أخذت الشيشة الوافد الجديد على ثقافة الجزائريين مكانة معتبرة لدى هواة التدخين ومدمنيه، حيث اعتبرها الكثير منهم فكرة مميزة تستحق التجريب ووضعوا صحتهم أمام أداة اخطر خمس مرات من السيجارة التي أزيحت من الطريق، فاتحة المجال لنوع جديد من الإدمان الذي اكتسح مقاهينا الشعبية والراقية في وقت واحد. أكد البروفيسور سليم نافتي رئيس الجمعية الجزائرية للأمراض التنفسية، أن الاستعمال المفرط للشيشة في بلادنا أصبح ينذر بخطر متزايد يتهدد صحة الشباب دون ان يعوا خطورة ما يقدمون على تناوله، خاصة وان العديد منهم يعتقدون أن التدخين بواسطة الشيشة يعتبر اقل ضررا من الدخان العادي. غير ان الحقيقة كما بعيدة كل البعد عما يتداوله الشباب، حيث أكد البروفيسور نافتي ان تدخين الشيشة يعادل تدخين عشر سجائر في وقت واحد، فالخطورة التي تسببها الشيشة تتضاعف بشكل كبير يوما بعد يوم خاصة مع الانتشار الكبير وشيوع استعمال الشيشة في المقاهي الشعبية والحديثة. وفي تقديمه لنتائج الدراسة الميدانية التي تناولت مسألة التدخين في الجزائر قال '' إن السجائر هي المادة الوحيدة التي تقتل نصف مستهلكيها سنوياً''، مضيفاً بأن السبب راجع بطبيعة الحال إلى انتشار ظاهرة التدخين بصفة ملحوظة وسط مجتمعنا بصفة خاصة وإلى إقبال مختلف شرائح المجتمع عليها؛ وقال: ''مثلا في الجزائر أكدت معطيات الصحة للبلد أن أكثر من نصف الرجال مدخنون و40 بالمائة منهم مراهقون وشباب وهو ما يمثل الخطر بعينه، ناهيك عن أن 9 بالمائة من النساء مدخنات ما ينجر عنه سنويا 15 الف وفاة، الأمر الذي يجعلنا نرفع أصواتنا عاليا مطالبين بضرورة توفير وسائل المساعدة على الإقلاع عن التدخين وإبعاد الشباب وتحسيسهم بخطورة ما يتناولونه خلال اجتماعاتهم في المقاهي. ويضيف البروفيسور نافتي ان الشيشة في الجزائر لم يعد الإقبال عليها مقتصرا على المقاهي بل هناك من يستعملها داخل البيت مع الخطورة التي تشكلها على المحيطين به خاصة الأطفال. الشيشة تكتسح المقاهي الراقية لم يعد انتشار الشيشة واستهلاكها مقتصرا على أماكن محددة مثل المقاهي الشعبية، بل وصلت الى صالونات الشاي الراقية و المشهورة. وما لاحظناه في السنوات الأخيرة كنوع من الموضة التي فرضتها ظروف معينة جعل من الشيشة أداة للاستمتاع بالدخان في مدة طويلة وهو ما لا توفره السيجارة، والملاحظ أن الشيشة لدى الجزائريين لم تعد مجرد ديكور يزين قاعات الاستقبال في بيوت الجزائريين بل إن العديد منهم أصبحوا يحرصون على اقتناء أنواع كثيرة من الشيشة وهناك من يجلبها لغرض السياحة سنويا وعلى كثرتهم، يتعمّدون اصطحاب ''شيشات'' معهم مع المعسّل الذي يرافقها وبمختلف نكهاته بعد تعوّدهم على استهلاكها خلال فترات رحلتهم الى دول عديدة مثل تونس وسوريا ومصر التي يكثر فيها استعمال الشيشة. لكن ما يجهله كل مستهلكي الشيشة، أن تعاطي ''شيشة واحدة'' تعادل استهلاك علبتي سجائر. علما أن هناك أشخاصا يستهلكون يوميا من 6 إلى 7 شيشة بمختلف النكهات غير مبالين بالخطر المحدق الذي يترصد أجسامهم. ''.....وتساهم في تنقل الأمراض المعدية'' ألح البروفيسور سليم نافتي على التذكير بخطورة استعمال الشيشة في مجتمعنا، خاصة وأنها بدأت تنتشر في أوساط مختلفة ومست العديد من فئات المجتمع في وقت واحد. وذكر البروفيسور نافتي أن خطر الشيشة يتضاعف خمس مرات عند مستهلكيها وأضاف أنها تسبب في إحداث سرطان الرئة والحنجرة خمس مرات أكثر من تدخين السجائر العادية. ونادى البروفيسور نافتي الى ضرورة الابتعاد عن السجائر والشيشة معا، مع التأكيد على أن الشيشة أخطر من التدخين العادي خمس مرات، ناهيك عن احتمال متزايد لنقلها لكثير من الأمراض المعدية الأخرى كالسل، حيث يؤدي استعمالها المتكرر ونقلها من شخص الى آخر في انتشار الأمراض التنفسية المعدية. وما ينبغي أن يعرفه الكثير من الناس وخاصة الشباب أن هذه الأدوات لا تخضع لأي مراقبة ولا يتم تنظيفها إلا في مرات نادرة، وهو الأمر الذي يجهله الكثير من مستعملي هذا النوع من أدوات التدخين. النساء يضاهين الرجال في استعمال الشيشة لم تعد الشيشة حكراً على الرجال في الجزائر، بل أخذت النساء -وخاصة الفتيات- نصيبهن في تذوق هذا النوع الوافد إلينا من الدخان. وأصبحت الشيشة وسلة للتباهي وتتزايد نسبة المدخنات خاصة مستعملات الشيشة بحجة ''الترويح عن النفس'' و''نفث الهموم''. ويؤكد البروفيسور نافتي أن الخطورة تتضاعف لدى النساء خاصة وأن الدخان يتسبب لديهن في الكثير من الأمراض الخطيرة في مقدمتها السرطان بكل أنواعه، بالإضافة الى الإجهاض وتشوهات الحمل الذي يتضاعف لدى فئة المدخنات بصورة رهيبة. وأكد البروفيسور نافتي أن النساء المدخنات يقمن بقتل أنفسهنّ ببطء ويساهمن في انتشار الكثير من الأمراض والمخاطر الصحية التي تسببها هذه العادة الخطيرة جداً، مذكرا أن ''شيشة واحدة'' تعادل علبتي سجائر، وعلى الجميع أن يضعوا في الحسبان ما قد تتركه الشيشة من آثار سليبة على صحتهم.