انتقد وزير الدولة وزير الداخلية والجماعات المحلية، أمس، التسيير السيئ لشؤون المواطنين بعاصمة البلاد، لاسيما في مجال توفير الأمن على مستوى الأحياء والتكفل بتنظيف الشوارع والأزقة وتهيئة المحيط، وشدد على ضرورة تحسين تدابير استقبال المواطنين وإشراكهم في القرارات التي تصدرها المؤسسات العمومية والهيئات المنتخبة محليا، مؤكدا في هذا الصدد بأن ضمان الخدمة العمومية للمواطن، ليس صدقة وإنما حق من حقوق المواطن الدستورية المشروعة. وفضح وزير الدولة، خلال إشرافه على مراسم التنصيب الرسمي للسيد عبد القادر زوخ واليا للجزائر العاصمة خلفا لمحمد كبير عدو، الفوضى العارمة التي تعاني منها العاصمة في مجالي الأمن وتهيئة المحيط، مستنكرا انتشار ظواهر العنف والاعتداءات على المواطنين في شخصهم وممتلكاتهم على مستوى بعض الأحياء والأزقة. وجعل الوزير من مسألة تعزيز الإجراءات الأمنية، المحور الأول ضمن أولويات عمل المصالح المحلية لولاية الجزائر، والتي تضمنتها ورقة الطريق التي عرضها أمام المسؤولين المحليين المشرفين على تسيير شؤون سكان العاصمة، وأكد في هذا الصدد بأن الدولة سخرت ولا زالت تسخر كل الإمكانيات المادية والبشرية لدعم وسائل توفير الأمن والأمان للمواطنين، مذكرا بأن هذه الإمكانييات تم تعزيزها بموجب مشروع قانون المالية لسنة 2014 بفتح 20 ألف منصب شغل جديد في سلك الشرطة. أما النقطة الثانية التي حملتها توجيهات السيد بلعيز لهؤلاء، فتضمنت التأكيد على ضرورة الاهتمام بتهيئة المحيط وتنظيف الشوارع والأزقة، مستغربا حالة الفوضى التي آلت إليها هذه الشوارع، بفعل انتشار وتراكم القاذورات، وتدني حالة المرافق العمومية. ولم يفوت الفرصة في هذا الإطار بالتذكير بأن الدولة رصدت في الفترة الأخيرة نحو 202 مليار دينار للتكفل بتحسين الإطار المعيشي لسكان العاصمة، غير أن هذه الأخيرة لازال مواطنوها يعانون من انتشار الأسواق والحظائر العشوائية. ودعا، بالمناسبة، إلى الاستعانة بخدمات المواطنين الذين لهم رغبة في المشاركة في تزيين المحيط وتنظيفه، وتشجيع إسهامهم، سواء من خلال المبادرات أو عبر إنشاء المقاولات المتخصصة في هذا الجانب، مؤكدا بأن التكفل بخدمة المواطن والسهر على راحته لا يعتبر صدقة من المسؤول أو من الدولة للمواطن وإنما تطبيق لحق مشروع يكفله الدستور للمواطن. وشملت ورقة الطريق التي قدمها وزير الدولة للوالي الجديد للعاصمة وكذا الولاة المنتدبين ومسؤولي الهيئات التنفيذية المحلية، التأكيد على ضرورة استقبال المواطنين مرة كل أسبوع وتلقي شكاواهم والرد عليها، مع تخصيص هياكل خاصة لتأدية هذه المهام على أكمل وجه، وتدوينها في سجلات رسمية، مشيرا إلى أنه سيتم تكليف لجنة بعمل تفتيشي فجائي، للتأكد من احترام الهيئات العمومية لهذه التعليمات، ومجازاة كل مسؤول طبقا لمدى احترامه لها. كما تطرق السيد بلعيز إلى استمرار الممارسات البيروقراطية التي أثقلت كاهل المواطنين، مذكرا بأن الحكومة قررت اتخاذ سلسلة من التدابير للتخفيف من ثقل الملفات الإدارية، والتي تشكل نحو 50 بالمائة منها، وثائق غير مجدية، وغير منصوص عليها في القانون، وإنما هي نتيجة لاجتهادات فردية لبعض المسؤولين، واستغرب في نفس السياق تعامل الإدارة مع أي شاب يرغب في فتح متجر أو محل لبيع الماكولات أو المشروبات، باشتراطها منه توفير 10 ملفات إدارية للحصول على الاعتماد. وأشار في سياق متصل إلى أنه أعطى تعليمات لتخفيض مدة استصدار بعض الوثائق الرسمية على غرار العقد الأصلي للميلاد إلى يوم واحد، فيما طالب والي العاصمة الجديد بالعمل في أقرب الآجال على تقليص مدة استصدار جوازات السفر وبطاقات التعريف الوطنية إلى أسبوع على الأقل، مؤكدا بأن وزارة الداخلية التي شرعت في مراجعة النصوص التي تحدد المستندات المطلوبة في الملفات الإدارية من أجل تخفيفها، ستصل على المدى القصير إلى تطهير هذه الملفات وتقليص الوثائق المطلوبة لأجلها بنحو 30 بالمائة. وأعرب ممثل الحكومة عن استيائه من ظاهرة تغييب المواطن عن اتخاذ القرارات المحلية، في وقت يكفل فيه قانون البلدية لهذا المواطن الحق في المشاركة في هذه القرارات، من خلال حضوره جلسات المداولة، وحقه في الحصول على محاضر المداولات، وكذا حقه في الاعتراض على أي قرار ومتابعة الهيئات المحلية قضائيا بخصوصها إذا لزمه الأمر ذلك. وإذ شدد على رفضه وتعامله الصارم مع استمرار ظاهرة تغييب المواطن عن القرار، أوضح السيد بلعيز بأن إشراك المواطن في صناعة قرارات تسيير الشأن المحلي، تدفعه إلى تبني تلك القرارات والدفاع عنها على اعتبار أنها تعنيه بالدرجة الأولى، داعيا بالمناسبة إلى تحرير المبادرات في مجال الاستثمار من خلال مرافقة كل من يرغب في الإسهام في التنمية المحلية. وبدا وزير الدولة وزير الداخلية والجماعات المحلية صارما في توجيهاته لممثلي الجهاز التنفيذي على المستوى المحلي، متوعدا بمعاقبة المخالفين لها، والمتقاعسين عن تنفيذها على ارض الواقع، خاصة وأن تطبيق هذه التوجيهات متاح لكل هيئة عمومية، سواء كانت بلدية أو دائرة أو ولاية، على حد تعبيره. وفي لقاء مع الصحافة، جدد السيد بلعيز التأكيد على أن الحركة الجزئية التي شملت سلك الولاة، راعت مواصفات ومقاييس لدى الشخص المعين وكذا مميزات الولاية التي عين بها، مشيرا إلى أن اتباع هذه الحركة بحركات أخرى مستقبلا أمر ليس مستبعدا، على اعتبار أن الأمر يندرج في إطار استمرارية التسيير في الدولة. وبخصوص رؤساء البلديات المتابعين قضائيا، أشار وزير الدولة إلى أن عدد هؤلاء لا يفوق 3 أميار على المستوى الوطني، موضحا بأن تعامل الدولة مع هذه الحالات هو توقيفهم إلى حين إثبات براءتهم من قبل العدالة. أما بخصوص عملية توزيع السكنات بالعاصمة، فدعا السيد بلعيز إلى منح بعض الوقت للوالي الجديد ليتفرغ للعملية، مؤكدا بأنه ألح على ضرورة احترام معايير العدل والإنصاف والشفافية في هذه العملية.