توفي المؤرخ والمناضل الشيوعي هنري علاق مؤلف كتاب “المسألة”، المندد بممارسة التعذيب في الجزائر إبان حرب التحرير الوطني، أول أمس، عن عمر ناهز 91 عاما، حسبما علم لدى يومية “لومانيتي” التي كان أمينها العام. وكان هنري علاق، المناضل المناهض للاستعمار الذي قبع في سجون الاستعمار الفرنسي في الجزائر، قد ألف عام 1958 كتاب”المسألة” الذي تضمن شهادات عن التعذيب. وبالرغم من حجز الكتاب غداة صدوره، فقد تمكن من كشف ممارسة التعذيب من قبل جيش الاستعمار إبان حرب التحرير الوطني. وفي هذا الصدد، نوه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، أول أمس، بالمناضل المناهض للاستعمار، مؤكدا أن كتابه “المسألة” الذي صدر في 1958”نبه بلدنا إلى واقع التعذيب في الجزائر”. مضيفا في بيان تحصلت وكالة الأنباء الجزائرية على نسخة منه، أن “هنري علاق ناضل طوال حياته من أجل كشف الحقيقة”. وفي هذا الصدد، أشار الرئيس الفرنسي إلى أن هنري علاق “برز عبر جميع أعماله، كما هو الشأن لكتابه الأخير الذي يحمل عنوان “ذاكرة جزائرية” الصادر في 2005 كمناهض متحمّس للاستعمار”. وأضاف فرانسوا هولاند بعد تقديم “تعازيه الخالصة” لأقارب الفقيد، أن هنري علاق “كان صحفيا كبيرا بجريدة “ألجي ريبوبليكان” التي أدارها قبل انتقاله إلى جريدة “لومانيتي” التي كان أمينها العام وتعامل معها إلى غاية 1980، مضيفا أنه “ظل دائما وفيا لمبادئه وقناعاته”. وفي رد فعل لها إثر رحيل الفقيد، قالت المجاهدة الجزائرية لويزات ايغيل أحريز التي كانت من ضحايا التعذيب الذي مارسته القوات الفرنسية خلال الثورة التحريرية، أن الصحافي الفرنسي الذي يحمل الجنسية الجزائرية أيضا والناشط الشيوعي، ناضل دائما من أجل “القضايا العادلة”. وأشارت ايغيل أحريز التي أعادت في سنة 2000 فتح النقاش حول التعذيب خلال حرب تحرير الجزائر (1954-1962) “ أشعر بحزن عميق لأن هنري علاق كان أخي الروحي وأخي في الكفاح “. مضيفة في هذا الصدد، “كانت تربطنا قضية مأساوية هي التعذيب خلال حرب الجزائر، وسأفعل كل شيء من أجل تسمية شارع أو مبنى باسمه في الجزائر”. وبالنسبة لمدير صحيفة “الجي ريبوبليكان” (الجزائر الجمهورية) زهير بسة، فإن هنري علاق كان “مناضلا فريدا لا يوجد مثله الكثيرون في أيامنا، وصارع الجلطة الدماغية التي أصيب بها قبل عام حتى وفاته”. وأوضح بسة، أنه التقى علاق آخر مرة في 7 جويلية 2012 في باريس لإحياء الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر، وألقى خلالها كلمة رغم تعبه الشديد”، عبر فيها عن قناعته التامة بأن الاشتراكية ستنتصر حتما”. والمناضل علاق من مواليد جويلية 1921 بلندن (المملكة المتحدة)، وانتقل إلى الجزائر في أفريل 1939، حيث التحق سنة من بعد بالحزب الشيوعي الجزائري الذي كان عضوا بلجنته المركزية إلى غاية حله عام 1955. وأدار يومية “ألجي ريبوبليكان” لسان حال الحزب الشيوعي الجزائري من فيفري 1951 إلى غاية منعها في جويلية 1955. وألقي عليه القبض يوم 12 جوان 1957 من قبل المضليين الفرنسيين أثناء “معركة الجزائر” ببيت موريس أودان -صديقه الذي كان قد اعتقل يوما من قبل- وتعرض للتعذيب على يد الجيش الفرنسي قبل الحكم عليه في 1960 من قبل السلطات الاستعمارية ب10 سنوات أشغال شاقة في فرنسا، لكنه فر من السجن بعد سنة للعودة إلى الجزائر العاصمة. وأعاد تأسيس يومية “ألجي ريبوبليكان” التي أدارها إلى غاية منعها عام 1965. وكان الراحل هنري علاق -الذي ظل وفيا للحزب الشيوعي الفرنسي إلى آخر أيامه- صحفيا بجريدة لومانيتي من 1966 إلى 1980.