المخرج ولد قاسي أحسن رجل مسرح وثقافة، خاض لسنوات ميدان الفن الرابع وصنع مكانة له على الخشبة خلال سنوات السبعينات، حيث حقق نجاحا، ليقرر اعتزاله سنوات 2000 و2001 لأسباب خاصة، لكن الموهبة كانت تسير كالدم في عروقه ليدفعه الشغف وحب عالم التمثيل إلى إخراج قدراته وموهبته، لكن بطريقة أخرى عبر اقتحام الفن السابع من بابه الواسع، لينتج سلسلة موضوعاتية يتطرق فيها إلى عدة مواضيع في عملية مقارنة بين الأمس واليوم، كل حلقة تجسد موضوعا معينا، ولمعرفة أكثر عن عمله الجديد الذي جاء ليعزز رصيد السينما الأمازيغية، التقت به “المساء” ونقلت لكم هذا الحوار. الكل يعرفك رجل مسرح وثقافة، كيف تفسر الانتقال إلى عالم السينما؟ الممثل يحب التجديد والتغيير، والثقافة والفن مجالان غنيان وثريان، من دخلهما يسعى دائما إلى تذوق كل ما بداخلهما، من جانب إثراء رصيد ومشوار الممثل بكسبه خبرة في مجلات مختلفة، خدمة للثقافة وعالم الفن.. عشت فترة جميلة على الخشبة وأردت الآن خوض غمار السينما الذي كان يسكن قلبي وعقلي معا لأقرر إخراجه عبر هذا العمل الذي هو عبارة عن سلسلة موضوعاتية تتناول مواضيع مختلفة وحساسة نعيشها بشكل يومي في المجتمع.
لماذا اخترت “بين الأمس واليوم” بالذات؟ هذا العنوان سكن فكري منذ عامين أو ثلاثة، في بداية الأمر كنت أبحث عن كتابة مسرحية في هذا المجال، حيث ستجسد مجموعة من الشخصيات أحداث العرض، غير أنه مع بداية كتابة النص أخذت الأفكار تتهاطل، ورأيت أنه لم يعد صالحا كعرض مسرحي، لأنه تجاوز مدة العرض المسموح بها والمقدرة بحوالي ساعة، والمواضيع المدمجة في هذا العمل مستوحاة من الواقع وليس من نسج الخيال، حيث وجدت أن العمل يتجاوز ساعتين ولا يمكن تقليصه أو حذف أي مقطع من النص، لذلك وضعت فكرة تقديمه كعرض مسرحي جانبا لأن هذا يتطلب إمكانيات كبيرة، كنت أؤمن أنه سيأتي يوم وأقدمه كسيناريو، بذلك كنت أضيف يوميا معلومات وأفكار، ومن هنا انتابتني فكرة تقديمه على شكل سلسلة موضوعاتية، كون المواضيع التي يتضمنها السيناريو متسلسلة ومتداخلة كل موضوع له علاقة بآخر، لكن لإخراجه على شكل مسلسل يجب أن يكون التصوير متواصلا ولا يتوقف إلى غاية الحلقة الأخيرة، ليتم عرضه على الجمهور، وهذا يحتاج إلى مصاريف كبيرة، لذلك تراجعت عن قراري وقرّرت تقسيم السيناريو إلى مواضيع؛ حيث أقدم كل واحد في حلقة.
كم عدد حلقات هذا العمل السينمائي الجديد؟ تضم السلسلة 26 حلقة، في البداية قررت تصوير أحداث كل حلقة في 32 دقيقة، لكن نظرا لأهمية الوقائع المعالجة تم رفعها إلى 52 دقيقة، لأنها جد هامة، ما عدا الحلقات الأربع الأولى التي تم الانتهاء منها وتدوم مدة عرضها 32 دقيقة، وسيتم تقديم حلقة كل أسبوع. الحلقة الأولى تتناول “المرأة الحامل”، عرضت يوم 21 جانفي بدار الثقافة “مولود معمري” لتيزي وزو، فيما سيتم عرضها على القناة الرابعة للتلفزيون الجزائري نهاية الشهر الجاري، على أن يتم عرض الحلقة الثانية في بداية فيفري المقبل.
كم تستغرق مدة تصوير كل حلقة؟ كل حلقة تستغرق أربعة أيام بالنسبة لمدة العرض المقدرة في بداية الأمر ب 32 دقيقة، لكن بعد اقتراح رفعها إلى 52 دقيقة ستتغير المدة ليكون العمل مميزا وجيدا، ومع كل حلقة يتم إعلام المشاهد بالحلقة المقبلة، مما يجعل المتتبع يتحمس لمحتوى الحلقة القادمة، ومتابعة العمل إلى النهاية هو أفضل نجاح وهدية يمكن أن أتلقاها.
ما هي المواضيع التي ستتطرق إليها في هذا العمل؟ السيناريو يحمل مواضيع مختلفة لها علاقة بالمجتمع القبائلي في عملية مقارنة بين الحياة والعادات قديما واليوم، كما سيتم التطرق عبر حلقات المسلسل إلى مواضيع منها “تيمشرط”، الزواج والعادات التي تصاحبه، الجنازة، “تجماعث نتدارث” التي تعتبر أسياسية بكل قرية حتى وإن كانت دشرة صغيرة، لأنها تحتضن سكان القرية لحل النزاعات، عقد الاجتماعات وغيرها، كذلك موضوع الأخوة بين الأمس واليوم، البيئة ودورها، الصحة والمشاكل التي يواجهها المريض وهو يقصد المؤسسات الصحية، المدرسة وغيرها من المواضيع.
كيف اخترت المواقع لتصوير أحداث هذا العمل؟ اخترنا مواقع تتماشى مع المواضيع، فبالنسبة لتلك المتعلّقة بالماضي، وقع اختيارنا على قرية “مقنيعة” بضواحي بلدية إيفيغا (دائرة أعزازقة) الجميلة، لأنها لا تزال تحافظ على هندستها المعمارية الرائعة، جمالها الطبيعي وجمال روح سكانها، ديكور جميل مناسب تماما للمواضيع المعالجة خاصة عند التطرق إلى الماضي كالزواج، الجنازة، “تجامعث نتدارث” وغيرها، فيما أن عمليات التصوير للمواضع المتعلقة بحياة اليوم فسيكون بالمدينة، حيث تم خلال الحلقة الأولى التصوير بمدينة بوغني، إذ وضع الطبيب دحمون عيادته تحت تصرفنا وجسد دور طبيب، وفي “تيمشرط”، تم اختيار قرية آيت سعادة، كما أغتنم الفرصة لأشير إلى أن مسرح “كاتب ياسين” ودار الثقافة “مولود معمري” ساهما في العمل ووفرا لفريق العمل الملابس القديمة.
هل ترى أن إنتاجك سيلقى نجاحا وينال إعجاب الجمهور؟ أنا جد متفائل، لأنه يعالج مواضيع تهم الكبير والصغير، كما أن موافقة التلفزيون على شرائه دليل على جودته، ومقتنع بأنه سيحدث ضجة.