقيا)، جعلها مرجعا هاما في احترام حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها، وتطلعها للعيش في كنف السلم والأمن الدوليين بعيدا عن كافة أشكال الاحتلال والهيمنة. وأكد الكاتب والمؤرّخ محمد عبّاس، في تدخله، أنّ موقف الجزائر التاريخي والثابت بخصوص الوقوف دوما إلى جانب الشعوب المستضعفة والمستعمرة ليس وليد اليوم، وإنّما يعود إلى فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر، موضحا أنه رغم ظروف الاحتلال الفرنسي والقمع والتعذيب ومحاولة طمس الهوية الوطنية التي كان الشعب الجزائر يعاني منها، إلاّ أن هذا الأخير لم تثنه هذه الممارسات المنافية للمواثيق الدولية من دعم ومساندة الشعوب الأخرى، التي كانت تتجرّع ويلات الاستعمار في تلك الفترة. وأضاف السيد عبّاس، أن الجزائر لم تحد ولو مرة عن هذا المبدأ المشرّف، الذي جعلها شريكا هاما في بحث الحلول السلمية لمختلف الأزمات التي مسّت بعض الدول العربية والإفريقية، على غرار ما يجري فيما يعرف بدول الربيع العربي والتطورات التي يعرفها شمال مالي ومنطقة الساحل الإفريقي ككل. وذكّر، أن هذا الالتزام ساهم في تعزيز مكانة البلد على المستوى الخارجي، خاصة استقطابها للقوى العظمى على غرار الولاياتالمتحدةالأمريكية وروسيا وألمانيا في تكثيف الجهود، لبحث الحلول السلمية لمختلف الأزمات، ليتطّوّر هذا المفهوم ليشمل مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة بمختلف أشكالها. وبدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر، الدكتور عامر رخيلة، في تدخل له، أن التزام الجزائر بمساندة قضايا التحرّر عبر العالم منذ ثورة التحرير، سمح بتقوية علاقاتها الدولية وسياستها الخارجية مع مختلف الدول بعد الاستقلال، لتصبح حليفا هاما في بحث قضايا السلم والأمن الدوليين، وهو ما تأكد في مختلف اجتماعات الجامعة العربية ومجلس الأمن، حول الملف السوري والأزمة المالية وما سبقها من أزمات كالأزمة الليبية والتونسية والمصرية. وأوضح الدكتور رخيلة في هذا الإطار، أن معاناة الجزائر لأكثر من قرن من ويلات الاستعمار والهيمنة، جعلها تقدّر بشكل كبير معنى وقيمة الحياة في كنف الحرية والانعتاق والتحرر من أغلال العبودية، معتبرا ثورة التحرير المباركة نبراسا يضيء درب كافة الشعوب التواقة للتحرّر والحرية. كما دعا في السياق، إلى الاستفادة من تجربة الجزائر المريرة في كفاحها المستميت ضد الاستعمار الفرنسي من أجل الاستقلال، مشدّدا على ضرورة احترام إرادة وسيادة الشعوب وحقها في العيش بعيدا عن الحروب وويلات الاستعمار. وفي الختام، دعا المجاهد والمناضل جلول ملائكة الذي حظي بتكريم خاص من قبل جمعية مشعل الشهيد، إلى ضرورة وفاء جيل اليوم لثورة الفاتح نوفمبر 1954، والاستلهام من قيمها النبيلة وجعلها مرجعا في مواجهة التحديات المستقبلية، مشددا على أهمية استذكار المحطات التاريخية الخالدة لقوافل الشهداء الذين ضحّوا بالنفس والنفيس من أجل استقلال الجزائر. وللإشارة، تندرج هذه الندوة، في إطار منتدى الذاكرة لجمعية مشعل الشهيد، بالتنسيق مع بلدية الجزائر الوسطى، بمناسبة إحياء الاحتفالات المخلدة للذكرى ال50 لاسترجاع السيادة الوطنية، وإحياء الذكرى ال51 لعيد الاستقلال والشباب.