تحاول السلطات الليبية جاهدة احتواء ظاهرة العنف التي تفشت بشكل خطير في الفترة الأخيرة بمختلف مناطق البلاد، وخاصة بمدينة بنغازي مهد الثورة التي أطاحت بنظام العقيد معمر القذافي. وضمن هذا المسعى، نشرت أمس وحدات من قوات الردع والتدخل المشترك لتنفيذ مهام محددة بحفظ الأمن في العاصمة طرابلس وضواحيها، وسط تزايد الانفلات الأمني وارتفاع معدلات الجريمة بشكل أصبح يهدد حياة وأمن السكان. وقال عصام النعاس، المتحدث الإعلامي باسم غرفة عمليات هذه القوة، إن هذه الأخيرة "شرعت في عملها اعتبارا من يوم أمس، ضمن مهمة لتوفير الأمن والأمان للوطن والمواطن". ولكن السؤال المطروح، هل سيكون هذا الإجراء كافيا لتوفير الأمن المفقود في ليبيا ووضع حد لعمليات اغتيال أصبحت شبه يومية، وشملت عناصر ومسؤولي الجيش ومختلف الأجهزة الأمنية الحاليين وأولئك الذين عملوا خلال فترة حكم النظام المطاح به؟. ويجد هذا التساؤل مصداقيته خاصة وأنه وبالتزامن مع نشر هذه القوة لقي مفتاح الكريمازي قائد كتيبة "شهداء العمامرة" مصرعه على يد مسلحين مجهولين في منطقة تحمل نفس الاسم في شمال غرب ليبيا. وقال مسؤول محلي إن "مسلحين مجهولين أطلقوا النار على الكريمازي الذي كان يرافقه ابن عمه، رفعت الكريمازي، مما أدى إلى إصابتهما". وأضاف أنه "تم نقلهما إلى مستشفي مسلاتة أين فارق الأول الحياة متأثرا بإصابته البليغة، بينما تبقى حالة ابن عمه مستقرة". ثم أن الإجراء الأمني الذي أقرته السلطات الليبية، جاء على خلفية عملية الاغتيال التي استهدفت قبل يومين العقيد أحمد البرغثي أمام منزله بمدينة بنغازي عندما كان متوجها إلى مسجد حيه لأداء صلاة الجمعة. ويعتبر البرغثي أول عسكري يؤسس تشكيلا قتاليا ضد قوات العقيد الليبي السابق معمر القذافي عرف باسم " شهداء ليبيا الحرة". وترأس بعد ذلك إدارة الشرطة العسكرية في رئاسة الأركان العامة للجيش في العاصمة الليبية، قبل أن يتقلد منصب رئيس الشرطة العسكري ببنغازي. وشكلت عملية اغتياله ضربة قوية لحكومة ليبية هشة لا تزال تصارع من أجل احتواء ظاهرة فوضى السلاح التي تعم كامل ليبيا، وعجزت عامين منذ الإطاحة بالنظام السابق من فرض دولة القانون في كامل أنحاء البلاد. وهو ما تسبب في تصاعد حدة الانتقادات باتجاه هذه الحكومة، التي أكد المجلس المحلي ببنغازي خلال نعيه أمس لعائلة ورفقاء وزملاء الفقيد أحمد مصطفى البرغثي، غياب دورها ودور وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية في مواجهة مسلسل الاغتيالات الذي يستهدف الأرواح بكل دم بارد. وأشار المجلس، إلى أنه منذ بدء الاغتيالات في مدينة بنغازي لم يتم الإفصاح عن أي متهم أو مشتبه فيه بالتورط في هذه الاغتيالات التي تكاد تكون شبه يومية. وتحولت بنغازي إلى مسرح لعمليات اغتيال مست ضباطا في الجيش والشرطة الليبية، إضافة إلى نشطاء سياسيين وحقوقيين بلغت ذروتها مؤخرا باختطاف رئيس الوزراء علي زيدان لساعات من قبل مسلحين، في مشهد أكد مدى عجز الحكومة الليبية على فرض دولة القانون على الجميع مواطنين ومليشيات مسلحة.