أكد وزير المجاهدين، محمد الشريف عباس، أن قانون المجاهد والشهيد الذي عالج مسار الثورة من 1954 إلى 1962 وحدد أطر ومقاييس منح صفة المجاهد والشهيد، لا يعتبر كل من سقط ضحية همجية المستعمر صاحب حق، وإنما يربط منح هذه الصفة بشروط محددة، وأعلن، من جانب آخر، عن برنامج عمل لحماية التراث التاريخي واسترجاع الأرشيف الوطني الخاص بالثورة التحريرية، مؤكدا بأن الجزائر شيدت منذ الاستقلال مؤسسات ومرافق وهياكل قاعدية هامة، ساهمت بشكل كبير في تكوين المواطن الجزائري. وأوضح السيد شريف عباس في حديث لوكالة الأنباء الجزائرية، عشية الاحتفال بالذكرى ال59 لاندلاع الثورة التحريرية، أن قانون المجاهد والشهيد الذي كرس الحقوق الاجتماعية الخاصة بالفئتين حدد شروطا لمنح صفة المجاهد والشهيد، أبرزها أن يكون المعني مشاركا بصفة فعلية ومستمرة في ثورة التحرير الوطني ومهيكلا في جبهة وجيش التحرير الوطنيين أو منضويا تحت لوائها، معتبرا عملية الاعتراف بضحايا مجازر 8 ماي 1945 والتي تعد أحد الاقتراحات التي قدمها حزب جبهة القوى الاشتراكية للبرلمان، تتطلب التدقيق فيها، "ولذلك فهي عملية صعبة المنال"، على حد تعبيره. وأكد الوزير، في نفس السياق، بأن الجزائريين يقرون بأن الاستقلال ما كان ليتحقق لولا قوافل الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداء لهذا الوطن عبر مراحل المقاومة وأثناء الكفاح المسلح، "إلا أن شهداء كل المحطات التي سبقت ثورة التحرير، لم يتم تقييد أسمائهم في سجلات أو إحصاؤهم والتأكد من طبيعة مشاركتهم الفعلية، أو توفر المعلومات المطلوبة، مثلما هو الشأن بالنسبة لشهداء الثورة التحريرية التي تضمنها قانون المجاهد والشهيد"، كما أوضح بشأن الطعون المقدمة من طرف الأشخاص الذين سحبت منهم بطاقة الاعتراف بصفة مجاهد بأن مسألة الاعتراف تم الفصل فيها نهائيا، حيث لا يمكن حسبه بعد مرور 50 عاما من استرجاع السيادة الوطنية، "أن يبقى هذا الموضوع محل جدل ونقاش". وفي حين ذكر بأن مصطلح شهداء لم يغب في أدبيات التطرق لمختلف محطات المقاومة إلى انتهاء الثورة التحريرية، أكد السيد شريف عباس أن مجازر 8 ماي 1945 تعتبر من أهم المحطات التاريخية التي هيأت للكفاح المسلح الذي كلل بالاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية. وفي حديثه عن الذكرى ال59 لاندلاع ثورة الفاتح نوفمبر المجيدة، أشار الوزير إلى أن الجزائر شيدت منذ الاستقلال مؤسسات ومرافق وهياكل قاعدية هامة، ساهمت بشكل كبير في تكوين المواطن الجزائري، مثلما هو الحال بالنسبة للمدارس والمعاهد والجامعات والمعامل. وأوضح في نفس الصدد أن الجزائر تتقدم اليوم بتفاؤل وأمل كبيرين نحو إرساء دعائم المجتمع الديمقراطي الذي يقدس العمل ويحترم مبادئ المواطنة والحريات العامة والخاصة ويدرك دوره في تحقيق الإقلاع الاقتصادي والاندماج الدولي، على أساس الكفاءة والاقتدار ورفع التحديات وفق مقاييس العصر ومفاهيم الحداثة والمصالحة مع الذات. وفي تقييمه للانجازات التي حققتها الجزائر بعد 50 سنة من الاستقلال، أشار الوزير إلى أن معرض "ذاكرة وإنجازات" الذي عرف مشاركة جل القطاعات الوزارية، أبرز البرامج التنموية التي جسدتها سواعد أبناء هذا الوطن عبر كل مراحل التعمير والبناء مع وضع تصور لمشاريع المستقبل، وأوضح الوزير أن جهودا معتبرة بذلت منذ الاستقلال لتنوير الأجيال الصاعدة بعظمة ثورة أول نوفمبر المجيدة، لاسيما من خلال تنظيم ندوات وملتقيات محلية ووطنية بغية جمع المادة التاريخية وتسجيل الشهادات من أفواه صانعيها وإنجاز العديد من المرافق التاريخية والثقافية كالمتاحف الجهوية والولائية، كما تم إنجاز عدد من الأفلام التاريخية التي تعرض الحياة النضالية والبطولية لبعض رموز الثورة التحريرية المظفرة، وكذا أشرطة وثائقية تعنى بسيرة وبطولة رموز الثورة، مع ترجمة وثيقة في شكل قرص مضغوط يتناول تاريخ الجزائر ما بين 1830 و1962، ونشر مطبوعات موجهة خصيصا للأجيال الناشئة في الأطوار التعليمية الأولى، والتي يتعين عليها حسبه، المحافظة على هذا المكسب. كما كشف الوزير، في سياق ذي صلة، أن وزارته سطرت برنامج عمل لحماية التراث التاريخي والثقافي واسترجاع الأرشيف الوطني الخاص بالثورة التحريرية، وأشار إلى أن الجزائر في سعي دائم مع بعض الدول الشقيقة مثل تونس وليبيا والمغرب وسوريا ومصر لاسترجاع ما تبقى من أرشيف هذه الدول، معتبرا ما تم استرجاعه من أرشيف وطني من فرنسا، يخص ما تعلق بالفترة العثمانية ويعد "قطرة في بحر". وبعد أن جدد التأكيد على أن مسألة استرجاع الأرشيف تعتبر بمثابة انشغال دائم لدائرته الوزارية، أشار السيد شريف عباس إلى أن "الأرشيف الحقيقي متواجد لدى كل الشعب الجزائري وهو عند كل مجاهد عاش وعايش ثورتنا وعند كل عائلة أو أسرة جزائرية تحتفظ بوثيقة أو ورقة تاريخية أو صورة أو حتى مقتنيات تعود لفترة ما من تاريخ الجزائر البطولي".