رغم غزو كتب الطبخ الأسواق وانتشار الوصفات على صفحات الأنترنت و الفايسبوك؛ من فيديوهات وصور مغرية تبسّط خطوات وأساليب طهي الأضحية في عيد الأضحى المبارك على غرار كتف الخروف المحشي وطريقة إعداد العصبان التي تختلف من منطقة إلى أخرى، وكذا الوصفات المتجددة سنويا عبر هذه المواقع كطهي “البوزلوف” على البخار، إلا أن المرأة القسنطينية لاتزال تستقبل عيد الأضحى بعادات وتقاليد راسخة توارثتها جيلا عن جيل. لاتزال المرأة بعاصمة الشرق مشهورة بإعداد العجائن التقليدية بمختلف أنواعها؛ باعتبارها هامة لاستقبال المناسبات الدينية، على غرار “الكسكسي أو ما يسمى بالعامية “النعمة”، والشخشوخة وكذا التريدة والرشتة؛ حيث تجتهد ربات البيوت خاصة منهن الماكثات بالبيت، في إعداد هذه العجائن التقليدية، ليقدّمنها في أطباق معيّنة خلال العيد، إذ تجتمع النسوة في جو عائلي كل يوم في منزل، لإعداد ما تسمى “العولة” عند القسنطينيين، وعلى رأسها الكسكسي، الذي يُعد أهم طبق على المائدة، تجتمع النسوة لتحضيره بالطريقة التقليدية “الفتيل”؛ بحيث لا يكاد يخلو منزل قسنطيني منه ثاني أيام العيد، ويحضَّر بمرق الكتف الأيمن من الأضحية.
تجارة مربحة .... أصبحت صناعة العجائن التقليدية صناعة مربحة للنساء الماكثات بالبيت، خاصة أن النساء العاملات يعجزن عن تحضيرها لضيق الوقت أحيانا ولانشغالهن أحيانا أخرى؛ باعتبار أن تحضيرها يتطلب جهدا ووقتا، إذ أن سعر الكيلوغرام الواحد للشخشوخة والتريدة لا يقل عن 200 دج، أما الكسكسي فيُعتبر من أغلى هذه العجائن التقليدية بسبب الجهد الكبير الذي تبذله المرأة في إعداده، حيث وصل سعر 25 كيلوغراما من الكسكسي المفتول إلى 4000 دج. ولعل الرواج الذي عرفته هذه التجارة دفع بالكثير من السيدات والشابات إلى الاستثمار فيها خاصة في المناسبات، حيث قالت السيدة رشيدة إن منزلها تحوّل إلى ورشة لصناعة العجائن التقليدية، فهي تقوم بهذا العمل منذ سنوات رفقة بناتها، وتبيعها للعاملات اللائي يطلبن منها تحضير العديد من الكيلوغرامات، خاصة التريدة والشخشوخة، حتى إنها أحيانا لا تتمكن من تحضير كل الطلبات نظرا لكثرتها، مشيرة إلى أن صناعة هذه العجائن ورثتها عن والدتها، وهي بصدد تعليمها لبناتها رغم شدة التعب في تحضيرها. أما السيدة فهيمة فقالت إن بيتها أصبح مخزنا صغيرا للعجائن التقليدية التي تحضّرها يوميا تقريبا، ويزداد الطلب عليها في المناسبات كالأعياد والأعراس وحتى رمضان. وأضافت المتحدثة أنها بالكاد تجد وقت فراغ لكثرة الطلبات عليها، سواء من قبل المحلات التجارية المتخصصة في بيع كل ما هو تقليدي على غرار الأكلات والعجائن التقليدية، أو من زبوناتها من النساء العاملات.
عيد العروس لا يخلو منها وتجد لعيد الأضحى عند العروس القسنطينية نكهة مميّزة وأهمية كبيرة ونصيبا أيضا، حيث إن لهذه الأخيرة نصيبا كذلك من العجائن التقليدية مع حصولها على فخذ الأضحية كهدية يقدمها أهل الزوج لأهل الفتاة المخطوبة أو أهل العروس المتزوجة حديثا والتي لم يمر على زواجها سنة كاملة عند زيارتها في ثاني أو ثالث أيام عيد الأضحى، لتقوم أم الزوج بتحضير فخذ الأضحية وكذا إعداد العجائن التقليدية المشهورة، وعلى رأسها الشخشوخة أو التريدة، زيادة على كمية معتبرة من الفواكه المختلفة والهدايا الخاصة خصيصا لخطيبة ابنها وتقدمها كهدية، في حين يقوم أهل هذه الأخيرة بإعداد وليمة تقليدية بهذا اللحم وهذه العجائن.