كشف مدير إدارة السجون، السيد مختار فليون، أن ما يفوق أربعة آلاف محبوس يعملون خارج المؤسسات العقابية في إطار الإجراءات المتخذة ضمن إصلاحات قطاع العدالة التي باشرتها الدولة منذ سنة 2001 والرامية إلى إعادة إدماج المحبوس بعد الإفراج، مضيفا أن المؤسسات والهيئات المخصصة لاستقبال هؤلاء، بلغت لحد الآن 12 مؤسسة عبر الوطن. فيما بلغ عدد الذين استفادوا من عقوبة العمل للنفع العام، 7 آلاف شخص. ويمارس المحبوسون المعنيون الشغل خارج السجون في مجالات عدة لاسيما الفلاحة فيما تعمل مصالح وزارة العدل حاليا، من أجل إعادة إدماج المحبوسين في قطاعات أخرى أهمها التعليم العام والتكوين المهني والتشغيل بالتعاون مع المجتمع المدني. وأكد فليون في تصريح ل«المساء" بخصوص مجال التشغيل لفائدة المحبوسين، أنه تم تشغيل 36062 محبوسا في البيئة المغلقة و1978 آخرين في مؤسسات البيئة المفتوحة و1017 آخرين في نظام الورشات الخارجية، خلال سنة 2012، مضيفا أن الديوان الوطني للأشغال التربوية يتولى حاليا تشغيل عدد هام من المحبوسين بالوحدات الإنتاجية التابعة له. كما أشار المتحدث إلى المساهمات الإيجابية لليد العاملة العقابية التي أكد أنها شاركت خلال 2012 في تشجير أكثر من 1.500 هكتار في قطاع الغابات. وبالنسبة للسنة الحالية، سمح هذا الإجراء الذي يعتبر من المكتسبات الهامة التي أثمرتها إصلاحات قطاع العدالة، بتشغيل أزيد من 4 آلاف في فضاءات مختلفة، منها المغلقة كالورشات المغطاة ومنها المفتوحة كالغابات والمزارع، منهم من يغادر المكان ليعود مساء إلى المؤسسة العقابية ومنهم من يبقى بعين المكان للمبيت. ويأتي هذا الإجراء –حسب السيد فليون- قصد منح الفرصة للسجين للعمل خارج المؤسسة وتحضيره إلى ما بعد العقوبة وإعادة الإدماج اجتماعيا ومهنيا. وأكد مختار فليون في هذا الصدد، أنه يتم حاليا تجسيد عدة برامج على المستوى الوطني من أجل إعادة إدماج المحبوسين في قطاعات التعليم العام والتكوين المهني والتشغيل بالتعاون مع جمعيات، مشيرا إلى أن البيئة المفتوحة التابعة لقطاع العدالة المتواجدة ببعض المناطق لاسيما تلك المتواجدة ببعض ولايات الجنوب، تعتبر نماذج ناجحة في الاستعمال الأمثل لليد العاملة المحبوسة يمكن تطبيقها في مناطق أخرى في ظل توفر الإرادة من طرف الشركاء خاصة في مجال استصلاح الأراضي والتشجير وغرس النخيل، وأشار فليون في هذا الصدد إلى أنه يتم إيلاء أهمية خاصة لهذه البيئة المفتوحة قصد تحقيق الأهداف المرجوة والتي ترمي إلى إدماج المحبوسين في الحياة المهنية خاصة وأن عددا كبيرا منهم اكتسبوا مهارات وشهادات في عدة مجالات بفضل هذه البرامج. وبخصوص عقوبة العمل للنفع العام (عقوبة بديلة عن الحبس)، التي استفاد منها إلى حد الآن ومنذ دخولها حيز التنفيذ كعقوبة بديلة، أزيد من 7 آلاف محكوم عليه، أبرز فليون أهميتها وأثرها الايجابي على الأشخاص كونها لا تظهر في صحيفة السوابق القضائية للمستفيدين من هذا الإجراء إلا في حالة ما إذا أوقف العمل بالعقوبة البديلة وسجن المحكوم عليه وفق عقوبته الأصلية بسبب إخلال هذا الأخير بالالتزامات المترتبة عن هذا الإجراء، ويقيد ذلك بصحيفة سوابقه القضائية وتظهر بالتالي بالقسيمة رقم 3. واعتبر فليون أن تسليم صحيفة السوابق القضائية دون الإشارة إلى العقوبة المذكورة إجراء إيجابي من شأنه أن يخدم سياسة إعادة الإدماج الاجتماعي للمحكوم عليهم، ويسمح لهم بالالتحاق بمناصب عمل أو غير ذلك من المصالح التي تقتضي تسليم هذه الصحيفة.
إجراءات لتسهيل التحاق المحبوس بالجامعة من جانب آخر، وفيما يخص التعليم، كشف فليون عن اقتراح وزارة العدل العديد من الإجراءات الإضافية في مشروع تعديل قانون تنظيم السجون من أجل تسهيل التحاق المحبوس بالجامعة، مشيرا إلى أن الإجراءات المقترحة تدخل في إطار الحرية النصفية وتهدف إلى مواصلة سياسة الدولة في إعادة إدماج المساجين في الحياة الاجتماعية. وجاءت هذه المقترحات -حسبما أبرزه المسؤول بعد تسجيل ارتفاع في عدد الجامعيين المحبوسين الذين يقدر عددهم ب891 جامعيا عبر مؤسسات التربية والتأهيل على المستوى الوطني. علما أن 35 سجينا جامعيا يزاولون دراستهم بالجامعة في إطار الحرية النصفية أما البقية فيزاولون دراستهم بمراكز جامعة التكوين المتواصل في تخصصات متعددة. وأوضح فليون أن وزارة العدل تحرص على تبني هذه المقترحات بعدما لاحظت في السنوات الأخيرة أن عدد المحبوسين الذين انتقلوا إلى الجامعة لا يعودون إلى ارتكاب الجرائم. للإشارة، بلغ عدد المحبوسين في المؤسسات العقابية عبر كافة التراب الوطني، المستفيدين من التعليم العام للسنة الدراسية 2012-2013 في مختلف الأطوار أزيد من 29 ألف محبوس، مقابل 21 ألفا في السنة الماضية، وترشح من بينهم 2310 محبوسين لامتحانات شهادة البكالوريا و4309 لشهادة التعليم المتوسط في حين بلغ عدد المحبوسين المتربصين في مختلف تخصصات التكوين المهني 26.956 محبوسا وهي الأرقام التي قال فليون أنها تعكس الأهمية التي يوليها قطاع السجون وبمساهمة قطاعات الدولة الأخرى المعنية ومؤسسات المجتمع المدني لبرامج إعادة إدماج المحبوسين بعد الإفراج، كما تدل على الجهود المبذولة في مجال إعادة التربية وخاصة في مجالات التعليم العام والتكوين المهني وبرامج التهذيب الثقافي والفكري والديني.