عاشت عاصمة جنوب السودان جوبا ليلة مضطربة سادها شك كبير حول مصير الرئيس سيلفا كير، بعد أن اندلعت معارك ضارية وبشكل مفاجئ في محيط القصر الرئاسي، اعتقد خلالها السكان أن انقلابا يحاك ضده. وهو ما أكده هذا الأخير صباح أمس وقال إنه أحبط محاولة انقلابية استهدفت نظامه، محملا نائبه السابق ومنافسه ريك ماشار مسؤولية ذلك. وأكد أنها محاولة "باءت بالفشل، وإننا أحكمنا سيطرتنا على الوضع"، دون أن يمنعه ذلك من الإعلان عن فرض حظر للتجوال في العاصمة جوبا لفترة غير محددة. وقال كير في ندوة صحفية عقدها وهو يرتدي على غير عادته بدلة عسكرية للقوات الخاصة، إن قوات بلاده بصدد ملاحقة المنفّذين الذين فروا مباشرة بعد فشل محاولتهم. واتهم الرئيس كير مجموعة من الجنود الموالين لنائب الرئيس ريك ماشار، الذي أقيل شهر جويلية الماضي من منصبه بالتورط في هذه العملية، وقال: "إننا بصدد القيام بحملة اعتقالات للاقتصاص من المنفّذين". وأكدت مصادر في جنوب السودان أن نائب الرئيس السابق فقد كل أثر له منذ صباح أمس، ولا أقرب المقربين منه استطاع ربط أي اتصال به لمعرفة حقيقة الاتهامات التي كالها الرئيس كير تجاهه.وشهدت العاصمة جوبا وضواحيها إنزالا عسكريا كبيرا، تم عبره نشر تعزيزات ونصب حواجز أمنية على مستوى المحاور الكبرى لمراقبة الوضع ومنع أي انزلاق جديد للوضع. وحسب مصادر عسكرية جنوب سودانية، فإن المواجهات اندلعت فجأة في ساعة متأخرة من ليلة الأحد إلى الإثنين، استخدمت فيها الأسلحة الرشاشة وقذائف مدفعية الهاون، استهدفت بصفة خاصة مواقع وثكنات عسكرية، وهو ما زرع موجة خوف في أوساط سكان العاصمة، الذين فروا في كل الاتجاهات وخاصة باتجاه مركز الأممالمتحدة المحاذي لمطار العاصمة، الذي أُغلق في وجه الملاحة الجوية الى إشعار آخر.وكشف الرئيس سيلفا كير أن المعارك اندلعت بعد هجوم واسع استهدف مقر القيادة العامة لجيش تحرير جنوب السودان السابق، الذي تحول إلى الجيش الوطني لهذا البلد منذ شهر جويلية 2011. وشدد الرئيس الجنوب سوداني التأكيد على أنه لن يتسامح مع نائبه السابق ومع كل محاولة لزعزعة الاستقرار في البلاد وتفادي تكرار الأحداث التي شهدتها سنة 1991؛ في إشارة إلى الانقسام الذي عرفه جيش تحرير جنوب السودان وانفصال ماشار بتشكيله لجيش مواز انضم فيه إلى جيش دولة شمال السودان. وتعيش دولة جنوب السودان أزمة سياسية منذ أن عبّر ماشار عن نيته الترشح للانتخابات الرئاسية لعام 2015؛ مما عزّز المخاوف من اندلاع المواجهات بين إثنية دينكا التي ينتمي إليها الرئيس سيلفا كير وإثنية النوير التي ينتمي إليها نائبه السابق.