خسر حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة المغربية الانتخابات الجزئية التي شهدتها إحدى دوائر ولاية فاس من طرف حليف الأمس والمنافس الحالي حزب الاستقلال الذي يقوده حميد شباط. وشكلت هذه الخسارة للحزب الذي يقوده عبد الإله بنكيران مؤشرا على درجة التذمر التي أصبح يكنها الناخب المغربي ضد أول حزب إسلامي يدير الشأن العام المغربي والذي علق عليه آمالا كبيرة في الانتخابات المسبقة لشهر نوفمبر 2011 ولكنه وجد نفسه في وضع معيشي أسوأ جعله يعيد النظر في أولويات اختياراته السياسية. وتكون الريبة التي سكنت نفسية الناخب المغربي وحتى الأحزاب السياسية الصغيرة منها والكبيرة هي التي جعلت الوزير الاول المغربي يفشل في ترقيع الصدع الذي تركه انسحاب حزب الاستقلال من الائتلاف الحاكم شهر جويلية الماضي على حكومة عرجاء. وكان حزب الاستقلال الذي انضم إلى حكومة الحزب الإسلامي ضمن صفقة لتوزيع الحقائب الوزارية قرر بداية العام الجاري سحب وزرائه الستة من الحكومة احتجاجا على عدم اتضاح الرؤية المستقبلية للواقعين الاجتماعي والاقتصادي في البلاد والضبابية التي تكتنف برنامجها وطرق إدارتها للشأن الاقتصادي العام وانعكاساته على واقع اجتماعي متململ. وفسر هذا العجز الاهتمام الذي أولته مختلف وسائل الإعلام المغربية للانتخابات العامة الجزئية التي شهدتها دائرة مولاي يعقوب بمدينة فاس بسبب التنافس الحاد بين حزبي الاستقلال الذي تعد مدينة فاس معقلا تقليديا له وحزب العدالة والتنمية. وفاز مرشح حزب الاستقلال لحسن شهبي بمقعد هذه الدائرة الانتخابية مقابل خمسة منافسين من بينهم مرشح الحزب الاسلامي الحاكم. وما انفك حميد شباط رئيس حزب الاستقلال ورئيس بلدية فاس يوجه انتقاداته اللاذعة باتجاه أول حكومة إسلامية تتولى إدارة الشأن التنفيذي في المغرب وحملها كل متاعب اقتصاده المتهالك والذي لم يتمكن من تحقيق النمو المتوقع. وهو ما جعله يعمد مع الدخول الاجتماعي شهر سبتمبر الماضي إلى تنظيم مظاهرات صاخبة في العاصمة الرباط استعمل فيها الحمير كرمز لعمل الحكومة البطيئ وعدم مواكبتها مطالب الشعب المغربي الملحة. وقد استشعر عبد الإله بنكيران خطورة تلك الرسالة على صورة حزبه وحكومته مما جعله لن يتوانى خلال تجمع انتخابي بحي مولاي يعقوب محل التنافس مع حزب الاستقلال يكيل سيل اتهاماته لحميد شباط بعدم "تشريف الممارسة السياسية". وتشهد العديد من الدوائر الانتخابية في المغرب هذه الايام انتخابات جزئية في وقت مازال فيه شبح الدعوة إلى الانتخابات العامة المسبقة يلقي بظلاله على المشهد السياسي المغربي بعد أن عجز عبد الاله بنكيران في إيجاد حزب يقبل الانضمام إلى حكومته وملء الفراغ الذي تركه انسحاب حزب الاستقلال. وهي الوضعية التي جعلته يعجز في تعيين ست شخصيات حزبية للاضطلاع بمهام الوزارات التي غادرها وزراء حزب الاستقلال وهو ما جعل الحديث عن تعديل وزاري على كل الألسنة ولكنه لم يتحقق إلى حد الآن الامر الذي زاد في تعميق الأزمة السياسية القائمة منذ الربيع الماضي وجعل الحكومة تعيش شللا تاما في وقت بلغ فيه عجز الميزانية العمومية أكثر من 7 بالمئة وبلغت فيه قيمة دعم المواد الواسعة الاستهلاك حوالي 5 ملايير اورو. وقد أكدت الزيادات الأخيرة في سعر مختلف أنواع الوقود أن الحكومة المغربية أصبحت عاجزة عن الاستمرار في ضمان هذا الدعم مما جعل الشارع المغربي يثور في مظاهرات عارمة كادت أن تعيد المشهد العام الذي شهدته المغرب في أحداث الربيع العربي.