اللافت في الطبعة ال18 للصالون الدولي للكتاب هذه السنة؛ الاهتمام الخاص الذي أعطي لكتاب ثورة التحرير، حيث عمدت دور النشر الجزائرية المشاركة إلى تخصيص أكثر من جناح لعرض إصدارات مختلفة لكتاب وباحثين ودكاترة وضعوا عصارة جهدهم الفكري وبحوثهم لسنوات في كتب قدمت في أبهى الحلل للقارئ الجزائري. تعددت الكتابات حول تاريخ الجزائر الممتد عبر العصور، ولئن كانت المكتبات هنا وهناك تعرض بعض الإصدارات الحديثة عن هذا التاريخ الحافل، فإن صالون الجزائر الدولي الذي يسدل عليه الستار اليوم، جمع بين أجنحته كل ما يتعلق بالحقب الزمنية التي مرت بها الجزائر، وتحديدا الحقبة الاستعمارية من 1830 إلى الاستقلال 1962، وهو ما يشير إليه كتاب صادر عن دار القصبة للنشر لصاحبه محمد سكال بعنوان «باسم الحضارة: جرائم حرب ضد الإنسانية في الجزائر 1830-1962». وكتب أخرى كثيرة يروي من خلالها كل كاتب حقبة من حقب الاستعمار ومعاناة شعب، ومن ذلك كتاب «القبائل 1954-1962. أفواج العقيد عميروش» الذي يحكي عن بطولات هذا البطل في مسار ثورة نوفمبر المجيدة في منطقة القبائل الحرة ورجالها الأبطال. وعلى رفوف الأجنحة كتب أخرى قدمت بحلة جيدة، إذ لاحظنا أنه لم يعد الكتاب حاليا يصدر على شاكلة حبر يدون كلمات على صفحات بيضاء، بل أضحى اليوم الناشر يهتم بما ينشره ويحرص على تقديمه في شكل جميل يجذب إليه الأنظار، مما يساهم في تسويقه، مثل ذلك «مذكرات أحمد طالب الإبراهيمي» بجزيئه الأول «أحلام ومحن 1932-1965»، والثاني «هاجس البناء 1965-1978»، الكتاب نال حضه من الإقبال خاصة أنه يؤرخ لحقب زمنية هامة يرويها الدبلوماسي الجزائري المحنك كما عايشها، عاكسة لقناعاته الشخصية، إلى جانب كتاب جميل في حلته بألوان العلم الوطني بعنوان «حملة أكتوبر العقابية: اغتيال جماعي. باريس1961» لكاتبه ميشيل لوفين وترجمة عبد القادر بوزيدة، هذا الكتاب يحاول استدراك النسيان، حيث يتحدث عن أحداث 17 أكتوبر، حينما خرج الآلاف من ضواحيهم ومن أحيائهم القصديرية بتأطير من جبهة التحرير الوطني للتظاهر في باريس، وجوبهت المظاهرات السلمية بالحزم الشرس من طرف الشرطة الفرنسية... الكتاب صدر في ماي 2013 عن دار القصبة للنشر وجاء في حوالي 300 صفحة. والكتب الثورية كثيرة، منها تلك التي اهتمت بما بعد الاستقلال أو ما يسميه البعض بثورة البناء والتشييد، وهنا نشير إلى كتاب «على أبواب المستقبل: 20 قرنا من المقاومة 50 سنة من الاستقلال» للكاتب كريم يوسن، إلى جانب كتب خاصة برؤساء الجزائر ومنها كتاب «رجل –ثورة: هواري بومدين. مسيرة الرجل النضالي» لكاتبه حميد عبد القادر، وهو الكتاب الذي توضح بشأنه ممثلة دار الشهاب للنشر الآنسة كتيبة نجاس بالقول؛ إنه أحدث تدافعا بين الزوار لاقتنائه، مما جعلهم يزودون الجناح به لثلاث مرات متتالية، وإلى جانبه العديد من الكتب التي تؤرخ لمسار ثورة الجزائر العظيمة، وتكشف المتحدثة أنه لفت انتباهها شخصيا الإقبال الكبير للمواطنين لاقتناء هذا النوع من الكتب، مشيرة إلا أنه «من الصعب حصر المقبلين على الكتاب الثوري في فئة عمرية معينة، فلقد لاحظت شخصيا اهتماما متزايدا من طرف الشباب بهذا الكتاب سواء من قبل الطلبة أو الباحثين وغيرهم، حبا للاطلاع والمعرفة وقراءة التاريخ والبحث عن حقائق الثورة وتاريخ الجزائر، كما أن الكتاب يبقى المصدر الرئيسي والأول للمعلومات ولا يمكن الاستغناء عنه أبدا». وعن دار النعمان للنشر، صدر كتاب بعنوان «50 شهودا وشهداء: حقائق جديدة عن الثورة المجيدة» للدكتور مصطفى سطامي، والكتاب يمثل مادة أولية ثرية ومفيدة للقراء لما يتضمنه من معطيات متوفرة ومتواترة، تتمثل في مئات الشهادات الناطقة (لشهداء أحياء)، مثلما يشير إليه الكاتب في تقديمه للكتاب الذي يوضح أنه يأتي في الوقت المناسب، قبل أن يرحل عن الدنيا أولئك الذين صنعوا الملحمة الوطنية. كما كان للمتحف العمومي للفن الحديث والمعاصر جناح خاص في الصالون، عرض به «مصورو الحرب: جنود الأبيض والأسود» وهو كتاب من النوع الكبير صدر، حسب ما شرحه ل «المساء»، أبوبكر ممثل الجناح، في سبتمبر2013، مشيرا إلى إصدار ثاني نسخة عن هذا الكتاب قريبا، ستكون نسخة منقحة وأكثر دقة، حيث ستحمل تعريفا بالشخصيات الموجودة في الصور، وهم الجنود الذين حاربوا خلال الثورة وبفضلهم تحررت الجزائر.. إلى جانب كل هذا وذاك، يمكن للزائر أن يكتشف الزخم الهائل للكتاب المؤرخ لثورة الجزائر وتاريخها الطويل الذي يبقى عبرة للأجيال سواء في الوطن أو غيره، لأنها ثورة غيرت مسار التاريخ الحديث..