في إطار نشاطها الثقافي، استضافت جمعية الجاحظية مساء أول أمس، الدكتور مخلوف بوكروح والأديب شريف لدرع، في إطار تقديم كتاب هذا الأخير المعنون ب "وجوه وأقنعة.. دراسات وكتابات في المسرح"، الذي قدمه الدكتور بوكروح في قراءة تشريحية. قليلة هي الكتب التي تتناول المسرح بالدراسة والتحليل من جميع جوانبه، وحتى الشخصيات المسرحية التي تعد من الأعلام المنشغلة بالخشبة وعليها، والأستاذ شريف لدرع أحد الكتاب المتميزين الذين انشغلوا بالمسرح واشتغلوا عليه من الداخل بوعي وفهم، في وقت شحت فيه المراجع والمصادر العربية التي تهتم بأبي الفنون. الأستاذ شريف لدرع اهتم بالمسرح في أوج عطائه، وتحاور مع كبار نجومه الجزائريين على الخصوص ككاكي وكاتب ياسين وعرب أيضا. الأستاذ مخلوف بوكروح قدم الكتاب، بل شرحه ابتداء من العنوان الذي لم يوافق عليه الكاتب، ثم تكلم عن الكتاب من حيث صدوره في إطار "الجزائر عاصمة الثقافة العربية 2007"، وتناول المنهجية التي اتبعها الكاتب من حيث تفصيل الكتاب إلى ثلاثة أبواب وهي: "هكذا تحدثوا" وتناول فيه الحوارات مع الشخصيات الجزائرية والعربية، الباب الثاني وتناول فيه القضايا المسرحية في 13 موضوعا، أما الباب الثالث والأخير والذي لاحظ بوكروح أنه من ناحية البناء يختلف عن البابين السابقين، بحيث قسمه المؤلف إلى فصلين تحت عنوانين منحوتين كما قال السيد بوكروح عروض بالجملة وعروض بالمفرد. ويرى المشرح لكتاب وجوه وأقنعة"، أن الكاتب وفق إلى درجة كبيرة من حيث البناء، فهناك انسجام بين الأبواب باستثناء الباب الثالث الذي قسمه إلى فصلين. بدأت عملية التشريح من المقدمة التي سماها المؤلف ب "فاتحة الكتاب" ثم ما اقتبسه عن أبي حيان التوحيدي في قوله: "الإنسان قد أشكل عليه الإنسان" أو مقولة أنطوني أراتو: "المسرح ينشأ على الفوضى المنظمة"، كما تناول قضية الفضاء، والعلاقة بين المسرح والحياة في إطارها الاجتماعي والثقافي، ونجد هذا عند المخرجين والدارسين وعلماء الاجتماع. وتطرق المشرح أيضا إلى محور الحوارات التي أجراها المؤلف والتي تحمل عنوان "هكذا تحدثوا" مثل: ياسين، علولة، مجوبي، بوكروح وغيرهم. ويرى الأستاذ بوكروح أن الكاتب وفق في اختيار الشخصيات المسرحية وأيضا اختيار الأسئلة وتوليدها، وقدرته على الإيقاع بالشخصية التي يحاورها في شرك الكلام، لأنه المؤلف يعرف هذه الشخصية وملم بها ومطلع على أعمالها. ويرى بوكروح أن الأسئلة ليست من صنف الأسئلة النمطية التي طرحها المؤلف ولا تلك التي تتكرر على الشخصيات، بل كانت أسئلة منحوتة وكان لدرع بارعا في نحتها، كانت مرتبطة بالكاتب وكان يطرح الأسئلة بالدارجة وكأنما كانت الأسئلة مفصلة الطبيعة، الشخص والموضوع. أما من حيث اللغة والأسلوب، فيرى المشرح للكتاب، السيد بوكروح، أن الكاتب استعمل أسلوبا متميزا واشتغل على كلمات تراثية وتنسجم مع سياق الموضوع، ويرى أن الحوارات كانت معرفية وعميقة في الطرح وتتمكن من استدراج هذه الشخصيات. كما تطرق المحاضر الى المحاور الأخرى التي جاءت في الكتاب، مثل المسرح العربي والاقتباس، الإخراج في المسرح الجزائري، اللغة والفضاء المسرحي. وبعد هذا التقديم الذي كان تقييما وتشريحا للكتاب، فسح المجال للمناقشة بعد تعليقات مقتضبة من قبل المؤلف الأستاذ شريف لدرع.