صالون الكتاب يدشن الدخول الثقافي بالجزائر أصبح صالون الجزائر الدولي للكتاب يشكل بحق "دخولا ثقافيا" في الجزائر إن صح هذا التعبير، بجانب الدخول الاجتماعي، بالنظر لأهمية هذا الموعد الثقافي الذي ينتظره المواطن المتخصص والعادي بشغف، وبالنظر للفرص التي يتيحها هذا الصالون للكتاب والمبدعين والناشرين والإعلاميين والأكاديميين والطلبة والقراء على حد سواء، مع تزايد عدد دور النشر والبلدان المشاركة فيها من عام لآخر. ويمكن القول بدون مجاملة أن الصالون بدأ يصل إلى سن النضج بعد ثمانية عشر طبعة، وبدأت فيه مساحة التعبير تتسع أكثر، ودروب الوصول إلى الكتاب تتعدد وتتسع أيضا،وفرص الالتقاء تتنوع وتتزايد، وصار بمقدور القارئ الجزائري أن يصل إلى آخر الأعمال الأدبية والروائية التي تكتب هنا أو هناك في الضفاف الأخرى، وأصبح بإمكان المهتمين بالمعرفة أيضا الوصول إلى مبتغاهم بقليل من الجهد فقط. وقد حرصت الجهات المنظمة للصالون هذا العام على حسن التنظيم، وضمان التنوع تفاديا للملل والرتابة التي عبر عنها الزوار والمشاركون في الطبعات السابقة، ولهذا الغرض تم تقسيم تفاصيل الصالون إلى أربع فضاءات هي، فضاء التاريخ و الأحداث، فضاء الأدب، فضاء روح المهرجان الثقافي الإفريقي" البناف" وفضاء الإصدارات، وأضيف هذا العام أيضا جناح خاص بالشريط المرسوم. تكريم عمالقة رحلوا.. احتفى صالون الكتاب هذا العام حسب البرنامج المسطر بالعديد من الوجوه الأدبية والسياسية الوطنية المناضلة التي غادرت هذا العالم خلال سنتي 2012 و 2013، من خلال مجموعة من الندوات التكريمية لهذه الشخصيات التي شكلت مرجعا لنا في الأدب والنضال والسياسة والطب وغيرها، ربطا للحاضر بالماضي والمستقبل، حيث سيتناول باحثون وشهود مسيرة أولئك الذين رحلوا لكنهم ظلوا مصدر الهام لكتابنا ومبدعينا وشبابنا. وفي هذا الفضاء المخصص للتاريخ والأحداث سيتم تكريم كل من المجاهدة والشاعرة زهور زراري يقول فيها الرائد عز الدين، ياميلي غبالو، سليمان بن عزيز، نجاة حدة، معاشو بليدي و بوخالفة أمازيت ما عرفوه عن شخصية ومسار هذه المجاهدة والشاعرة. وتنقل كل من زهرة ظريف، محمد قالي، نورية قصدرلي عبد القادر بن دعماش وغيره شهادات عن المسرحي والمجاهد "حبيب رضا" عبر محطات من تاريخه، بينما سينقل عبد المجيد مرداسي، جان سالم محمد رباح وعمر شعلال وغيرهم ملامح عن شخصية المناضل وصديق الثورة الجزائرية "هنري علاق" الذي توفي في شهر جويلية الماضي. اسم آخر من أسماء الشعر العربي واحد اكبر أصدقاء الثورة التحريرية الشاعر السوري "سليمان العيسى" سيكون أيضا من بين المكرمين في صالون الكتاب لهذا العام من خلال مداخلات لكل من عياش يحياوي، سليمان جوادي، أبو القاسم خمار بوزيد حرز الله إبراهيم صديقي وآخرين، وكان قد توفي في التاسع أوت الماضي بدمشق. وأصدقاء الجزائر وثورتها كثيرون أيضا مثل المحامي "جاك فرجاس" الذي سيحظى هو الآخر بتكريم خاص عبر شهادات ومداخلات لمحمود زرطال، ميلود إبراهيمي، زهرة ظريف، فرانسواز فرجاس والوزير الفرنسي الأسبق رولان دوما وغيرهم، ونفس الشيء بالنسبة للطبيب والمجاهد "بيار شولي" الذي غادرنا في الخامس أكتوبر من العام الماضي حيث سيقول فيه رئيس الحكومة الأسبق رضا مالك و القس هنري تيسيي و جانين بلخوجة وغيرهم كلمات حق، ويختتم مسلسل التكريمات بتكريم خاص للفنان والملحن والشاعر صاحب رائعة "سبحان الله يا لطيف" مصطفى تومي الذي غادر الدنيا في الثالث افريل من العام الجاري. فضاء الأدب... وبما أن الأدب يحتل مكانة مهمة في صالون الجزائر الدولي للكتاب فإن عشاق الخيال باللغتين العربية والفرنسية سيكونون على مواعيد هامة مثيرة للاهتمام في إطار البرنامج المسطر في "فضاء الأدب" لهذا العام، مواعيد مع كتاب من الجزائر والعالم ومحاضرات لمتخصصين ونقاد وأدباء روائيين، وموائد مستديرة للنقاش حول الأجناس الادبية المختلفة، ومواعيد لبيع بالإهداء لإصدارات أدبية جزائرية جديدة. وتبرز من بين أهم هذه المواعيد التكريم الخاص بالشاعرة الجزائرية "يمينة مشاكرة" التي رحلت عن هذا العالم في ماي من العام الجاري، والاحتفاء أيضا بمئوية "مولود فرعون"، والى جانب هذا هناك برنامج محاضرات وموائد مستديرة هامة حول مختلف الأجناس الأدبية مثل الآداب في المغرب العربي، أدب أمريكا اللاتينية الجديد بعد الواقعية السحرية من توقيع الكاتبة الأرجنتينية إلسا أوزورو، وندوة أخرى حول الكتاب "المهاجرون.. اللاجئون ..المنفيون" في أوقات الأزمات والحروب من خلال نماذج عن أبطال روايات سعاد السنعوسي من الكويت، وسوزان الكنز من (فلسطينوالجزائر) وعمارة لخوص (الجزائر وإيطاليا)، ولقاء خاص بعنوان" في الجانب الآخر من المرآة.. كامو شخصية خيالية" وفيه يصير الروائي "ألبير كامو" شخصية روائية للكاتبين كمال داود وسليم باشي، ولقاء آخر عن أدب القارة.. إفريقيا.. الكراييب والجزر، أما ندوة "أن تكون عربيا وتعيش في القرن الواحد والعشرين" فهو عنوان مثير يجمع الكتاب واسيني لعرج من الجزائر وهدى بركات من لبنان وإنعام بيوض من الجزائر للغوص في مسار الهوية بكل تشعباته بصفتهم عربا. إصدارات جديدة.... ككل عام يحمل صالون الكتاب جديد عوالم النشر في الأدب والسياسة والرواية والمذكرات والعلوم وغيرها.. ويقترح الصالون على زائريه وزبائنه في هذا المجال مجموعة من الإصدارات الجزائرية الجديدة عن مختلف دور النشر منها الجزء الثاني من مذكرات الوزير الأسبق احمد طالب الإبراهيمي عن دار القصبة للنشر، هذه الدار التي قدمت هذا العام 30 إصدارا جديدا حسب مسؤولتها أمزيان أنيسة، منها أيضا كتاب كريم يونس الرئيس الأسبق للمجلس الشعبي الوطني "على أبواب المستقبل" ورواية الكاتب ياسمينة خضرا الأخيرة "الملائكة تموت بجراحنا" التي حطمت الرقم القياسي في المبيعات، كتاب علي هارون، وكتاب البرلمانية أسماء بن قادة " أفكار خارج المزاج"، كتاب غي بودوس "صنعت حلما". ومن بين الإصدارات الجديدة أيضا المقدمة في الصالون هذا العام كتاب "زهرة ظريف بيطاط ..مذكرات مجاهدة جزائرية" الصادر عن دار هومة، وكتاب جديد رئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة بعنوان " مدخل لدراسة الهيكلة الجديدة للعالم " الصادر عن الوكالة الوطنية للنشر والإشهار، رواية "نزهة الخاطر" لامين الزاوي، رواية "ثقوب زرقاء" للكاتب والصحفي الخير شوار، " كتاب " أخي عدوي" لجيلالي بن الشيخ، "حرب الجزائر وهولندا" لنياك باس الصادر عن منشورات البرزخ، رواية "أرصفة دافئة" لأحمد لكبيري، رواية " كتاب صلاح الدين" لطارق علي، رواية "الملاذ الأخير" لصالح بن العابد، رواية "عرس معشق" لربيعة جلطي، "الأدب الجزائري وملحمة الثورة" لبلقاسم بن عبد الله، رواية "القلاع المتآكلة" لمحمد صاري، رواية "وصية المعتوه" لإسماعيل يبرير، وغيرها من الإصدارات الجديدة التي اقتحمت أجنحة قصر المعارض. وقد صنع البيع بالتوقيع المنظم في مختلف أجنحة دور النشر الحدث هذا العام بشكل لافت عما سبقته من الطبعات، بالنظر لحجم الإصدارات الجديدة التي طبعت مع اقتراب موعد الصالون، وقد قدرت عدد عمليات البيع بالتوقيع بالعشرات بمعدل ثلاثة إلى أربعة كل يوم لمختلف الكتاب والفاعلين من سياسيين ورائيين وإعلاميين وغيرهم، وهي نقطة أخرى تحسب للناشرين وللقائمين على الصالون. وكالة النشر والإشهار جسر المبدعين الشباب.. مدت الوكالة الوطنية للنشر والإشهار التي تعتبر من بين مؤسسات النشر القوية في الجزائر جسرا حقيقيا هذا العام للمبدعين الشباب ليتمكنوا بفضل مساعدتها من تسجيل حضورا مميزا في الطبعة الثامنة عشر لصالون الكتاب، وقد حرصت مديرية النشر التابعة للوكالة على طبع وإخراج العديد من الأعمال الأدبية و الصحفية لمبدعين وصحفيين شباب قبل افتتاح الصالون بأسابيع، وساعدتهم بذلك على التسجيل في هذا الموعد الثقافي الهام في بلادنا. ومن بين الأعمال التي تكفلت الوكالة بنشرها هذا العام والتي دخلت الصالون نجد رواية "ندبة الهلالي" لعبد الرزاق بوكبة، رواية "في رواية أخرى" للكاتب والإعلامي محمد علاوة حاجي، "ورس باشا" رواية لهاجر قويدري، "مخاض" لخيرة بوتخيل، "كتاب الخطايا" سعيد خطيبي، "رجل بربطتي عنق" لنصر الدين حديد، "عندما يدبل الماء" لناصر سعد زيان، "ديناميت.. رسائل ما بعد العاصفة" ليوسف بعلوج، "وجهي الذي لا يراني" لرابح ظريف، "راجعون للحب" لعفاف فنوح، "أسفار الزمن البهي" لحميد عبد القادر، "تونس ..حالة ثورة" للإعلامي عثمان لحياني، "الحراك الإعلامي في تونس من خلال الصحافة الجزائرية" للإعلامية فتيحة زماموش، وغيرها من الإصدارات، وهو رقم معتبر وخطوة محسوبة للوكالة في دعمها لإبداع الشباب، خاصة وان ظروف النشر في بلادنا غير ميسرة للجميع، والى جانب هذا كانت الوكالة أيضا اكبر مشارك في الصالون من حيث الإصدارات الجدية بمجموع 40 إصدارا كان حاضرا على الرفوف. ياسمينة خضرا ..يصنع الحدث بدون منازع صنع الروائي محمد مولسهول المعروف باسم ياسمينة خضرا الحدث الأبرز في صالون الكتاب خلال البيع بالتوقيع لروايته الأخيرة "الملائكة تموت بجراحنا" على مدى يومين كاملين، التي شهدت إقبالا لا نظير له بشهادة القراء أنفسهم الذين لم يتمكن البعض منهم من الظفر بالرواية رغم وقوفهم لساعات في طابور التوقيع. وقالت السيدة أنيسة أمزيان مسوؤلة دار القصبة للنشر، وهي الدار التي طبعت رواية مولسهول أن اليوم الأول من التوقيعات عرف نفاذ كل مخزون النسخ التي جلبتها الدار للصالون، وفي اليوم الثاني بدأ الطابور قبل حوالي ساعة من الزمن عن توقيت البيع بالإهداء ولم يتمكن البعض ممن كانوا في الطابور رغم ذلك من الظفر بالرواية في آخر المطاف. وبهذا يكون الروائي ياسمينة خضرا بدون منازع أكثر الكتاب والروائيين الجزائريين بالعربية أو بالفرنسية قراءة وإقبالا خلال الصالون، ومن جميع شرائح المجتمع خاصة منهم الشباب، وقد تمكن خضرا من بيع المئات من النسخ في يوم واحد فقط وبالتوقيع. الفن التاسع.. حضور لأول مرة.. لأول مرة في صالون الجزائر الدولي للكتاب يخصص المنظمون جناحا بأكمله للشريط المرسوم الذي يعد قطاعا مهما في النشر والثقافة، حيث وبالتعاون بين الصالون وصالون الجزائر الدولي للشريط المرسوم تم تخصيص هذا العام جناح كامل لهذا النوع من النشر الذي يعتبر رافدا من روافد الثقافة وشكلا من أشكال التعبير الفني. وقد شهد هذا الجناح في الأيام الأولى للصالون إقبالا لا بأس به خاصة من طرف الموهوبين والأطفال الذين اكتشفوا شخصيات جزائرية كرتونية لأول مرة، رغم أن هذا الفن بدأ في الانتشار في بلادنا بعد الاستقلال مباشرة إلا انه غاب لعدة سنوات خاصة في التسعينيات وبدايات سنة 2000، لكن يبدو أن القائمين على صالون الجزائر الدولي للكتاب أرادوا من خلال تخصيص جناح خاص له أن يلفتوا أنظار الناشرين قبل القراء إلى أهمية الفن التاسع الذي يعرفا رواجا كبيرا في بلدان أخرى، والذي يعد وسيلة أساسية للتعبير والتثقيف أيضا. محمد عدنان تسونامي بشري في الصالون الدولي للكتاب في طبعته ال18 الثورات العربية تلقي بظلالها على المعرض والكتب الدينية والمدرسية تحافظ على مكانتها يأخذ الصالون الدولي للكتاب في طبعته ال18 بالجزائر طابع المناسبة الثقافية الوحيدة التي تسجل اقبالا قياسيا وصفه ناشرون بغير المعقول، و قال عنه جزائريون بأنه التظاهرة الوحيدة التي تجمع هذا العدد الخيالي من الأشخاص يوميا بإنزال بشري أحدث حالة طوارئ و جعل كل الأيام متشابهة، في حين ألقت عناوين الثورات العربية الصادرة عن مختلف دور النشر بظلالها على معرض يراهن على أن يحتل المرتبة الأولى من حيث عدد الزوار عالميا هذه السنة. فعلى ما يبدو، قد تمكن الصالون الدولي للكتاب الذي تحتضنه الجزائر منذ ال31 من الشهر الفارط و الذي سيستمر إلى غاية ال9 من الشهر الجاري من اسقاط العبارة القائلة بأن المجتمع الجزائري لم يعد يرغب في القراءة و في مصاحبة الكتاب، و هو ما يعكسه تسونامي بشري يزور الصالون يوميا و منذ أول يوم من افتتاحه، فعدد كبير من ممثلي دور النشر العربية و الأجنبية، أجمعوا على أن عدد الزوار يقدر بالآلاف يوميا، حيث سجل انزال وصفوه بالقياسي غير أنه و كما قالوا يليق بحجم التظاهرة المهمة و يعكس تطلع المجتمع الجزائري و حرصه على تخليد مكانة الكتاب و إن كانت قد توفرت بدائل أسهل. تنقلنا إلى المعرض الذي يحتضنه قصر المعارض الصنوبر البحري بباب الزوار بالجزائر العاصمة، فذهلنا للأعداد الهائلة من الأشخاص الذين يدخلون و يخرجون في شكل قوافل خلفت حالة من الاختناق حتى قبل بلوغ البوابة الرئيسية أين يصطف أعوان الأمن لمراقبة كل من يرغب في الدخول لضمان تأمين شامل لمكان لم يسجل حسب بعض المختصين مكان آخر هذا الإقبال عليه. بدا المكان من الخارج و كأن الجميع يحج إلى الحرم المكي، غير أن ما بالداخل كان أعظم، آلاف الزوار يتنقلون بين أجنحة المعرض الذي يتجاوز عددها ال900 جناح، رقم هائل قابله زحف أكبر لزوار الكثيرون منهم اقتنوا كتبا و بدؤوا في مطالعتها داخل المعرض أو في المساحات الخضراء المحيطة به التي تحولت إلى مكتبة مفتوحة. الثورات العربية تلقي بظلالها على الصالون لم يفتتح الصالون الدولي الثامن عشر للكتاب في الجزائر من دون حمل عدد كبير من دور النشر العربية و الأجنبية لكتب و مؤلفات جديدة تسلط الضوء على ما تعيشه الدول العربية و الساحة السياسية من ثورات و متغيرات قلبت الموازين و تحولت إلى مادة دسمة أسالت الكثير من الحبر لمؤلفين و كتاب أبوا إلا أن يؤرخوا لها عبر منشورات جديدة حضرت بقوة و كان الإقبال على اقتنائها كبيرا. و لعل من بين الإصدارات التي استوقفت عددا كبيرا من الزوار، هو كتاب الربيع العربي، آخر عمليات الشرق الأوسط الكبير الصادر عن دار القلم الجديد للنشر بدولة لبنان وكذا كتاب آخر حمل عنوان حوار الديموقراطية و الإسلام، مفاعيل الربيع العربي عن دار النشر الضفاف اللبنانية أيضا، حيث قال ممثل هذه الدار بأن الإقبال كان كبيرا على هذا النوع من الكتب، و هو ما تسبب في نفاذ بعض الإصدارات خلال اليومين الأولين. كما كان لما نزل به المركز العربي للأبحاث و دراسة السياسات من اصدارات جديدة حول ما تعيشه الدول العربية من متغيرات و التي عكف على ابرازها لاستمالة القراء صدى واسعا في المعرض أثر كبير، حيث باع نسخا كثيرة من هذه الكتب مقارنة بكتب أخرى عرضها للبيع، ككتاب 25 يناير، سياسات عربية، الانفجار العربي الكبير و ثورة تونس حسب ممثل عن المركز، و بأن القارئ الجزائري خاصة المهتمين بالسياسة تكون مثل هذه الكتب الأكثر أهمية بالنسبة إليه رغم تسجيل اقبال على الكتب الأكاديمية و كتب الدراسات التي يصدرها المركز باستمرار. كما حرصت دور النشر المصرية التي حضرت بقوة المعرض على ابراز عناوين لإصدارات سياسية تعكس واقع التغيرات التي يعيشها العالم العربي أيضا، و سجلت مبيعات وصفت بالقياسية التي لم تكن متوقعة حسب بعض من تحدثنا إليهم من ناشرين. الكتب الدينية تحافظ على مكانتها و الشبه مدرسية تخرج الصغار و الكبار يوم العطلة ما تزال الكتب الدينية تحافظ على مكانتها في المراتب الأولى من حيث المبيعات حسب ما أجمعت عليه بعض دور النشر من دول مختلفة، حيث سجل اقبال قياسي و بيعت نسخ كثيرة إلى درجة أن البعض منها قد نفذ خاصة تلك المتعلقة بمذهب الإباضية الصادرة عن وزارة التراث الثقافي لسلطنة عمان، و التي تعرف اقبالا خاصة من طلبة ولاية غرداية، حيث أشارت ممثلة عن الوزارة إلى بعض العناوين مثلا في رحاب القرآن، كشف الأسرار المخفية في عالم الأجرام السماوية و الرقوم الحرفية و مختصر كتاب العين. و من غير الممكن أن يستثنى الصغار من هذا الصالون، حيث خصصت أجنحة كثيرة لصالحهم و كانت الكتب الشبه مدرسية في الصدارة مع القصص و كل ما يتعلق بتعليم الأطفال، و هي الاصدارات التي حرص الناشرون على ابرازها من أجل استمالة الأولياء و الأطفال معا الذين حجوا بأعداد هائلة في عطلة نهاية الأسبوع، و كانوا يملؤون الأجنحة و يتسابقون من أجل الحصول على بعض العناوين المحددة التي تفنن الناشرون في عرضها كدار أسامة الجزائرية مثلا و كيدز لاند المصرية. كتب القانون أيضا ما تزال و حسب ما كشفت عنه جولتنا من بين الكتب الأكبر مبيعا حسب قراءات لممثلي دور نشر الذين قالوا بأنها في تزايد مستمر. ديوان المطبوعات الجامعية يسجل الاستثناء فعلى الرغم من أن كل الأجنحة بالمعرض قد شهدت اقبالا كبيرا، إلا أن الاستثناء قد سجل على مستوى جناح ديوان المطبوعات الجامعية، الذي بدى ولوجه أمرا مستحيلا في بعض الأوقات، بسبب كثرة من يتفقد عناوينه و من يقف أمام البائعين لدفع قيمة ما اقتنوه من كتب. عشرات إن لم نقل المئات و طوال الفترة التي كنا فيها بالمعرض دخلوا هذا الجناح، أغلبهم كانوا في أعمار متقاربة و أكد كل من تحدثنا إليهم بأنهم طلبة جامعيين، البعض يدرس بالجزائر العاصمة، و البعض الآخر قدم من ولايات أخرى خصيصا من أجل المعرض لعدم تفويت فرصة الحصول على عناوين محددة لطالما عجزوا عن الوصول إليها عبر مختلف المكتبات، و يضيف المعنيون بأن الجامعة تفرض أنواع محددة من الكتب و كذا تخصصاتهم، و هذا ما لا يمكن إيجاده إلا في هذا الجناح بحسب تعبيرهم. سفر، ميزانيات خاصة و اقتراض لأجل الكتاب سجلت الجزائر مع الصالون الدولي للكتاب فوزا ثمينا، فقد عكس الإقبال عليه كل ذلك و بين مكانة الكتاب لديهم و إن كان من الصعب الوصول إليه، فإن ذلك لم يكن مستحيلا بالنسبة للكثيرين. بعض زوار المعرض ممن تحدثنا إليهم قالوا بأنهم قدموا من ولايات مختلفة خصيصا لأجل المعرض و شراء ما يحتاجون إليه من كتب من موردها الأصلي و بأثمان تبقى معقولة مقارنة بما تلصق من أرقام على واجهات الكتب بالمكتبات الخارجية، و البعض الآخر قال بأنه يعمل منذ فترة من أجل توفير ما تمكن من المال لأجل المعرض، فالآنسة سعاد التي قدمت من ولاية الشلف مثلا قالت بأنها وفرت مبلغ 2 مليون سنتيم من أجل المعرض و بأنها ستعود إلى ولايتها في اليوم ذاته و كل هذا لأجل الكتاب، و تضيف بأن البعض من رفيقاتها قد اقترضن المال الكافي لعدم تفويت الفرصة. أجنحة بهندسة فنية تمزج بين الحضارات ربما من بين الأشياء التي لفتت انتباهنا بشكل كبير فور دخولنا إلى معرض الجزائر للكتاب، هو تلك الأجنحة التي اختلفت في هندستها، و صنع عدد كبيرا منها التميز بهندسات رائعة تجذب الزائر إلى النظر إليها و حتى التقاط صور أمامها مثلما فعل الكثير من الزوار، فدار القصبة الجزائرية مثلا وضعت جناحا بهندسة بيوت القصبة القديمة و حافظت من خلاله على كل التفاصيل التي ترسلك إلى تلك النقطة من أرض الجزائر و إلى الزمن الجميل. و دور أخرى كدار اصدارات بغدادي العراقية التي وضعت بناء يجعلك تنتقل بخيالك إلى عهد السلاطين و عالم الحكايا، مع الحرص على انتقاء ألوان مثيرة، فيما فضلت دور أخرى إيلاء الأهمية الأكبر للبوابات، و أخرى لرفوف و طاولات العرض، و هو ما حرصت عليه الجهة المنظمة للصالون بالنظر إلى هندسة الأمكنة المخصصة للملتقيات. و مع الطبعة ال18 للصالون الدولي للكتاب بالجزائر، فإن ما ألفناه من تهافت على المعارض التجارية و الأسواق اليومية و تسجيل تزايد لمحلات الفاست فود على حساب المكتبات التي تقلص عددها بشكل كبير في السنوات الأخيرة قد ولى، و لم يتمكن كل هذا من القضاء بشكل تام على حب المطالعة و اللهث خلف العلم لدى شريحة واسعة من الجزائريين بمختلف الفئات و الشرائح و لم يقتصر الحضور على المثقف و الطالب فقط.