أقرّ مجلس الوزراء المنعقد برئاسة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أول أمس، وفي خطوة جدّ متقدمة وإيجابية، إنجاز 30 منطقة صناعية جديدة بمساحة إجمالية تقدر ب 4000 هكتار عبر التراب الوطني، وذلك خلال الأسابيع المقبلة، حيث رُصد لهذا المشروع إسهام مالي وقرض طويل الأمد بواسطة ''الصندوق الوطني للاستثمار''. وإن كان هذا المشروع يهدف إلى تنشيط الاستثمار. فإنه أيضا يندرج في سياق إتمام الإعفاءات الجبائية الهامة التي نص عليها قانون الاستثمارات، مما جعل مجلس الوزراء يصادق على جملة من التدابير الجديدة في هذا الإطار بغرض تعزيز وتسهيل وتسيير إنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. في هذا الإطار، ثمّن العديد من الخبراء الاقتصاديين هذه الخطوة، لما ستضفيه من تحسينات على الاقتصاد الوطني من توفير لمناصب العمل والمساهمة في الناتج الداخلي الخام. وفي هذا الصدد اعتبر الخبير في الشؤون الاقتصادية فارس مسدور، في اتصال ب ''البلاد''، هذه الخطوة بالإيجابية باعتبار أن المناطق الصناعية تعتبر هيكلا اقتصاديا مهما لتطوير الاقتصاد الوطني خارج المحروقات، كما أنها تعتبر الحيّز المكاني بغية استقبال مصانع من مختلف الأحجام. وكشف مسدور أن تجسيد هذا المشروع سوف يساهم في رفع الناتج الداخلي الخام الوطني من 15 إلى 20 بالمائة، كما سيسمح بخلق على الأقل 300 ألف منصب عمل وبالتالي تعزيز القدرات الإنتاجية. لكن من جهة ثانية، يرى الخبير أهمية وضع إجراءات مرافقة لهذا المشروع لمواجهة إشكالية البيروقراطية ''المعروفة'' والمنتشرة في الجزائر، حتى لا يلقى المشروع نفس مصير المشاريع السابقة على غرار مشروع منطقة ''بلارة'' التي اندثرت أو كمشاريع الدعم الفلاحي. كما حذّر الدكتور مسدور من المنافسة غير الشريفة لا سيما للمنتوجات الصينية التي تلقى رواجا كبيرا في كل الأسواق العالمية ومنها الجزائر نتيجة لغياب الإرشاد الاقتصادي، مشيرا في هذا الخصوص إلى ضرورة وضع سياسة حمائية على غرار كل دول العالم التي تشتكي من غزو المنتوجات الصينية، وهو ما يتطلب وضع إجراءات مرافقة لحماية هذه المناطق الصناعية من هذه المنافسة قصد تقويتها وبلوغ الأهداف المرجوة منها المتمثلة في فتح مناصب العمل والتخلص من اقتصاد مبني على الريع. من جهته، أشاد الخبير الاقتصادي عبد الرحمن مبتول، بالإجراءات التي نصّ عليها مجلس الوزراء خاصة في مجال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، غير أنه أبدى تشاؤمه من مستقبل هذه الإجراءات في حال استمرار شبح البيروقراطية وعدم إدخال إصلاحات على النظام المصرفي الوطني، إضافة إلى مشاكل العقار التي قال إنها تشكل عراقيل بيروقراطية تحول دون تطور المؤسسات الجزائرية التي تواجه صعوبات كبيرة في التوسع، مشددا على ضرورة وضع معالم واضحة للسياسة الاقتصادية في بلادنا، وإيجاد السبل الفعالة للانتقال من اقتصاد مبني على الريع ''المحروقات بنسبة 98 بالمائة من الناتج الداخلي الخام'' إلى اقتصاد خارج المحروقات، ويتحقق ذلك حسب مبتول بخلق مناخ شفاف يتماشى والتحولات الدولية لمواجهة المنافسة بالنوعية والتكلفة. تجدر الإشارة إلى أن مجلس الوزراء، وفي إطار تسهيل إنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، تم وضع جملة من التدابير المتعلقة بتحسين مجال الاستثمار في هذا القطاع منها معالجة مشكل العقار الموجه للاستثمار من خلال تأمين المستثمرين على القطع الأرضية بحق الامتياز على أساس دفتر أعباء بصيغة التراضي وإتاوة إيجارية تحددها مصالح أملاك الدولة، تخفيض سعر هذه الإتاوة الإيجارية بنسبة 90 بالمائة أثناء فترة إنجاز الاستثمار (ثلاث سنوات كحد أقصى) و50 بالمائة في مرحلة انطلاق نشاط الاستثمار (ثلاث سنوات كأقصى حد). أما في ولايات الجنوب والهضاب العليا فإن الإتاوة الإيجارية ستكون بالدينار الرمزي للمتر المربع مدة عشر سنوات، وترتفع بعد هذه المدة إلى 50 بالمائة من قيمتها المحددة من قبل إدارة أملاك الدولة، رصد مخصص ميزاني بقيمة أقصاها 15 مليار دينار سنويا خلال 2011 و2012 لفائدة الجماعات المحلية من أجل تأهيل وتطوير مناطق النشاط، وذلك بتوفير كل الخدمات التي تتطلبها مشاريع المناطق الصناعية من غاز وكهرباء ومياه وغيرها.