قدم وزير النقل أهم النتائج والتوصيات التي خلصت إليها الجلسات الوطنية الكبرى للنقل المنعقدة بداية شهر ديسمبر الماضي، والتي تمت بلورتها في شكل برنامج عمل سيرفع الأسبوع القادم إلى الوزير الأول للمصادقة عليه بعد إثرائه ووضع آخر اللمسات عليه من قبل مختلف المديريات والخروج بإستراتيجية متكاملة للنهوض بقطاع النقل وترقيته. وحسب السيد عمار غول فإن الإستراتيجية الجديدة لقطاع النقل ترتكز على ثلاث مراحل أساسية تعنى إحداها بالمشاكل المستعجلة لمعالجة الواقع الحالي للقطاع بكل مسؤولية وتصحيح الاختلالات وتثمين المنجزات. وخلال لقاء وطني نظم أمس بفندق الأوراسي وخصص لعرض نتائج وتوصيات الجلسات الوطنية الكبرى للنقل المنعقدة يومي 3 و4 ديسمبر الماضي، أكد وزير النقل السيد عمار غول أنه بعد مرور قرابة الشهرين عن انعقاد الجلسات الأولى من نوعها في تاريخ القطاع منذ الاستقلال، قد آن الأوان للوقوف على أبرز التوصيات التي خرج بها الخبراء والمختصون الذين توزعوا على 25 ورشة متخصصة عالجت خلاليومين كاملين أهم الإشكاليات والانشغالات التي يعرفها القطاع وتطرقت إلى أهم المقترحات التي من شأنها إصلاح الاختلالات والممكن تطبيقها عبر ثلاث مراحل أساسية، عاجلة ومتوسطة المدى وبعيدة المدى. ومن أبرز التوصيات التي ألح عليها الوزير تلك المتعلقة بالنقل البري عبر السكة الحديدية الذي أصبح أولوية لا يمكن الهروب منها، بعد أن أصبح النقل عبر الطرقات يشكل النقطة السوداء وإحدى النقاط الاستعجالية الواجب إصلاحها، مشددا على ضرورة التركيز على النقل بالسكك الحديدية وتدعيمه سواء بالنسبة للمسافرين أو البضائع، خاصة إذا علمنا أن 97 بالمائة من البضائع تمر عبر الطرقات وهو ما أحدث اكتظاظا كبيرا واختناقا عبر شبكة الطرقات التي تستدعي التخفيف من خلال تبني وسائل نقل تكون أكثر عملية ومرونة. النقل الجماعي هو الآخر يعرف فوضى كبيرة خاصة مع ارتفاع الحظيرة الوطنية للسيارات إلى 8 ملايين مركبة، ومن المتوقع أن تصل إلى 20 مليون في آفاق 2025، وهو ما لا تتحمله شبكة الطرقات الحالية والتي تعرف تشبعا وضغطا كبيرين انعكسا سلبيا على يوميات المواطن، وقد تقرر رفع توصيات تتعلق بتشجيع النقل الجماعي وتغليبه على النقل الفردي الذي يشكل نسبة 90 بالمائة وذلك باستحداث تذاكر تكاملية موحدة بأسعار اقتصادية تستغل عبر المترو، الترامواي السكك الحديدية والنقل الحضري، كما سيتم إعادة الاعتبار للنقل الجوي والبحري من خلال مراجعة أسعار التذاكر التي ستكون اقتصادية وفي متناول المواطن داخل الوطن وخارجه. إشكالية حوادث المرور وما تخلفه من مآسي يجب أن تعالج -يضيف الوزير- من خلال ابتداء من الإنسان باعتباره المسؤول عن 95 بالمائة من الحوادث، وستكون البداية بالمرشحين لرخص السياقة تليهم مدارس السياقة وبرنامج التكوين. أما تراخيص استغلال خطوط النقل فقد أكد الوزير أنه قد تم تجميد منحها إلى غاية ضبط مخطط مروري يدرس ويعالج الاختلالات في توزيعها بين تلك التي تعرف تشبعا والفقيرة منها والتي تتطلب تدعيما عاجلا. ومباشرة بعد رفع التقرير النهائي المتضمن التوصيات الخاصة بترقية قطاع النقل إلى الوزير الأول، سيتم البدء في الإجراءات الاستعجالية وذلك من خلال مراجعة وتبني نصوص تنظيمية تتضمن مراسيم وأوامر وكذا تعليمات من شأنها ترقية فروع حيوية بالقطاع على غرار النقل البحري ما بين الولايات من خلال تشجيع الاستثمار الخاص أو الشراكة الوطنية والأجنبية في هذا المجال، بالإضافة إلى الترخيص لتدعيم الأسطول البحري باقتناء 27 باخرة باخرتان منها لنقل المسافرين. كما تضمنت التوصيات نقاطا تتعلق بصيانة الحظيرة الوطنية للسيارات خاصة تلك المتعلقة بالنقل الجماعي للمسافرين من خلال تحفيزات من شأنها حمل أصحاب المركبات على اقتناء وسائل عمل جديدة، وبخصوص رخصة السياقة أشار الوزير إلى ضرورة إعادة دراسة مضمونها وهو ما تتكفل به لجنة مختصة اجتمعت الأسبوع الماضي ووضعت نموذجا لرخصة سياقة وفق معايير تأمينية مضمونة دوليا، وسيتم البدء في طبع أولى النماذج والنُسخ شهر مارس المقبل. للإشارة حضر اللقاء الوطني حول نتائج وتوصيات جلسات النقل، السيد محمد الغازي، الوزير المكلف بإصلاح الخدمة العمومية، والذي أكد في مداخلته أن النقل هو الخدمة الأساسية التي تستجيب لانشغالات المواطن ملحا على ضرورة العمل على أن يوفر القطاع خدمات ترقى إلى مستوى القطاع الذي يحظى بأهمية بالغة، وأشار المتحدث إلى ضرورة متابعة تطبيق التوصيات التي ستعمل على تجسيد الخدمة العمومية خاصة من قبل عربات النقل الجماعي، مذكرا بالنقاط السبع التي اتفقت عليها هيئته مع وزارة النقل من أجل ترقية الخدمة العمومية. من جهته أكد الأمين العام للمركزية النقابية السيد عبد المجيد سيدي السعيد أن الجميع مسؤولون، عن راحة المواطن وتوفير خدمة عمومية في قطاع النقل حتى يتسنى له الشعور بالراحة وتثمين ما تم إنجازه في قطاع النقل، مضيفا أن الاعتناء بالعامل والتخفيف من الضغوطات اليومية التي يلاقيها خاصة تلك المتعلقة بالنقل ستمكنه من ضمان خدمة عمومية مثالية لباقي المواطنين.