بدأ الشك يدب في علاقة باريس والسلطات الانتقالية في جمهورية إفريقيا الوسطى، وقد يتطور إلى قطيعة نهائية على خلفية تجاوزات يكون الجنود الفرنسيون قد ارتكبوها ضد السكان في العاصمة بانغي.وشكل مقتل ثلاثة من عناصر متمردي حركة ”سليكا” المتمردة بهذه المدينة ”ببرودة دم”، أمس، من طرف جنود فرنسيين القطرة الزائدة في كأس علاقة حكمها الانزلاق العسكري الذي عرفه هذا البلد منذ إسقاط نظام الرئيس فرانسوا بوزيزي شهر مارس الماضي. وأكدت رئاسة جمهورية إفريقيا الوسطى أن الثلاثة أعضاء في الحرس الرئاسي ”قد تمت تصفيتهم ببرودة دم من طرف عناصر قوة ”صانغاريس” الاسم الذي أعطي لعملية التدخل الفرنسي في هذا البلد الإفريقي المتوتر. وقال غي سنابليس كوديغي، الناطق باسم رئاسة جمهورية إفريقيا الوسطى، إن الأمر لا يتعلق بعملية نزع أسلحة ولم يكن هناك إطلاق نار على عكس ما تداولته بعض الصحف الفرنسية. وذهب كوديغي إلى أبعد من ذلك عندما أكد أن الثلاثة قتلوا رغم أنهم أظهروا أوامر بالمهمة وشاراتهم الخاصة على أنهم من عناصر الحرس الرئاسي وختم بالقول إنه عمل مقصود وغير مقبول. وكانت قيادة الأركان الفرنسية أكدت أن وحدة من قواتها أطلقت النار ضد ستة أشخاص اشتبه بأنهم من عناصر حركة التمرد السابقة ”سليكا” بعد أن كانوا يهمون بإطلاق النار ضد الجنود الفرنسيين. ولم يكن لمثل هذه العملية أن تمر دون إثارة حفيظة وسخط السكان المسلمين الذين تتشكل منهم حركة ”سليكا” والذين خرجوا في مظاهرات احتجاجية ضد عملية اعتبروها بمثابة تصفية حسابات ضدهم. ووقع مثل هذا الشرخ وانعدام الثقة بين سكان العاصمة بانغي والقوات الفرنسية، عشية إقدام قوة تشادية عاملة ضمن القوة الإفريقية في جمهورية إفريقيا الوسطى على فتح النار على متظاهرين مسيحيين خلفت في حصيلة أولية مقتل شخص واحد وأكثر من خمسين جريحا. وعمقت هذه العمليات من درجة العداء بين السكان المسلمين والمسيحيين الذين خرجوا هم كذلك في مظاهرات صاخبة، أمس، للمطالبة برحيل الرئيس ميشال جتوديا المنتمي إلى الأقلية المسلمة وبرحيل القوات التشادية من العاصمة بانغي.وتوترت العلاقة بين السكان المسيحيين والقوات التشادية بعد أن اتهموها بالتواطؤ مع متمردي حركة سليكا التي ينحدر عناصرها من السكان المسلمين. ولم تتوقف درجة العداء عند هذا الحد وتعدته إلى التشاديين المقيمين في جمهورية إفريقيا الوسطى الذين أصبحوا هدفا للمليشيات المسيحية المسلحة المعروفة باسم ”أنتي بالاكا” أو المعادين لحركة ”سليكا” المسلمة التي يتهمونها أيضا باقتراف جرائم في حق السكان منذ استيلائها على السلطة في بانغي الربيع الماضي. وفي موقف مشابه، رد السكان المسلمون التهمة باتجاه القوات الفرنسية التي تدخلت في هذا البلد بانحيازها إلى جانب السكان المسحيين واعتبروا تجريد عناصر حركة ”سليكا” من أسلحتهم يضعهم تحت رحمة المليشيات المسيحية التي مازالت تنشط بكل حرية في العاصمة بانغي رغم أن عملية ”صانغاريس” مهمتها الرئيسية تجريد كل المليشيات من أسلحتهم مهما كانت ديانة عناصرها. وهي كلها عوامل قد تدفع بالوضع إلى متاهة حرب أهلية بين المسلمين والمسيحيين الذين يشكلون مجتمع إفريقيا الوسطى. وهو الخطر الذي سبق ان حذرت منه منظمة العفو الدولية ”امنيستي” بعد أن أكدت مقتل قرابة ألف شخص من الطائفتين منذ بداية الشهر الجاري في العاصمة بانغي ومدن أخرى. وهو الواقع الذي جعل اباكا صابون، مستشار الرئيس ميشال جتوديا والقائد السابق لحركة ”سليكا”، يهدد بتقسيم البلاد الى جزأين في حال فشل الحوار بين المسلمين والمسيحيين.