شهدت العاصمة، منذ أمس، عودة تدريجية للحركة التجارية بمعظم الأحياء، بعدما توقفت بشكل ملفت للانتباه أيام عيد الفطر المبارك، وهو ما جعل المواطن في حرج كبير حال دون تمكّنه من اقتناء مستلزماته الغذائية اليومية. وأضحت ظاهرة المحلات والمخابز المغلقة ديكورا يميّز المواسم والأعياد، رغم تطمينات بعض الجهات بتفادي الندرة من جهة، وتوعد أخرى بعقوبات صارمة ضد التجار والمحلات التي لا تتقيّد بنظام المداومة لضمان الحد الأدنى من الخدمة من جهة أخرى. وسجّلت بعض المخابز والمحلات التجارية بشوارع قلب العاصمة، أمس، حضورها ولو نسبيا، حيث فتحت أبوابها أمام المواطنين لتمكينهم من اقتناء مستلزماتهم الغذائية، وهو الإجراء الذي لقي استحسانا كبيرا من قبل الزبائن الذين جددوا انشغالهم باستمرار ظاهرة المحلات الموصدة لاسيما في الأعياد. وفي جولتنا بأعرق شوارع العاصمة على غرار (باستور والعقيد عميروش وطنجة)، وقفنا على مدى عودة الحياة نسبيا لبعض المخابز التي حاولت مضاعفة جهودها لتزويد الزبائن بمادة الخبز رغم عدم اكتمال عدد عمالها الذين فضّل أغلبهم قضاء عطلة العيد بين أهلهم وذويهم. وميّزت الطوابير الطويلة من المواطنين طيلة الفترة الصباحية من يوم أمس مخابز باستور والعقيد عميروش، حيث اصطفّوا منذ الساعات الأولى أمام الأبواب على أمل الظفر بنصيبهم من الخبز في جوّ ساده نوع من عدم التحكم في الأعصاب. ولم تتمكّن هذه المخابز من مواجهة طلبات هذه الطوابير التي تضطرّ في آخر المطاف إلى الاستسلام والانسحاب في هدوء والبحث عن مخبزة أخرى لعلّها تفي بالغرض. وفي استفسارنا حول الموضوع، أكد بعض المشتغلين بمخبزة باستور أن طوابير الزبائن بدأت تتشكل أمام المخبزة منذ ساعات مبكرة على أمل حصولهم على الخبز، مبرزين جهودهم الكبيرة من أجل تلبية طلبات أكبر قدر ممكن من الزبائن، بالنظر للامكانيات البشرية القليلة التي تسهر على تسيير المخبزة. وقال أحد الخبازين في هذا الاطار إن "المخبزة تسيّر حاليا بنظام ضمان الحد الأدنى من الخدمة في محاولة منها لتوفير الخبز للزبائن، وهذا لكون غالبية العمال المشتغلين هنا القادمين من الولايات الداخلية هم في عطلة بمناسبة العيد، موضحا أن العمال المتبقين يبذلون قصارى جهدهم لتدارك هذا النقص. نفس السيناريو وقفنا عليه بمخبزة شارع العقيد عميروش التي اكتظّت عن آخرها بالزبائن، حيث عجزت هذه المخبزة هي الأخرى عن تلبية كافة الطلبات على مادة الخبز بسبب عدة مبرّرات قدّمها مسيّروها ولم يستسغها غالبية المواطنين الذين دعوا للاجتهاد أكثر وتغليب المصلحة العامة للمواطن على المصالح الشخصية لبعض التجار. وتساءل بعض المواطنين عن سبب استمرار المخابز في الغلق خلال مواسم الأعياد رغم تطمينات اتحاد التجار والجهات الرسمية الأخرى بوفرة كافة المواد الغذائية والمستلزمات الضرورية، إلى جانب العقوبات المسطّرة ضد المخالفين في هذا الإطار. واعتبروا أن مثل هذه الطوابير تبقى الحل الوحيد بالنسبة للمواطن الذي لا حول له ولا قوة في مثل هذه الظروف التي تزيد في معاناته خاصة وأن الأمر يتعلّق بالعاصمة. من جهته، قال مسيّر مخبزة شارع العقيد عميروش رفض الكشف عن اسمه أن التأخر عن الفتح أيام العيد كان بسبب عدم الاطلاع على قائمة المخابز المعنية بالمداومة التي لم نبلغ بها في الموعد المحدد، الأمر الذي جعلنا نتأخر عن الفتح ظناّ منا أننا غير معنيين بهذه القائمة -على حد قوله-. وفي سياق آخر، عرفت محلات المواد الغذائية هي الأخرى عودة نسبية للنشاط التجاري، حيث دخلت، منذ أمس، الخدمة بعدما توقفت عن النشاط منذ يومي العيد، بحجة أن غالبية ممتهني هذا النشاط فضّلوا قضاء عطلة العيد مع ذويهم في دفء العائلة. وزاولت معظم هذه المحلات نشاطها بشارع طنجة بالعاصمة وهو ما وقفنا عليه ميدانيا لاسيما بالنسبة للمساحات التجارية الكبرى التي لجأت لغلق أبوابها أمام المواطنين، الأمر الذي زاد في حيرة هؤلاء في كيفية اقتناء المواد الغذائية الأساسية في عزّ أيام العيد. ويرى أصحاب هذه الفضاءات التجارية أن تأخّر استلامهم لقوائم المناوبة جعلهم يتوقفون عن النشاط دون ضمان أدنى حد من الخدمة. الأمر الذي تسبّب في إفساد فرحة العيد على المواطن. وقدّر الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين ما نسبته 80 بالمائة من المخابز والمحلات التجارية التي لم تزاول نشاطها التجاري خلال يومي عيد الفطر، مرجعا ذلك إلى عدم استشارته كهيئة تعنى بالتجار في إعداد وضبط القوائم الخاصة بالمحلات والمخابز المعنية بنظام المداومة. كما جدّد دعوته إلى تسليط العقوبات المنصوص عليها في القانون رقم 08 - 04 الخاص بممارسة الأنشطة التجارية، مبديا رفضه لمثل هذه الممارسات التي أرهقت المواطن. وبحكم هذا القانون، ينتظر التجار المخالفين لنظام المناوبة خلال يومي عيد الفطر عقوبات صارمة من قبل وزارة التجارة تصل إلى حد الغلق الإجباري للمحل التجاري لمدة شهر كامل مع فرض غرامة مالية تصل إلى حدود 300 ألف دينار.