كشف الوزير الأول، السيد عبد المالك سلال، عن عزم الحكومة اتخاذ إجراءات جديدة لدعم القطاع الخاص. وأشار إلى أن هذه الإجراءات سيتم الاعلان عنها بمناسبة انعقاد الثلاثية، شهر سبتمبر القادم. ولم يخف الوزير الأول تحمسه لدعم المؤسسات الجزائرية الخاصة قائلا "سندعم القطاع الخاص... فليحقق أرباحا.. سنفرح لذلك لأن الربح سيكون أيضا لاقتصادنا". ولم يوضح الوزير الأول في الكلمة التي ألقاها خلال زيارته إلى المسيلة، طبيعة الاجراءات المتخذة ولا صيغة الدعم الذي ستقدمه الحكومة للقطاع الخاص الجزائري، وفضل ترك ذلك للاجتماع المقبل المقرر في منتصف الشهر الداخل، والذي سيسمح للحكومة بالتشاور مع شركائها الاجتماعيين والاقتصاديين حول "الحلول الأنجع لخلق الثروة بالجزائر" كما قال. حلول يراها السيد سلال في إطار "تقوية المؤسسة الجزائرية" عن طريق تقديم الدعم لها، وحتى وإن أكد استمرار الدولة في "الدفاع عن القطاع العام"، فإنه اعتبر أنه من الملح أن يتم إعادة النظر في بعض الجوانب الاقتصادية،لاسيما وأنه اعترف بأن إمكانيات الجزائر ليست كبيرة جدا أو "فايضة" بتعبير جزائري. اعتراف تؤكده الأرقام الأخيرة حول التجارة الخارجية للجزائر والتي تشير إلى تراجع فائض الميزان التجاري للجزائر تقريبا بالنصف بتسجيله 54، 8 ملايير دولار خلال الأشهر السبعة الأولى من 2013 مقابل 70ر15 مليار دولار خلال نفس الفترة من 2012، وذلك بفعل تراجع صادرات المحروقات، فيما تبقى الصادرات خارج المحروقات ضعيفة بتسجيلها 4، 1 مليار دولار فقط. بالمقابل، استمر ارتفاع الواردات إلى غاية جويلية بنسبة 79، 15% مقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة مسجلة حوالي 33 مليار دولار. في ظل هذه المعطيات فإن تطوير الاقتصاد الوطني أصبح أكثر إلحاحا، ولذا فإن الوزير الأول أشاد كثيرا بالمستوى الصناعي الذي بلغته ولاية المسيلة، وبواقع الاستثمار فيها، والذي يمثل غالبيته الخواص. وجدد قوله بأن "الاقتصاد هو الذي يجلب الخير". مضيفا بأن الصناعة في ولاية المسيلة "تسير في الطريق الصحيح" وأن الحكومة ستدعمها لتشجيع الاستثمار ورفع عدد المستثمرين بها. وكانت المنطقة الصناعية للولاية إحدى محطات زيارة الوزير الأول، حيث اطلع على بعض الاستثمارات الخاصة واستمع لانشغالات المستثمرين، واعدا إياهم بحلها وبمساعدتهم لتجاوزها، بل ودعاهم إلى التوسع واللجوء إلى التصدير. وذكر في السياق بالاستراتيجية الصناعية التي حضرتها الحكومة وستتم مناقشتها في الثلاثية وكذا التقرير حول تحسين مناخ الاستثمار الذي هو الآخر استكمل مؤخرا. ويتضمن أهم المعايير التي وضعها البنك العالمي في هذا المجال. في نفس الوقت فإن الوزير الأول لفت الانتباه مجددا إلى إشكالية التحويلات الاجتماعية، ضاربا المثل مرة أخرى بمادة البنزين التي يتم تهريبها عبر الحدود الجزائرية نظرا لانخفاض سعرها الناتج عن دعم الدولة لأسعار الطاقة. وحتى وإن تجنب أي حديث عن إعادة النظر في هذه التحويلات التي بلغت في 2012 أكثر من 1800 مليار دج دون احتساب التحويلات الضمنية التي تمثل حوالي 17 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، فإن سلال قال "يجب أن نفكر قليلا". وطالب منتدى رؤساء المؤسسات مؤخرا بإعادة النظر في التحويلات الاجتماعية، مقترحا أن يتم التفكير في كيفية تحويل الدعم الموجه إلى المواد المستوردة للانتاج الوطني، أي للمؤسسات الوطنية. وأشار إلى أنه من الممكن في إطار عمل تدريجي وفي إطار برنامج نموذجي توجيه الدعم المخصص لمواد، مثل الحليب أو القمح، التي يتم استيرادها إلى تدعيم فروع إنتاجها بالجزائر. وهو ماسيسمح بتقوية المؤسسات الوطنية وتمكينها من المنافسة على المدى المتوسط، كما أضاف المنتدى. وفي انتظار ماستسفر عنه الثلاثية القادمة، فإن حديث الوزير الأول عن "نظرة اقتصادية مستقبلية مغايرة" يؤكد وجود انشغال حقيقي بشأن النظام الاقتصادي الحالي، الذي مازال قائما على الريع النفطي. ويبقى التساؤل حول مدى قدرة الاجراءات الجديدة على إعطاء دفع حقيقي للاقتصاد الوطني وتجسيد الرغبة السياسية المعبر عنها منذ سنوات في الخروج من الريع نحو اقتصاد قوي تنافسي قادر على تحقيق الاكتفاء الذاتي وكذا اقتحام الأسواق الخارجية.