تختتم اليوم برواق ”باية” بقصر الثقافة ”مفدي زكريا” فعاليات معرض الفنانة التشكيلية مريم كزويت، الذي يحمل عنوان ”في الأسلوب الزهري”، حيث تتوغل الفنانة في عالم الزهور والنباتات لتكشف حياتها وتعطيها بعدا يشبه البعد الإنساني. تعتبر مريم الزهور أجمل شيء في الكون، لذلك تتمنى وهي ترسمها أن تعيش حياة أبدية بعيدة عن الذبول أو التفسخ. إنه عالم تجريدي بألوان صاخبة يتوزع عبر 54 لوحة معروضة، أغلبها بدون عنوان، فالعالم التجريدي واسع ومتشعب أكبر من أن يحصر في عنوان ضيق. الموضوع الرئيسي - كما توضح - للمعرض هو الزهور التي حولتها مريم إلى شكل تجريدي أوسع من الطبيعة، كما حاولت أن تجعل من عالم الزهور عالما بشريا، ففي كثير من اللوحات حولت البتلات إلى شخصيات. في بعضها تظهر النبتة الأم وحولها أبناؤها، واحدة من أبنائها تشبهما كثيرا لكنها بحجم أقل. تستعمل الفنانة ألوانا كثيرة جدا، لكنها تضبطها بالتناسق والتناغم وأحيانا التباين، تعشق الألوان المتحركة البعيدة عن الجمود، لذلك تعمل على إعطائها أبعادا أخرى بإدخال ألوان أخرى عليها، فهي لا تستعمل الأحمر وحده ولا الأزرق وحده مثلا، وهذا كذلك من أجل كسر ثياب اللون. اختارت الفنانة في هذا المعرض تقنيات مختلفة، كالتقنية المختلطة، الأكوارال وغيرها. اعتنت الفنانة أيضا بالظلال، أبعادها وألوانها تماما كاعتنائها بالبتلات التي هي رمز للتطور، النمو والمستقبل، كأن الفنانة تتوقع أن تصبح هذه البتلات أشخاصا من لحم ودم. ترسم مريم على مواد مختلفة، كالقماش، الزجاج، قطع البلاستيك وغيرها، كما أن رسمها مزج بين المدرسة الفنية المعاصرة والمدرسة الكلاسيكية، العامل المشترك فيها هو صدق الإحساس والذوق الرفيع. الزهور طبعا تبدو متنفس الفنانة وسبيلها إلى التعبير، فليس هناك أبلغ من الورود والزهور للتعبير، أحيانا تكون ألوانها المتعددة كألوان البشر سواء الخارجية أو الداخلية، والجميل هو أن نتمعن في هذه الألوان وفي أطيافها، علما أن الألوان قد لا تظهر على الإنسان، بل تختفي في داخله. غالبا ما تربط الفنانة الواقع بالخيال وأداتها في ذلك الأسلوب الفني التجريدي بالنسبة إليها، فلا واقع دون خيال وإلا أصبح ما نراه ونعيشه مجرد جماد لا معنى له. تعطي الفنانة فرصة للجمهور كي يشاركها إحساسها ومعاني لوحاتها من خلال حرية النظر والتأمل دون أن توجهه بشكل مباشر أو ممنهج، لكنها في نفس الوقت تقوده من يده دون أن يشعر ليتوغل أكثر فأكثر في التجريدي، وهو ينتقل من لوحة إلى أخرى. أثناء تغطيتها للمعرض، التقت ”المساء” بالسيد عباس ماسينيسا المكلف بالتنشيط على مستوى قصر الثقافة ”مفدي زكريا”، إذ أشار إلى أن لوحات مريم كزويت تشبه العائلات، ولكل لوحة قصتها، مثلا في لوحة تبدو فيها عائلة مريم كزويت وهي تفقد ابنها الذي غيبه الموت. في لوحات أخرى، يبدو المرح وتبدو معه السعادة كلوحة ”حديقة البرتقال”، ”الحديقة الخضراء”، ”الأم وأبناؤها”، ”إنسانية الورود” و«المرأة السعيدة”، بعض تلك اللوحات تبدو كأنها قطعة ”قضيفة” من فرط إتقانها، في حين تبدو ألوان لوحات أخرى كأنها تسيل في اتجاه خارج الإطار. على العموم، فإن هذا المعرض الضخم كان مريحا للجمهور، ويبدو عند مدخله كأنه حديقة سرعان ما تكشف عن عوالم أخرى مختلفة. للتذكير، فإن مريم كزويت خريجة المعهد العالي للفنون الجميلة، نالت العديد من الجوائز الوطنية والدولية، كما أقامت عدة معارض داخل الجزائر وفي عدد من الدول الأجنبية.