يحظى عيد الأضحى بعاصمة الشرق باستقبال خاص على غرار باقي ولايات الوطن، حيث تنطلق إجراءات التحضير له بأسابيع عديدة من خلال بعض العادات على غرار تطهير المنازل واقتناء كل ما يستلزمه المطبخ من أوان وسكاكين جديدة لاستقبال الكبش، وإخراج كل مستلزمات عملية النحر كالسكاكين والحبل الخاص بربط الأضحية، وكذا أغراض الشواء على غرار الفحم والمشواة. ولعل أهم طبق في المائدة القسنطينة هو طبق الكسكي، أو ما يعرف ب«النعمة”، التي تجتهد ربات البيوت في تحضيرها قبيل أيام العيد بأيام، حيث تجتمع النسوة لتحضيرها بالطريقة التقليدية والتي تسمى بالعامية “الفتيل” لتحضر في ثاني أيام العيد بالمرق الذي يشترط فيه لحم الكتف الأيمن من الأضحية. تنهض ربات البيوت بقسنطينة باكرا يوم العيد لإعداد خبز الدار أو كسرة المطلوع وهي من العادات القديمة، حتى يتسنى لأفراد عائلتها تناوله مع أول إفطار لهم صباح يوم عيد الأضحى، على خلاف عيد الفطر الذي يتميز بإعداد الحلويات الكثيرة التي تزين الصينية القسنطينية، وبعد الصلاة مباشرة يرجع رب البيت الى المنزل رفقة امام الحي الذي يذبح أضحيته رفقة أبنائه أوجيرانه، وبعد عملية السلخ يتم استخراج أحشاء الكبش لتقدم لربة البيت التي تباشر عملية إعداد المشاوي من الكبد والقلب، وتقسم المهام على بناتها وكناتها اذ يقمن بغسل أحشاء الكبش أو كما تسمى “لمصارن” جيدا، ثم يتم تقطيعها جيدا لصنع “ العصبانة” التي يتم تحضيرها في أول ايام العيد والتي تقدم مع طبق الكسكسي، كما يتم تنقية الرأس والأرجل او ما يسمى بالزليف ليتم تحضيره لاحقا. أما عن بعض العادات القسنطينية التي ارتبطت بمناسبة عيد الأضحى والأضحية والتي لا تزال بعض العائلات محافظة عليها وتعتبرها من الخرافات، ما تعلق بالكتف الأيمن، حيث يعتقد البعض أن الكتف الأيمن للكبش من شأنه إبعاد المصائب والأحزان عن البيت وأهله خلال نفس عام العيد، كما يتفاءلن بحجم العظمة الموجودة في مقدمة الكتف ويعتبرنها فأل خير وتشير إلى سنة جيدة، خاصة على الصعيد المادي، فيما تقوم عائلات أخرى بحفظه داخل الدقيق حتى وصول العيد المقبل للبركة، ومن بين العادات التي لا تزال عائلات قسنطينة لحد الساعة تحافظ عليها”الألسنة”، إذ تحرص النسوة اللاتي تأخر أطفالهن عن النطق على جمع سبعة ألسنة كباش من سبعة بيوت مختلفة لتقديمها كطعام لهم، ففي صبيحة العيد مباشرة تسارع الأمهات إلى بيوت الجيران لحجز لسان الكبش قبل غيرهن، في حين نجد بعض العائلات تمنع فيها الأمهات والجدات أبناءهن من أكل لسان الكبش لمعتقد جار وهو مخافة تعود الأطفال منذ الصغر على الكذب والنفاق. عادة أخرى ترتبط بالأضحية وأعضائها والتي تعتبرها عديد العائلات القسنطينية مصدر تفاؤل وهي عادة الاحتفاظ بما يسمى «بالمرارة» أي الحويصلة الصفراء، حيث تقوم النسوة بتعليقها بعتبة الباب أملا في أن تكون فأل خير على الصعيد المالي، ولا يفرغنها من محتواها إذا كانت ممتلئة حتى لا ينقصوا حظهم في المال، كما تتميز أيضا بعادات أخرى طريفة على غرار منع المرأة الحامل من أكل الطحال مخافة فقدان الجنين، زيادة على منع الفتاة الصغيرة والتي لم تبلغ بعد من أكل الكليتين والخصي، فيما تقدم رقبة الكبش أو ما تسمى بالكرومة والتي تعتبر رمز للرجولة للزوج ورب العائلة، زيادة على عادة طريفة أخرى حيث وبعد عملية النحر نلاحظ البعض من القسنطينيين يضعون أقدامهم العارية في دم الأضحية بمجرد ذبحه أملا منهم في العلاج من بعض الأمراض الجلدية التي تصيب أصابع القدم. عادات أخرى لا تزال الأسر القسنطينية محافظة عليها، وهي عادة الغذاء، حيث يمنع على أفراد الأسرة خاصة الشباب الغذاء خارج المنزل أي عند الأهل أو الأقارب، حيث يستوجب أن تلتف الأسرة كاملة في أول يوم عيد حول طاولة الشواء، كما تقوم ربة البيت بحفظ كمية معتبرة من اللحم للاحتفال بيوم عاشوراء، زيادة على تحضير القديد، حيث تقوم ربة البيت بتحضير قطع صغيرة من اللحم تضيف لها الملح وتتركها تجف لتحضير بعض الأطباق الشهية الخاصة بفصل الشتاء على غرار المقرطفة وكذا العيش. وللأضحية أهمية كبيرة عند العرائس، حيث الفت الأسر القسنطينية تقديم فخذ الأضحية كهدية من أهل الزوج إلى أهل الفتاة المخطوبة، أو أهل العروس المتزوجة حديثا والتي لم يمر على وزواجها سنة كاملة، وهي العادة التي يطلق عليها اسم عيد لعروسة، إذ تقوم أم الزوج بتحضير فخذ الأضحية، وكذا إعداد الطبق المشهور والمتمثل في الشخشوخة، زيادة على كمية معتبرة من الفواكه المختلفة والهدايا خصيصا لخطيبة ابنها، حيث يقوم أهل هذه الأخيرة بإعداد وليمة بالفخذ لأهل العريس وهو ذات الشأن بالنسبة للعروس المتزوجة حديثا والتي تقوم والدتها بنفس المراحل التي قامت بها والدة العريس أثناء فترة الخطوبة.