دعا الوزير الأول السيد عبد المالك سلال، خلال اجتماع الثلاثية نهاية الأسبوع الماضي المؤسسات الجزائرية، إلى جعل التصدير ضمن استراتيجية عملها، مشيرا إلى أنه لايمكن أن تبقى الأولوية الوحيدة عندها هي تلبية حاجيات السوق الوطنية فقط. وهي دعوة أراد عبرها التشديد على أهمية زيادة حجم صادرات البلاد خارج المحروقات، وهو الرهان الذي لم تستطع الحكومات المتعاقبة رفعه، بالرغم من تخصيص برامج وأدوات لدعم المصدرين. ويمكن سرد عوامل متعددة تبرر هذا الاخفاق في رفع حجم الصادرات الخارجة عن إطار البترول والغاز، وهو ما يطرح في كل المناسبات والملتقيات التي خصصت لمناقشة هذا الموضوع، إلا أن المؤكد هو وجود تردد لدى أغلب الشركات الجزائرية لاقتحام هذا المجال. ذلك ما بدا جليا في معرض “صناعات الجزائر”، خلال دورته السابعة التي نظمت مؤخرا بالجزائر، والتي أكد أغلب المشاركين فيها من الصناعيين الوطنيين أنهم لايصدرون منتجاتهم إلى الخارج، بالرغم من إشارتهم إلى أنها ذات نوعية جيدة وتخضع لكل المعايير المعمول بها دوليا. ومازالت الصادرات خارج المحروقات تراوح مكانها نسبيا من حيث القيمة والحجم معا، فرغم الارتفاع الطفيف المسجل في السنوات الأخيرة، فإنها لم تتجاوز في السداسي الأول 2013 قيمة 0.68 مليار دولار مقابل 0.47 مليار دولار في نفس الفترة من سنة 2012. في حين يستمر الارتفاع في حجم وقيمة الواردات من السلع والخدمات التي تجاوزت في السنة أشهر الأولى من السنة الجارية، حسب تقرير بنك الجزائر ال30 مليار دولار. وأجمع أصحاب المؤسسات الصناعية الذين التقيناهم في معرض “صناعات الجزائر”، أن مسألة التصدير تعد بالنسبة إليهم “مشروعا مستقبليا”، وهذا بالنظر إلى عوامل عديدة منها اهتمامهم أكثر بتحقيق الاكتفاء على المستوى المحلي، من خلال الاستجابة للحاجيات الوطنية التي لم تتم تغطيتها بعد. في هذا السياق، قال السيد حسين ولد مخلوف المسؤول التجاري لمؤسسة الكوابل الكهربائية للجزائر، إن التصدير موضوع مؤجل بالنسبة للشركة، رغم أن هناك تفكيرا فيه. مضيفا بأن الشركة تعمل حاليا على تغطية أكبر للسوق الوطنية، لاسيما بعد أن أصبحت توفر منتجات جديدة كانت تستورد من قبل، وهي بذلك تعمل على تدعيم تواجدها أولا على المستوى الوطني خاصة في ظل المنافسة، وبعدها تفكر في مشروع التصدير. نفس الانطباع عبر عنه السيد حكيم موراح، رئيس قسم التسويق في شركة تختص في الهندسة، وهي تقدم خدمات هامة في مجال الدراسات والتصميم والإنجاز، وتعد الأولى وطنيا التي تركب مصانع حسب الطلب. إذ اعتبر محدثنا أنه في ظل المنافسة الكبيرة في الأسواق الخارجية، فإنه من الصعب الحصول على صفقات خارج الوطن، بالرغم من أن ماتقدمه الشركة الجزائرية لايقل من حيث النوعية عن ذلك المقدم من طرف شركات أجنبية، لهذا فإنه هو الآخر يدخل التصدير في خانة “المشاريع المستقبلية”. من جانبه، أكد ممثل شركة “بي سي أر” الرائدة في مجال إنتاج الأواني المنزلية والصنابير والبراغي، أنّ كل الطلبيات المسجلة على مستواها في السنوات الأخيرة تأتي من داخل الوطن، وذلك بالرغم من أن هذه المؤسسة عرفت سابقا بكونها من القلائل التي استطاعت ولوج أسواق خارجية. وهو التراجع الذي يفسره البعض بالمنافسة الشرسة التي تعرضت لها هذه المؤسسة، لاسيما من طرف المنتوجات الصينية التي غزت السوق الجزائرية في السنوات الأخيرة. وتعليقا على هذه الوضعية، أشار السيد اسماعيل لالماس، رئيس جمعية الاستشارات للمصدرين، إلى أن تعزيز الصادرات خارج المحروقات يتطلب القيام بإجراءات أكثر جرأة وأكثر عملية، مضيفا أن تسيير هذا الملف من المكاتب ومن طرف أشخاص بيروقراطيين لايمكنه أن يؤدي إلى أي نتيجة. واعتبر أنه يجب الاعتماد على كفاءات في هذا المجال، أي أشخاص يعملون بعقلية “رجال الأعمال”، وتخصيص هيئات تشرف على دعم المصدرين وتسهيل الإجراءات التي يجهلها الكثير من أصحاب المؤسسات، وهو ماتعمل الجمعية على التعريف به مع توعية هؤلاء بأهمية اللجوء إلى التصدير، بالنظر إلى الفرص الكثيرة المتوفرة خاصة على المستوى الجهوي.