يعتبرها الكثير من مستهلكيها مصدراً للمتعة ومرافق مفضلة لجلساتهم الحميمية جاهلين كل الجهل الأضرار التي تهدد صحتهم ... إنها "النرجيلة "أو "الشيشة" التي بدأت تأخذ طريقها لتصبح موضة تجلب عددا متزايدا من الجزائريين. سجلت بعض المقاهي وقاعات الشاي في الجزائر وعلى الخصوص الشرقية منها التي ظهرت خلال السنوات الأخيرة على غرار المطاعم الشرقية وكذا الخيمات التي أقيمت هنا وهناك وببعض الفنادق العالمية إقبال العديد من الشباب على استهلاك النرجيلة أو ما يعرف عندنا ب "الشيش" جاعلين منها موضة تغري هؤلاء الذين لا يتردد البعض منهم في تذوق كل ما يروج له إما من باب الفضول وحب الاكتشاف أومن باب ضرورة مسايرة كل ما يطبع بختم الموضة، والخطير في هذا الأمر هو أن هذا الشباب المستهلك لهذا النوع من التبغ يجهل الأخطار التي تحدق به جراء هذا الاستهلاك بل الأغرب من ذلك فهو يعتبره وسيلة للترفيه ولجلب البهجة في جلسة مع الأصدقاء والرفقاء. والملاحظ في أيامنا هو الانتشار المتزايد لاستهلاك "الشيش" التي تنوعت مذاقاتها ففيها ما يعرف منها بالعسلية ومنها بأذواق الفواكه كالتفاح والفراولة. كما أن هذا النوع من التبغ بجهازه المعروف الجميل ذي المسحة الشرقية الذي لم يكن في الماضي القريب يمثل سوى جزءاً من الديكور في المنازل وبعض المطاعم التقليدية انضم إلى قائمة المواد التبغية المستهلكة في المجتمع الجزائري لمنافسة كل من السيجارة والشمة ليصبح هو الآخر يشكل خطراً حقيقيا على صحة الشخص. ويحذر المختصون في الأمراض الصدرية من مغبة انتشار هذه الظاهرة مؤكدين أنها ولحسن الحظ ليست بالحجم الذي وصلت إليه في العديد من الدول مثل مصر التي أكدت بشأنها دراسة أنجزت مؤخرا أنها ساهمت بشكل كبير في عودة داء السل وانتشاره بشكل مخيف، وينصح المختصون بضرورة تحسيس الشباب والمستهلكين بصفة عامة بأخطار "النرجيلة" أو "الشيشة" قبل انتشارها بشكل يصعب التحكم فيه. ويؤكد نفس المسؤولين أن رشفات تعبئة واحدة من "الشيشة" تعادل تدخين 40 سيجارة وأن ساعة استهلاك واحد منها تعادل 100 إلى 200 سيجارة. وما يثير التخوف هو جهل العديد من مستهلكي "الشيشة" أن لهذه الأخيرة نفس الأخطار والأضرار التي تسببها السجائر على صحتهم الأمر الذي أوردته منظمة الصحة العلمية في دراسة قامت بها مؤخراً بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التدخين والتي أكدت فيه أن المواد السامة التي تحتويها النرجيلة هي نفسها التي تسبب الأمراض الناجمة عن التدخين. فكما هو الحال بالنسبة لهذا الأخير أي تدخين السجائر فإن مكونات "الشيشة" هي المتسببة في حالات سرطان الرئة والفم والمثانة إضافة إلى أمراض شرايين القلب، وأكدت الدراسة أن القوة الضرورية لاستنشاق الهواء عن طريق الأنبوب تسمح للدخان بالدخول الى مستوى أكثر عمقا داخل الرئتين. ويؤكد أستاذ مختص في الأمراض الصدرية بمستشفى مصطفى باشا الجامعي بالعاصمة أن نسبة مادة النيكوتين والقطران في النرجيلة هي نفسها الموجودة في السيجارة بينما تتضاعف فيها مادة ثاني اوكسيد الكربون ب 10 مرات، وما يزيد من خطر أضرار "النرجيلة" هو الاستهلاك الجماعي الذي يساعد على انتقال الأمراض المعدية عن طريق الفم خاصة عند انعدام شروط النظافة علما أن 80 بالمائة من المستهلكين حسب دراسة أنجزت بتونس يستعملون نفس الأنبوب.ويؤكد المختص في أمراض الصدر على ضرورة محاصرة الظاهرة في المجتمع الجزائري قبل فوات الأوان خاصة وأنها في طريقها لأن تصبح من أفضل الموضات لدى الشباب مشيرا إلى المجهودات الكبيرة التي تقوم به الدول الأوروبية لمحاربة التدخين بمنعه في الأماكن العمومية في الوقت الذي نرى فيه في بلادنا لتطوير أنواع جديدة للتبغ آخرها النرجيلة والشيشة.