المطلوب مسيرون لتعزيز الصادرات وإنشاء وزارة للتجارة الخارجية «الجزائر استشارات للتصدير"، جمعية أنشئت في 2013 لتنضم إلى مجموع الهيئات والجمعيات التي تعمل على تطوير الصادرات خارج قطاع المحروقات، لكنها انطلقت من فكرة مختلفة وهي مرافقة المؤسسات الراغبة في التصدير، من خلال تقديم خدمات تتعلق بكل مراحل العملية، مستغلة خبرات جزائرية، لكن تبقى مسألة التصدير -حسب رئيس الجمعية- السيد إسماعيل لالماس، مرتبطة بجملة من العوامل، أهمها وجود هيئة مكلفة بالتجارة الخارجية وكفاءات تعمل بعقلية رجال الأعمال، وليس بذهنية الإدراي الذي يسير الأمور من مكتبه. التقينا السيد لالماس على هامش معرض "صناعات الجزائر" الذي نظم مؤخرا بالعاصمة وكان لنا معه هذا الحوار.
المساء: ماهو الدور والأهداف التي تعمل جمعيتكم على تحقيقها لدفع وتيرة الصادرات الجزائرية؟ السيد إسماعيل لالماس: "الجزائر استشارات للتصدير" أنشئت في أفريل 2013، وتولدت فكرة إنشائها من سلسلة تربصات ودورات تكوينية تمت سابقا في مجال التصدير، وسمحت لنا أن ندرك أن هناك مستشارين ومكونين في الميدان ذوي كفاءة عالية، لكنهم متفرقون، لذا فكرنا في جمع هذه الخبرات ضمن إطار مهيكل -أي جمعية- حتى نستفيد منهم ومن خبراتهم. نحن جمعية وطنية هدفها التقرب من المؤسسات التي ترغب في التصدير، لمرافقتها وتزويدها بالمعلومات اللازمة حول التدابير اللازمة وتقديم التكوين الملائم، فيجب أن نعلم أنّ التصدير هو مجموعة من المهن وكل واحد من خبرائنا مختص في مجال معين مثل التشخيص والبحث عن الشركاء والبحث عن السوق والنقل والمالية والعلاقات مع البنوك واللوجستيك...فمن النادر أن نجد شخصا يجمع كل هذه الاختصاصات. وميزتنا هو التقرب من المؤسسات لتقديم المساعدة لهم، وحاليا نحن في مرحلة التعريف بالجمعية وبأهدافها وسط المتعاملين والهيئات العمومية، وهو مايفسر تواجدنا بمعرض صناعات الجزائر. فمالاحظناه، أنّ هناك أشخاصا يرغبون في التصدير، لكنهم يجهلون الإجراءات ولايعرفون إلى أين يتجهون، لقد اتصل بنا مثلا أشخاص يطمحون لتصدير التمور لطلب توضيحات، ونحن نقدم لهم نصائح ونرافقهم لإنجاح العملية.
التصدير خارج قطاع المحروقات في الجزائر مازال يراوح مكانه، بالرغم من توفر الإرادة السياسية لتطويره، في رأيكم أين يكمن المشكل؟ المشكل في التصدير أنه ليس لدينا هيكل وزاري يشرف على العملية في الجزائر، ما يوجد هو مديريات مختصة على مستوى الوزارات، سواء تعلق الأمر بالتجارة أو الصناعة أو الفلاحة وحتى الصناعات التقليدية، لكن ذلك غير كاف، كما أنه يتم بطريقة غير منسجمة ومتناسقة، فلكل وزارة سياستها الخاصة في مجال التصدير ولا أحد يعرف ما يفعله الآخر، فلا وجود لاستراتيجية أو رؤية موحدة ولامخطط عمل ضمن هيئة واحدة، في حين لايمكن أن نقوم بالتصدير في غياب برنامج واضح وشامل. لذا نحن كجمعية نطالب بإنشاء وزارة للتجارة الخارجية مثلما هو معمول به في بلدان كثيرة، من أجل تسيير كل التجارة الخارجية سواء الصادرات أو الواردات...، اليوم نتحدث عن ارتفاعها، وهناك من يقترح تحديد الكميات المستوردة من بعض السلع، لكن السؤال المطروح من هو المخول بتنفيذ ذلك والتفاوض مع الشركاء؟ لذا يجب استحداث هيئة تتكفل بالتجارة الخارجية.
لكن هناك الوكالة الوطنية لترقية التجارة الخارجية "ألجكس"؟ نعم لكن "ألجكس" تابعة لوزارة التجارة، وتتلقى الأوامر من موظفيها، ولكي تلعب دورا فعالا يجب أن تكون مستقلة، ولا يتم تقييدها، فضلا عن إعطائها الإمكانيات اللازمة للعمل، ولا أقصد هنا الإمكانيات المادية لأنها متوفرة. لدينا المال والهيئات الإدارية لكننا فشلنا، ويجب التساؤل لماذا؟ أجيب على ذلك بالقول، لأنه ليس لدينا الرجال المؤهلين للتسيير الجيد في مجال الصادرات. إذا لم نفهم بعد أن الأهم هو الموارد البشرية المختصة والمكونة لإخراج البلاد من مختلف الأزمات، فإننا إذا لم نفهم شيئا، فما هو حاصل حاليا أنّ الكل مسؤول ولا أحد مسؤول، لذا لابد من تحديد المسؤوليات وكذا برنامج العمل بآجال وأهداف محددة.
تتحدثون عن إمكانية تحديد السلع المستوردة لمواجهة ارتفاع فاتورة الواردات، لكن هذا غير ممكن بالنظر إلى الاتفاقيات الموقعة مع الاتحاد الأوروبي وغيره، وكذا السعي إلى الانضمام لمنظمة التجارة العالمية. لابد من التوقف عن لعب دور ضحية خياراتنا، لأننا لو أردنا الدخول في منظمة التجارة العالمية يجب تطبيق قواعدها. إذا كنا قادرين على ذلك فمرحبا. أمّا في حالة العكس، فإنه ليس من الضروري الانضمام. وأنا اعتبر أن الجزائر غير جاهزة لأن تكون عضوا في منظمة التجارة العالمية، تكفي المشاكل التي نجمت عن الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي. على المسؤولين أن يفهموا أن أي اتفاق يجب أن يقوم على أساس الربح المتبادل. والتصدير هو تجارة، لذا يجب أن تتوفر لدى المسؤول عقلية رجل الأعمال الذي يشتغل في الميدان وليس الإداري الذي يجلس في المكتب ويقرأ الجريدة ويشرب قهوته وينتظر الراتب. نستطيع تصدير كل شيء لاسيما في القطاع الفلاحي، وإذا طورنا صناعتنا بالطريقة المناسبة ضمن رؤية واستراتيجية واضحتين يشارك فيهما كل الأطراف المعنية، فإنه يمكن للكثير من المنتجات الجزائرية أن تصدر لاسيما إلى البلدان الإفريقية التي تعد سوقا واعدة لنا. فلدينا إمكانيات مثلا في مجال الصناعات الغذائية وصناعة الدواء والصناعات التقليدية، لكن يجب إعطاء دفع وإشراك الجميع والايمان بقدراتنا. إن دورنا هو توعية المسؤولين والناس وأصحاب المؤسسات، الذين عليهم إقحام التصدير في استراتيجية عملهم ومخطط تطورهم، وأن يفكروا في أسواق خارجية، لأن السوق الجزائرية تقترب من التشبع لاسيما مع المنافسة الأجنبية، فأحسن طريقة للدفاع هي الهجوم. التكوين مهم كذلك، لكنه أداة ضمن أدوات أخرى، اليوم نشهد نقصا في المسيرين المختصين في التصدير...وأقول إنه لاشيء يمنع من "استيراد" كفاءات أجنبية من الخارج أثبتت مكانتها في هذا المجال بالذات، ووضعها على رأس الهيئات المكلفة بالتصدير، على أن نعطيهم مهمة محددة من حيث الأهداف والنتائج والآجال، وهو حل سريع إلى حين تكوين جزائريين، فلايمكن الانتظار أكثر، فبعد 50 سنة من الاستقلال كل عام نتكلم ولاشيء يتحقق في الميدان.