كانت الزيارات العائلية في المناسبات والأعياد الدينية، جزءا لا يتجزأ من العادات، التقاليد والتواصل الاجتماعي الذي يحافظ على صلة الرحم التي لا طالما أوصانا بها الشرع، إلا أن انشغال الناس بالدنيا ومشاغلها شارك في اضمحلالها، لتبدل بإرسال التهاني عبر الوسائل التكنولوجيا التي وجدوا فيها مخرجا لملء هذه الثغرة وتفادي العتب والملامة. تعتبر الأعياد مناسبات لالتقاء الأقارب والأحباب وحتى الجيران، للتهنئة وتبادل الهدايا والأحاديث، لكن مع تطور تكنولوجيات العصر، غابت الزيارات التي أخذت مكانها المكالمات الهاتفية أو الرسائل النصية للتهنئة التي ألغت بدورها فكرة التواصل في الأعياد، إلى جانب المكالمات الهاتفية أو التواصل عبر مواقع الاتصال الاجتماعي، على غرار «الفايسبوك»، «التويتر» و«السكايب»، ليكتفي العديد من الناس بهذه التهنئات الجامدة، مبتعدين عن فكرة الزيارة التي تتسم بالترحاب، المحبة، الكرم والمعانقة، لتبوب التكنولوجيا الرقمية عن الزيارات العائلية، لتصبح البديل الفعال الذي حل محل العادات القديمة والقيم الاجتماعية التي تعزز أواصر المحبة، روح التواصل، الصلات الحميمة والعلاقات الدافئة، وهو الأمر الذي يهدد بأخطار عديدة، أهمها اختفاء صلة الرحم. الرسائل النصية الجامدة التي تعتبر في معظمها غير نابعة من القلب لدى العديد من الناس، هي كذلك مستمدة من بعض المواقع عبر الأنترنت التي تتفنن في عرض بعض كلمات التهنئة، مما جعلها مجرد عبارات متداولة على لسان الجميع، تبعث عبر إحدى التقنيات الحديثة الباردة، وترسل لكل الناس بشكل موحد، لتلغي فكرة الخصوصية والمودة،. ثقافة التواصل المباشر في الأعياد أصبحت تتلاشى بوتيرة سريعة، فبعدما كانت التكنولوجيا موجهة لخدمة الإنسان لاستعمالها فيما يساهم في رقي المجتمع الإسلامي، تطوره وعلو شأنه، أصبح بمثابة عبد لها الآن. يرى البعض أن هذه الطريقة في التواصل صارت من ضروريات العصر الذي يتسم بالسرعة، فرسالة إلكترونية أو رسالة قصيرة عبر الهاتف تبقى أفضل من عدم المعايدة أو التهنئة، ويرونها ضرورية في بعد المسافة، وتقليص الشعور بالغربة والوحدة التي يعيشها الإنسان عادة خلال الأعياد والمناسبات التي هي مرادف للقاء الأهل والأقارب، ولكن أن تصبح التقنية الوسيلة الوحيدة للتواصل مع الآخرين، فهذا خطأ كبير يقيم العوائق والحواجز بين الفرد وأسرته، وقد تؤدي مستقبلا إلى القضاء على صلة الرحم نهائيا، فمستجدات التكنولوجيا التي باتت أسرع من أن يلحق بها العديد من الأفراد بدأت تفرض نفسها على الحياة الاجتماعية، واستطاعت أن تحول التواصل بين أفراد الأسرة الواحدة إلى علاقة باردة عبر وسائل التكنولوجيا التي يكتفي معظمهم باستعمالها مع الأهل والأصدقاء لرفع العتب، خوفا من الملامة.