تشكل الذكرى ال25 لإعلان قيام دولة فلسطينبالجزائر، محطة هامة للتذكير بالمواقف الداعمة للجزائر لهذه القضية، التي تُعد من أعقد قضايا الأمة، بسبب الدعم الذي مازال يلقاه الكيان الصهيوني من الغرب، وفي الوقت الذي عرفت المواقف العربية تجاه هذه القضية بعض الفتور؛ بسبب الظروف الداخلية والإقليمية التي تمر بها المنطقة ككل. ويمكن القول إن الموقف المبدئي للجزائر من القضية الفلسطينية لم يتغير رغم التحولات التي عرفتها القضية، والتي ارتبطت بالخصوص باحترام سيادة القيادة الفلسطينية، بل إن المتتبع للمواقف الثابتة للجزائر تجاه فلسطين يجزم بأنها تصنع الاستثناء في الوقت الذي لم تتأخر الجزائر يوما في تقديم الدعم اللازم للفلسطينيين في الأوقات الصعبة. ومازال الجميع يتذكرون الدور الفاعل للجزائر في كافة الأمور التي تتعلق بالإنجازات التي حققها الشعب الفلسطيني على الساحة الدولية، أبرزها الدور التاريخي الذي لعبته في دخول الرئيس الشهيد ياسر عرفات للجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1974، حيث كان يرأس الجمعية الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عندما كان وزيرا للخارجية. وإن صور دعم الجزائر كانت ماديا ومعنويا وسياسيا في كافة الحقب والمراحل التي مرت بها الثورة الفلسطينية منذ الانتفاضات الأولى في الثلاثينيات، مرورا بحرب 1948 ووصولا إلى مراحل إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية، كما أنها كانت من بين أولى الدول التي فتحت مكتبا للثورة الفلسطينية بعد الاستقلال مباشرة. وإذ نستحضر الذكرى ال25 لإعلان قيام دولة فلسطين على أرض الجزائر الذي يُعد إنجازا تاريخيا لهذه القضية، فإنه لا بد من التأكيد بأنه يشكل محطة أساسية في الحياة النضالية للشعب الفلسطيني، ومن ثم الحصول على الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية كدولة محتلة وعاصمتها القدس. فقد مكّن إعلان الجزائر من تحقيق إنجازات عديدة لصالح الشعب الفلسطيني، آخرها حصول فلسطين على اعتراف دولي كدولة غير عضو في الأممالمتحدة رغم محاولات إلغاء وجودها في هذا المحفل الدولي الهام. وكانت الجزائر من أولى الدول المباركة لهذا الإنجاز الذي وصفته بالفتح التاريخي؛ كونه يأتي بعد 65 سنة من خطة تقسيم فلسطين وبعد 24 سنة من الإعلان الرسمي للمجلس الوطني الفلسطينيبالجزائر عن قيام دولة فلسطين. ولطالما جددت الجزائر دعمها الثابت وغير المشروط لقضية الشعب الفلسطيني، مناشدة في كل مرة الطبقة السياسية الفلسطينية، العمل بإخلاص وبإصرار من أجل المصالحة وتوحيد الصفوف لتغليب الطموحات التاريخية، والحق المشروع للشعب الفلسطيني الباسل في تقرير مصيره والاستقلال. ويشهد العديد من المسؤولين الفلسطينيين على الدور الكبير الذي قامت به الجزائر لدعم القضية الفلسطينية منذ بداياتها، وفق مقولة الرئيس الأسبق الراحل هواري بومدين: "نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة"، حيث أشار السفير الفلسطينيبالجزائر السيد حسين عبد الخالق في أحد تصريحاته، إلى أن الجزائر كانت ومازالت مهد الثورة الفلسطينية منذ قيامها إلى اليوم، وأن بلادنا احتضنت القضية الفلسطينية العادلة، في حين كانت هي تحت وطأة الاستعمار الفرنسي؛ وهذا ما يعكس مدى قوة العلاقات بين البلدين. بل أكثر من ذلك، يعترف الجميع بأن الثورة الجزائرية كانت بمثابة وقود لنظيرتها الفلسطينية؛ لأن الشعب الجزائري كان نموذجا يُقتدى به في طريقة دحره للمستعمر الفرنسي، وبالتالي تمكن من تجسيد تطلعاته في التحرر بداية من الفاتح نوفمبر 1954. كما يُشهد للجزائر دورها الكبير في تبنّي القضية الفلسطينية سواء على المستوى السياسي أو الإنساني حتى في أحلك الظروف التي مرت بها جراء العشرية السوداء، ويكفي أنها كانت قد احتضنت إعلان الدولة الفلسطينية على أراضيها إلى جانب استيفائها لكافة الالتزامات المالية لدعم صندوق فلسطين على مستوى الجامعة العربية. ونذكر في هذا الصدد تقديم الجزائر مبلغ 26 مليون دولار للسلطة الفلسطينية ضمن شبكة الأمان العربية التي أقرتها الجامعة العربية، بعد أن أوقفت قوات الاحتلال الصهيوني دفع الضرائب الفلسطينية المستحقة للسلطة الفلسطينية، وذلك في إطار الضغوطات والتهديدات التي مارسها الكيان الصهيوني، بعد حصول فلسطين على صفة دولة غير عضو مراقبة في الأممالمتحدة. ومازال الجانب الفلسطيني يراهن على دور الجزائر في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني؛ بالنظر إلى مواقفها السيدة في الدفاع عن قضايا التحرر، ويتجلى ذلك في تهنئة رئيس مؤسسة القدس الدولية ياسين حمود بلادنا بعد انتخابها في مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة، مؤكدا أن ذلك يُعد فرصة للدفاع أكثر على حقوق الشعب الفلسطيني، ومحاصرة الكيان الغاصب والصهيوني الذي يقتل وينتهك حقوق الإنسان.