أكّد أساتذة ومجاهدون، في ندوة نقاش تاريخية احتضنها منتدى جريدة “الشعب” أمس، حول الفترة الممتدة بين 19 مارس إلى 05 جويلية 1962، أن ذكرى عيد النصر كانت بمثابة اللبنة الأولى التي أسّست لاستقلال الجزائر ومكّنت الشعب الجزائري من تقرير مصيره. وأكد أستاذ العلوم والسياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر، الدكتور عامر رخيلة، في تدخل له خلال هذه الندوة التي حملت عنوان “مرحلة ما بين 19 مارس و5 جويلية 1962”، بحضور مجاهدين وطلبة أن ذكرى وقف إطلاق النار ومختلف الأحداث المتسارعة التي وقعت خلال الفترة المذكورة عجّلت بتكريس مطلب الاستقلال والتحرّر أكثر من أي وقت مضى، لاسيما زيادة الضغط الوطني والدولي على الإدارة الاستعمارية وإجبارها على الجلوس إلى طاولة المفاوضات (مفاوضات ايفيان). وأوضح الدكتور رخيلة الذي تحدث بإسهاب عن هذه الحقبة التاريخية الهامة من تاريخ الجزائر الثوري أن تزايد وتيرة المطالبة باستقلال الجزائر خلال فترة 19 مارس 1962 جاءت خاصة بعد تزايد جرائم القتل والتصفيات الجسدية ضد الجزائريين من قبل أعضاء منظمة الجيش السري الفرنسي (أو.أ. أس). معتبرا أن هذه الجرائم المخزية زادت من عزيمة قادة جبهة التحرير الوطني والشعب على حد سواء في التمسّك بمطلب الاستقلال وهو ما حصل بالفعل لاحقا يوم 05 جويلية 1962 على حد تعبيره. ومن جهة أخرى، أكدت المجاهدة زهرة ظريف بيطاط في تدخل لها أن الأحداث المتسارعة التي شهدتها الجزائر من 19 مارس إلى 05 جويلية 1962 تعد مرحلة فاصلة في تاريخ العلاقات الجزائرية - الفرنسية، مما أعطى دفعا قويا لعجلة مفاوضات ايفيان الشهيرة، مذكرة أن ثورة الفاتح نوفمبر 1954 تبقى محطة تاريخية خالدة وحدثا كبيرا في العلاقات الدولية سعت بشتى الوسائل والطرق إلى القضاء على الظاهرة الاستعمارية عبر العالم. وتطرّقت المجاهدة ظريف بيطاط الى مختلف المحطات التاريخية التي ميّزت هذه الحقبة التاريخية للجزائر، مستحضرة في ذلك التضحيات الجسام التي قدّمها الشعب الجزائري من أجل التحرّر ونيل الاستقلال. كما عرّجت في السياق على الحملة الشرسة التي كان يقودها أعضاء منظمة الجيش الفرنسي ضد الجزائريين وكل المتعاطفين مع مبدأ الاستقلال والتحرّر. وقالت المتحدثة موضحة: “إنه لولا الالتفاف الشعبي منقطع النظير للجزائريين حول الثورة والتمسّك الثابت بمبدأ الاستقلال لما أُجبرت فرنسا على الخضوع لهذا المطلب الذي ضحّى من أجله مليون ونصف مليون من الشهداء..”، داعية إلى الوفاء والالتزام باحترام المسيرة العطرة لشهداء الجزائر والاقتداء بهم في الدفاع عن مقومات السيادة الوطنية والحفاظ على وحدة الأمة. كما شدّدت، من جهة أخرى، على ضرورة الاهتمام أكثر بتلقين تلاميذ المدارس وطلبة مؤسسات التعليم العالي لاسيما المتخصصين في التاريخ بحيثيات هذه المرحلة التاريخية الهامة من تاريخ الثورة التحريرية المجيدة، والعمل على أرشفة وتدوين كافة الوقائع التي شهدتها هذه الفترة وجعلها مرجعا تاريخيا تستلهم منه الأجيال القادمة. وبمناسبة الاحتفال بعيد الاستقلال والشباب المصادف ل05 جويلية، ذكرت المجاهدة بضرورة مشاركة كافة شرائح المجتمع في الاحتفال بهذه الذكرى الغالية على الجزائريين. كما ذكّر المشاركون في الأخير، بالأوضاع غداة الاستقلال وما صاحبها من مشاكل اقتصادية واجتماعية في مختلف المجالات. موضحين أن انعكاسات هذه المشاكل التي تراكمت أثناء الثورة مسّت قرابة 5 ملايين جزائري، حيث أن فترة الاستقلال سجّلت وجود 300 ألف طفل يتيم منهم 30 ألف يتيم الأبوين، إلى جانب 3 ملايين جزائري هدمت بيوتهم وأحرقت قراهم وفرار 700 ألف آخرين من قراهم نحو المدن ونحو أوروبا. ويضاف إلى ذلك تواجد 300 ألف جزائري لاجئ بتونس والمغرب. وللإشارة، تم تنظيم هذه الندوة بمبادرة من جمعية “مشعل الشهيد” بالتنسيق مع منتدى “الشعب” في إطار الاحتفالات المخلدة للذكرى الواحدة والخمسين لاستقلال الجزائر.