دقت الأممالمتحدة أمس ناقوس الخطر بخصوص تجانس المجتمع العراقي بعد أن حذّرت من توفر كل عوامل تفككه، في ظل تنامي أعمال العنف الانتقامية بين مختلف الطوائف إلى درجة أصبحت تنذر بحرب أهلية حقيقية. وحرّكت حصيلة عملية التفجير التي هزت أول أمس مدينة الصدر والتي بلغت قرابة 80 قتيلا، هذه المخاوف في ظل غياب تام للسلطات الأمنية المركزية، التي عجزت عن احتواء وضع أصبح خارج نطاق التحكم. ولم يستطع جيورجي بوستزين ممثل الأممالمتحدة في العراق، التزام الصمت إزاء وضع لم يعد يحتمل السكوت عنه. وقد أكدت كل مؤشرات تطوراته أن البلد سائر وبوتيرة متسارعة باتجاه هاوية الاقتتال الطائفي. وألقى الاقتتال الطائفي بكل ظلاله على الأوضاع الأمنية في العراق إلى درجة لم يعد يمر فيها يوم إلا وسُجل فيه سقوط قتلى من هذه الطائفة أو تلك، ضمن مسلسل انتقام متبادَل عرف ذروته ربيع العام الجاري. وأعاد مثل هذا المشهد الدامي إلى أذهان العراقيين حرب المساجد والأضرحة الدينية للطائفتين الشيعية والسنية، التي بلغت ذروتها سنة 2006، عندما أقدم مجهولون على تفجير ضريحي الإمامين الشيعيين في مدينة سامراء، وكاد أن ينزلق بالعراق باتجاه حرب خرجت عن إطار الصراع السياسي إلى حرب انتقام عرقي وطائفي. وكانت عملية أمس بمثابة نذير شؤم على احتمال عودة تلك الأيام السوداء إلى عراق مازال يبحث عن نفسه، بعد عشر سنوات من وقوعه تحت طائلة احتلال أمريكي، زعم مهندسوه أنهم أقدموا عليه من أجل إنقاذ العراق من حكم استبدادي، ولكنهم في النهاية تركوه وقد غرق في دماء طائفية لم تكن مطروحة في حسابات العراقيين قبل مارس 2003. ولأجل تفادي الوقوع في فخ العداء الطائفي، طالب المسؤول الأممي السلطات المركزية العراقية بالقيام بتحرك عاجل من أجل وضع حد لدوامة هذا العنف، التي أصبحت تهدد كيان الدولة العراقية من أساسها. وقال بوستزين إن العنف لن يؤدي سوى إلى عنف أشد، مما يجعل مسؤولية السلطات العراقية مباشرة لاتخاذ إجراءات استعجاليه لتفادي استفحال ظاهرة عنف ما انفكت منحنياته تسير باتجاه الأعلى من عام إلى آخر، في بلد كان يعيش السكينة والاطمئنان، وهو ما حذّر منه أسامة النجيفي رئيس البرلمان العراقي، الذي أكد أن منفّذي التفجير الذي استهدف خيمة عزاء بمدينة الصدر ذات الأغلبية الشيعية، إنما أرادوا من وراء جريمتهم تأجيج العنف الطائفي وزرع الفتنة واللااستقرار. وكان نهار السبت ثاني أدمى يوم في العراق العام الجاري، بمقتل 91 شخصا ومئات المصابين وشهر سبتمبر من أعنفها بمقتل 570 عراقيا.