أخذت تداعيات العفو الملكي المغربي على الإسباني مغتصب الأطفال أبعادا أخرى بعدما استمرت المظاهرات الاحتجاجية بالعاصمة الرباط في اليومين الماضيين رغم تراجع الملك عن هذا العفو. ورفع المحتجون سقف مطالبهم من مجرد التنديد بما وصفوفه ب«حماقة” الملك في العفو عن مغتصب أطفال إلى المطالبة باستقلال القضاء وإعادة النظر في آلية إصدار العفو الملكي. وفي هذا السياق، رفعت ما لا يقل عن 20 منظمة غير حكومية مغربية، أول أمس، دعوى قضائية ضد وزير الداخلية، محند لعنصر، وعدد آخر من المسؤولين الأمنيين، من أجل تحديد المسؤوليات في عمليات القمع التي استهدفت المحتجين الذين خرجوا الاسبوع الماضي في مظاهرات تنديدية بالعاصمة الرباط ومدن أخرى ضد العفو الملكي. وطالبت هذه المنظمات بضرورة تسليط الضوء على أعمال العنف التي قامت بها قوات الشرطة ضد المتظاهرين وتسببت في إصابة العديد منهم. ويبدو أن تراجع العاهل المغربي عن قرار العفو وإعادة اعتقال الرعية الإسباني المعني إضافة لاستقباله لعائلات الأطفال الضحايا لم يكن كافيا لاحتواء غضب شارع مغربي يعاني من ظروف اجتماعية واقتصادية صعبة. وهو ما ذهب إليه بيار فيرميرن المحلل الفرنسي المختص في شؤون المغرب العربي، عندما أشار إلى أن الاحتجاجات الأخيرة بالمغرب ضد العفو الملكي لها أسباب أخرى وهي الأزمة السياسية التي يمر بها هذا البلد. وقال الخبير الفرنسي إن “هذا العفو ما هو إلا حجة ويجب وضع هذه الأحداث في إطار الأزمة السياسية التي تمر بها المملكة”. وأضاف أن “حزب العدالة والتنمية الإسلامي مهدد منذ أشهر... وأن العديد من الوزراء المحافظين المنتمين إلى حزب الاستقلال قد غادروا الحكومة بداية شهر جويلية مما يمهد الطريق لتنظيم انتخابات تشريعية مسبقة”. ولم يستبعد فيرميرن أن يكون حزب عبد الإله بن كيران “وراء إطلاق هذه الأحداث”. وقال إن “العديد من المؤشرات كانت توحي بذلك” مستدلا في ذلك بأن أحد مسؤولي هذا الحزب كان من السباقين إلى التنديد بارتكاب الملك محمد السادس ل«خطأ فادح”. وفي سياق الحديث عن الأسباب التي ولدت هذه الأزمة، ذكر المحلل الفرنسي بأن صندوق النقد الدولي قد منح سنة 2012 مساعدة بقيمة 6 ملايير دولار من أجل ضمان استقرار أسعار المواد الأساسية والحفاظ على القدرة الشرائية. وأضاف أن هذه الهيئة المالية تقترح تعويض النظام الحالي بتمويلات مباشرة موجهة للفقراء لكن “الملك محمد السادس والمحافظون لا يريدون أن يستفيد الإسلاميون من هذا الإصلاح لفائدة هؤلاء السكان”. ويرى الخبير أن “الملك يسعى إلى تكرار ما فعل والده الحسن الثاني مع الاشتراكيين، مضيفا أن “الإسلاميين لديهم أكبر عدد من المناضلين ولهم تأثير أكبر على المجتمع”.