سارعت الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الأوروبي مباشرة بعد التوقيع على اتفاق جنيف حول الملف النووي الإيراني إلى الاتصال بحكومة الاحتلال لطمأنتها والتأكيد لها أن مكانتها في حساباتهم هي نفسها ولن تتغير وأنها ستبقى مدللتهم الى الأبد. ولم يتوان الرئيس الأمريكي، باراك اوباما، للحظات بعد هذا التوقيع في الاتصال بالوزير الأول الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، لتهدئة أعصابه عارضا عليه إجراء مشاورات حول هذه القضية. وراح اوباما على طريقة الرؤساء الأمريكيين السابقين إلى التعهد للوزير الأول الإسرائيلي أنه لن يسمح أبدا لإيران بامتلاك السلاح النووي. وأضاف أن مجموعة الستة لن تسمح خلال الجولة القادمة من المفاوضات لإيران بتهديد الأمن الإقليمي في إشارة إلى منعها من امتلاك القنبلة الذرية. وجاء اتصال الرئيس الامريكي بعد أن وصف نتانياهو الاتفاق ب«الخطأ التاريخي" بدلا من تسمية "الاتفاق التاريخي" الذي نعت به من طرف الدول المشاركة في مفاوضات جنيف. والمفارقة أن إسرائيل أرادت أن توهم الرأي العام الدولي أنها ستكون أول ضحية لهذا الاتفاق مع أنها تحتفظ بأكبر ترسانة نووية في المنطقة ولا أحد تجرأ على محاسبتها أو الضغط عليها من أجل إخضاع مفاعلاتها لعمليات التفتيش الدولية. والأكثر فظاعة من ذلك أن إسرائيل تزعم أنها ليست قوة نووية وأنها لا تمتلك ما يهدد الأمن الإقليمي إلى درجة أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم تتمكن من وضعها في قائمة دول النادي النووي المتعارف عليها. ولكن عندما نعرف قوة اللوبي اليهودي في مختلف دوائر صناعة القرار الامريكي ندرك الدوافع التي جعلت الرئيس الامريكي يتحرك بمثل هذه السرعة. كما أن حدة اللهجة التي استعملها نتانياهو لها مبرراتها أيضا وهو يدرك انه قادر على إفشال الاتفاق من أساسه وخاصة بعد أن تحرك هذا للوبي عبر نواب في الكونغرس يعدون من أكبر المدافعين عن مصالح إسرائيل في الولاياتالمتحدة والذين تحركوا من اجل المصادقة على عقوبات اقتصادية إضافية على إيران. بما يعني بطريقة غير مباشرة انهيار الاتفاق الذي نص صراحة على إلغاء تدريجي للعقوبات المفروضة على هذا البلد مقابل التزامه بتخصيب اليورانيوم وفق معايير ونسب متفق عليها. وتكون إسرائيل قد حركت اللوبي المؤيد لها لإجهاض هذا الاتفاق بدلا من تهديداتها بضرب المفاعلات النووية الإيرانية وحتى لا تبدو في نظر الرأي العام الدولي بأنها قوة تعمل إلى عكس رغبة المجموعة الدولية.