نظّم الهلال الأحمر الجزائري بالتنسيق مع الوكالة الوطنية للدم وبلدية الجزائر الوسطى، حملة تبرّع أمس بساحة البريد المركزي وبشارع بن مهيدي، تدوم ثلاثة أيام، تهدف إلى ترسيخ ثقافة التبرع بالدم عند المواطنين بعيدا عن الأيام الوطنية والدولية، كما تؤكد الدكتورة مريم يحياوي من الوكالة الوطنية للدم. للحملة شعار ”مد لخوك الدم.. نحّي عليه الهم”؛ في إشارة إلى أن تبرع مواطن بدمه كفيل بإنقاذ حياة أحدهم، فإذا كان الدواء سلعة يمكن أن تُصنع وتباع وتُشترى وتتوفر لها البدائل، فالدم سائل الحياة النادر، لم يتوصل الطب الحديث لإيجاد بدائل له؛ حيث لا تُصنّعه إلا أجسام البشر، لذلك عندما يحدث نقص في هذا السائل الحيوي، فإن التبرع هو الحل الوحيد والأمثل لإنقاذ أرواح المرضى. وقامت فرقتان بجمع التبرعات، تتشكلان من أطباء من مستشفى زميرلي وآخريْن من مستشفى الدويرة، تحت إشراف الوكالة الوطنية للدم والهلال الأحمر الجزائري. وتتأسف الدكتورة مريم يحياوي من الوكالة الوطنية للدم، لكون ثقافة التبرع الدائم بالدم تكاد تكون غائبة عند نسبة كبيرة من أفراد المجتمع، فهذه الثقافة لا تظهر إلا في الأزمات؛ كون الدم سائلا حيويا ونادرا، يحتاج إلى تبرع ثابت حتى يتوفر رصيد دائم منه. وترى أيضا أن البرنامج الذي تسير عليه الوكالة منذ سنوات قليلة، يقضي بأن ”نذهب نحن إلى المتبرع ولا ننتظره حتى يتقدم طواعية، وعليه قمنا بعدة خرجات إلى مؤسسات وشركات تعدّ مئات الموظفين لجمع تبرعات، كما أننا نعمل، بالمقابل، على تنظيم عدة حملات للجمهور العريض مثل هذه الحملة، بهدف الخروج بالتبرع بالدم من المناسباتية، لنجعله ثقافة راسخة لدى المواطنين”، تشرح الدكتورة، متوقعة أن تجمع كل فرقة على الأقل 60 كيسا في اليوم. من جهته، يقول عزيز صاولي نائب رئيس اللجنة المحلية للهلال الأحمر الجزائري لبلدية الجزائر الوسطى، إن ”الحملة تدخل ضمن الرزنامة السنوية للهلال الأحمر، الذي ينظم حملة لجمع التبرعات بالدم كل 3 أشهر. وقد سبق أن نظّمنا حملات مشابهة، وسجلنا إقبالا كبيرا للمواطنين، فالشعب الجزائري عطوف ويستجيب للنداءات، خاصة في حالة حدوث كوارث، ولكنه بحاجة إلى زيادة وعي بضرورة التبرع المنتظم كل ثلاثة أشهر؛ سواء للاطمئنان على صحته أو لإنقاذ حياة العديد من المرضى”. ويضيف المتحدث أن الهلال الأحمر يعمل حاليا مع الوكالة الوطنية للدم، لتنظيم حملة وطنية لجمع الدم، دون إعطاء توضيحات أخرى حول هذا البرنامج، الذي تشير الدكتورة يحياوي من جهتها، إلى أنه يخضع حاليا للمناقشة لتحديد معالمه والفئات المستهدَفة منه.وتحدثت ”المساء” إلى السيد كمال صغيّر مخبري بمستشفى الدويرة، كان بصدد جمع تبرع مواطنة بدمها، قال إنه يعمل بهذا المجال منذ 1985، وهو يؤكد أن أمر التبرع بالدم في مجتمعنا قد عرف تطورات كثيرة، ”فالمواطن كان في السابق يخاف التقدم التلقائي ليتبرع بدمه إلا في مناسبات معينة، ومنها الحاجة للدم ضمن عائلته، ولكنه اليوم يسجل حضورا قويا لهذا العمل الإنساني، خاصة في الموسم الشتوي وفي رمضان، وتقل النسبة كثيرا في الموسم الصيفي”. كما كشف المخبري ضمن ملاحظاته، أنه يسجل إقبالا ملحوظا من طرف مواطنين يتقدمون لأول مرة للتبرع بدمهم، يقول: ”لاحظت شخصيا أن المواطنين لا يتقدمون لمصالح جمع الدم بالمستشفيات، ولكنهم بالمقابل، يقدمون على ذلك بشاحنات جمع الدم المتنقلة، ولهذا فإننا أصبحنا منذ سنوات نقوم بعدة خرجات في بلديات ولاية الجزائر، وهذا ما يجعلني أؤكد بأن نسبة كبيرة من التبرعات التي نجمعها، تأتينا من مواطنين يتبرعون لأول مرة في حياتهم، ثم ينتظمون على ذلك بعدها”. هذا ما تؤكده شابة وجدناها بصدد التبرع بدمها، إذ تقول إنه صادف تواجدها بساحة البريد المركزي صبيحة السبت، تنظيم حملة للتبرع بالدم، فكان أن تقدمت طواعية للكشف الطبي، الذي أكد أمر قابليتها للتبرع، وبالفعل تبرعت، رغم تخوّفها من العملية، بعد أن تلقت تطمينات من طرف القائمين على العملية، التي لم تدم سوى بضعة دقائق. ويضيف المخبري كمال أنه يُجرى على أكياس الدم المتبرَّع به، عدة اختبارات لتضمن وصوله بشكل آمن إلى المريض، ومنها اختبارات للفيروسات مثل الفيروس الكبدي من نوع ”بي” و«سي”، وأيضا فيروس الإيدز والسيفيليس مع تحديد فصيلة الدم. ويكشف المتحدث أنه ”خلال التحليلات بمخبر مستشفى الدويرة، يتم الكشف عن العديد من حالات الالتهابات الكبدية، وبصفة أقل إصابات بفيروس الإيدز وفيروس السيفيليس، ويتم مباشرة الاتصال بأصحاب التبرعات الحاملة للإصابات وإعلامهم لتلقّي العلاجات اللازمة”.