تتواصل موجة أعمال العنف الطائفي في العراق، وسط استمرار التفجيرات الانتحارية والهجمات المسلحة التي تؤدي إلى سقوط المزيد من القتلى، في مؤشر على إمكانية انزلاق هذا البلد مجددا نحو متاهة الحرب الأهلية. وسقط أمس ما لا يقل عن 16 قتيلا وأصيب أكثر من 90 شخصا في تفجير خمس سيارات مفخخة استهدفت مناطق شيعية في العراق. وانفجرت سيارتان مفخختان بالقرب من سوق العمارة الواقعة على بعد 300 كلم إلى جنوب العاصمة بغداد، مسفرتين على مقتل سبعة أشخاص و45 جريحا في مشهد مماثل لذلك الذي عاشته مدينة الديوانية على بعد 160 كلم جنوب بغداد، بعد انفجار سيارة مفخخة بوسط المدينة خلف مقتل شخصين وإصابة ما لا يقل عن 25 آخرين. وبينما انفجرت سيارة رابعة بمدينة كربلاء الشيعية الواقعة على بعد 110 كلم جنوب بغداد وأدت إلى سقوط ثلاثة قتلى وإصابة 12 آخرين، انفجرت سيارة خامسة بالمحمودية جنوب العاصمة أمام مركز تجاري، مخلفة مقتل ما لا يقل عن أربعة أشخاص من بينهم امرأة و18 جريحا. وتأتي هذه التفجيرات في سياق موجة العنف الطائفي الذي يعصف بالعراق منذ الهجوم الذي نفذه الجيش العراقي ضد متظاهرين سنيين بفضاء الحويجة وأدى إلى سقوط عشرات القتلى، وأثار حفيظة الطائفة السنية التي تقوم منذ شهر ديسمبر الماضي باحتجاجات متواصلة للمطالبة برحيل رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي. وأمام تصاعد أعمال العنف التي زادت من حدة الاحتقان السياسي في البلاد، دعا رئيس البرلمان أسامة النجيفي حكومة نوري المالكي إلى تقديم استقالتها وتنظيم انتخابات مسبقة كحل لاحتواء الوضع المضطرب في البلاد، والذي ينذر بكارثة أمنية جديدة في هذا البلد الممزق. واعتبر النجيفي أن المبادرة التي اقترحها من شأنها أن تسمح بالتوصل إلى مصالحة وطنية والمحافظة على مكاسب الديمقراطية وأيضا إخراج البلاد من شبح الحرب الطائفية. وتوجه النجيفي بدعوته إلى مختلف قادة الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان بقناعة، أنه في حالة استقالت الحكومة الحالية، فإنه يمكن تعويضها بطاقم حكومي محدود من مستقلين لا يمكن لهم المشاركة في الانتخابات القادمة. كما طالب بتشكيل لجنة مهمتها التحضير لانتخابات تشريعية مسبقة قبل حل البرلمان. والسؤال المطروح، هل ستجد مبادرة رئيس البرلمان العراقي أذانا صاغية لدى رئيس الحكومة نوري المالكي الذي حمل من وصفهم بأنصار البعث وعناصر تنظيم القاعدة مسؤولية الهجمات الطائفية الأخيرة؟. وأثار هذا الوضع المضطرب في العراق قلق الجامعة العربية التي قالت إنها تتابع بقلق كبير الأوضاع المأساوية التي يمر بها العراق، والتي أدت مؤخرا إلى مواجهات مسلحة بين الجيش العراقي ومتظاهرين سنة في ساحات الاعتصام، وسقط جرائها الكثير من القتلى والجرحى. وعبرت الجامعة العربية في بيان لها أمس، عن صدمتها للتطورات الخطيرة في العراق وخشيتها البالغة على أمن البلاد واستقراره وسلامته، وناشدت القادة السياسيين وشركاء العملية السياسية على تدارك هذه الأحداث الأليمة وحفظ دماء العراقيين وإخراج البلاد من دوامة العنف التي يدور فيها منذ سنوات.